أزمة الرئيس مرسى الأخيرة سببها من وجهة نظرى افتقاد آلية ديمقراطية حقيقية بعد الثورة ، فى أمريكا مثلاً عندما تنتهى ولاية الرئيس تنتهى معه أوتوماتيكياً ولاية ادارته بالكامل (حوالى13 ألف وظيفة) وهو مايفتح المجال أمام تولى وجوه جديدة للوظائف الأساسية فى الدولة فى عهد رئاسة جديدة وفكر جديد وهو شئ لابد منه فلايعقل أن يأتى رئيس جديد بادارة تنتمى الى الرئيس السابق .. الى ايديولوجية الرئيس السابق والى فكر الرئيس السابق ..فهذا يشبه ازالة الرأس وترك الجسد ..الرئيس الجديد من حقة ادارة جديدة يعينها هو بنفسه فتعمل وفق رؤيته ووفق قراره الحر لا ادارة تتحداه بسبب تناقض الفكر بينهما وتناقض الرؤى والانتماء لأنها عندئذ ستحاول افشاله أو اسقاطه من أجل تحقيق فكرها الخاص وسيحدث الصراع الحتمى على السلطة والذى لن يتحمل تكاليفه سوى الأمة والشعب والمستقبل..الأمم التى تريد أن تبدأ عصراً جديداً لاتفعل ذلك ..خصوصاً فى حالة ثورة ، فالثورة على أى شئ قامت ان لم تقم على النظام القديم ؟ وكيف يعمل الرئيس الذى أتت به الثورة بأدوات أتى بها النظام الفاسد الذى قامت الثورة ضده من الأساس. وحتى لا يلتبس الأمر على البعض فيعتقد أنى أقصد بالادارة الوزارة أقول ان الادارة المقصودة هى الوظائف القيادية والأساسية الأخرى فى الدولة مثل قيادات القضاء والداخلية والخارجية والدفاع وغيرها ..القيادات القديمة عندنا متوغلة ومتغلغلة ومتغولة وتابعة للنظام الذى كان وتشكل مراكز قوى حقيقية فى وجه الرئيس ..الأمر يشبه الحال قبل ثورة التصحيح التى قام بها السادات على مراكز القوى فى السبعينات ولو كانت لمصر آلية ديمقراطية حقيقية تعطى الرئيس الفرصة فى المجئ بادارتة الخاصة به لما احتاج السادات وقتها الى ثورة تصحيح ..ولما صارت مصر فى عهد الرئيس مرسى أشبه بالمركب التى لها ريسان ..حل المعضلة يبدأ بانسحاب العسكر الى ثكناتهم ..انهم الآن فى المكان والأوان الخطأ لامكان لحكم العسكر أو سلطتهم فى هذه المرحلة من تاريخ مصر ان وجودهم هو سبب كل المشاكل والأزمات واستمراره سيتسبب فى المزيد من عدم الاستقرار ولن تكون للرئيس الفرصة الكافية من أجل تطبيق برنامجه لنهضة مصر وحل مشاكلها ..وأؤكد لكل كارهى الاخوان أن المشكلة ليست فى الاخوان بل فى ازدواجية السلطة ..ولايجب أن ننسى أن الرئيس مرسى هو الرئيس الشرعى الذى جاءت به صناديق الانتخابات فعلى من يريد الانحياز الى احدى السلطتين المتنازعتين الآن وأقصد بهما سلطة العسكر وسلطة الرئيس المنتخب عليه أن ينحاز الى الشرعية .. الرجل الذى أساء الأدب فى مخاطبة رئيس الجمهورية وتحداه وهدده وأهانه هو فى الوقائع أساء الأدب مع الشعب الذى انتخب الرئيس والى مصر التى هو رئيسها..ولو لم يكن العسكرى طابقاً على أنفاس مصر ويوفر الحماية لأمثاله لما استطاع هذا الرجل أن يتفوه بما قال ..والسؤال : أين كان هذا الصنديد الشجاع حين ظل القانون ينتهك لعقود على يد مبارك وعصابته والفساد يستشرى والانتخابات تزور نهاراً جهاراً ..كان هذا الرجل ببساطة يشارك بالصمت فى هذه الجرائم التى ترتكب فى حق وطنه قانعاً بمكاسب شخصية تافهة وهو فى الواقع لم يكن مشاركاً بالصمت فقط بل وبالفعل الملموس وأذكره بأن تجريد الرئيس من لقبه ومخاطبته ب "الدكتور مرسى" هى جريمة يعاقب عليها القانون.. فى أمريكا مهما اختلفت مع الرئيس فأنت لا تملك سوى مخاطبته بصيغة: مستر بريزيدنت أو سيدى الرئيس فهذا حقه الأدبى الذى ان جردته منه فقد تعمدت اهانته وهذا يقع تحت طائلة القانون..ان احترام الرئيس هو علامة من علامات الوطنية يجب أن يدافع عنها الرئيس وتدافع عنها الدولة كلها والشعب كله والا فنحن غير متحضرين وغير كرماء..الناس التى ظلت مستعبدة لسنين من حقها اليوم أن تسترد حريتها ولكن ليس حريتها فى قلة الأدب والتطاول على رئيس الدولة.. يبدو أن الرئيس قد التزم الصمت ازاء هذه البذاءات عملاً بقول الامام الشافعى : يخاطبنى السفيه بكل سوء.. فأكره أن أكون له مجيبا..ولكن لا..فأنت قلت ياسيادة الرئيس انك ستدافع بكل ماأوتيت من قوة عن سلطة الرئيس لأنها فى الحقيقة سلطة الشعب وبنفس المنطق فعليك أن تدافع عن كرامة الرئيس لأنها من كرامة الشعب..على كل حال فتطاول ذلك الرجل على الرئيس أظهر بوضوح أن حجم فلول الفساد أكبر مما كنا نتخيل ولكنهم فى النهاية مجرد فلول مهزومة ولقد فضحوا أنفسهم وعليهم أن يتحملوا النتيجة ..أما عن السادة السياسيين الذين تحمسنا لمواقفهم الوطنية وصدقناها حين دعوا الى مليونيات لتطهير القضاء وقادوها بأنفسهم فهم أول من تحدث فى هذه الموقعة عن ضرورة احترام أحكام القضاء ..أنا صدقتك فى المرة الأولى فكيف أصدقك فى الثانية وأنت متناقض فى الحالتين؟ الأحداث كشفت لنا حقيقة الكثير من الوجوه والضمائر وهذاخير. ثقوا بأن الثورة ستنتصر بمشيئة الله. ..