خلال ساعات تبدأ الحكومة الجديدة مهامها, وتدب الحياة مرة ثانية في المقر الأصلي لمجلس الوزراء بقصر العيني, طبعاً المهام صعبة, والتركة ثقيلة, ولا ننسي الجهد الكبير الذي قامت به حكومة الدكتور كمال الجنزوري, في وقت حرج وصعب, اقتحمت الحكومة الكثير من المشاكل, والآن علي رئيس الحكومة الجديد أن يخرج من الإطار الضيق الذي تحدده له إدارة المراسم والامن والحراسة والأمانة العامة وهيئة المكتب, حتي لا يقع أسيراً عند هؤلاء, الذين تخصصوا في إبعاد الرئيس عن الشارع, وتقييده في إطار بروتوكول كبير, يحجبه عن نبض الشارع, وهموم الجماهير, هذه الحاشية ساعدت في تراجع شعبية رؤوساء الوزراء السابقين, وبالتالي الإسراع في خروجهم من رئاسة الحكومة, وأدعو رئيس الوزراء الجديد إلي تعلم الدرس من الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية المنتخب, الرجل حتي الآن يمارس حياته العملية ببساطة وتلقائية كما يريد, نشاطه المكثف وغير المسبوق, لم يدفعه الي الارتماء في أحضان حاشيته, ووقوعه فريسة لتعليمات عقيمة, تحت مسمي حمايته, وتأمينه، والمحافظة علي الاتيكيت والبروتوكول, بالمناسبة لا أنتقد وجود حاشية محترمة ووطنية تكون أداة حقيقية لمساعدة الرئيس ومعاونته, ولكن أرفض تماماً أن تسيطر علي أفعال وتصرفات الرئيس, وحسناً فعل «مرسي» عندما تدخل كثير لوقف سيطرة الحاشية عليه, وصمم علي التقرب من الناس فعلاً وقولاً, ولأنه رجل محترم, نراه يقوم يوم الجمعة الماضي أمام أكثر من مليون من المتظاهرين, بارتجال جزء كبير من خطبته الحماسية, وعندما تحرك رجال الحراسة والمراسم لحمايته, وأبعدوه قليلاً عن المنصة, لم يخاف الرجل, ووقف شجاعا صامداً, وصابراً, وفتح صدره أمام الملايين وقال إنه لا يخشي الموت, ولأنه لم ولن يرتدي قميصاً واقياً من الرصاص, وعند خروجه من المنصة شاهد مزيداً من الهتافات, فقام بإبعاد أفراد الحاشية, واندفع نحو الجماهير, هذه التصرفات ذكرت الناس بتصرفات زعماء سابقين, لم يخافوا الموت, وسجلوا أسماءهم بحروف من نور في سجل التاريخ, رغم أن بعضهم دفع حياته ثمناً لهذه الشجاعة مثل الرئيس الراحل أنور السادات والإمام حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين, هذا الرئيس الذي نتحدث عنه, أحدث واقعاً جديداً في القصر الرئاسي, هذا الواقع لم يرض الحاشية التي تربت علي واقع بال في عهد الرئيس المخلوع, وفوجئت بواقع جديد يسحب البساط من تحت أرجلها, لم يعجبها أن يصير القصر الجمهوري مفتوحاً أمام كل الناس, ولم يعجبها أن تري الرئيس ينزل الي الشارع بمفرده ليؤدي الصلاة جماعة في المسجد, رأه رئيساً من طراز غريب يمشي في الأسواق, ويأكل طعام البسطاء, لم يلتفت إلي «بهرجة» الحياة في القصر الرئاسي, وفضل أن يكون كما أراد, وليس كما تريد الحاشية التي تعيش أياماً فارقة, وتتجه إلي الانعزال.. أطلب من رئيس الوزراء الجديد, أن ينتبه الي هذه النقطة, أمامه فرصة تاريخية ليتخلص من سيطرة الحاشية وأقصد بها المراسم والأمن والحراسة وهيئة المكتب والأمانة العامة, وليعلم أن من سبقوه سقطوا في قبضة هذه الحاشية, وأبعدوه عن الناس, وابتعد عنهم الناس وكانت نهايتهم المحتومة الخروج من الوزارة, دون ان يتذكرهم أحد, ونحن الصحفيين كنا نري كيف صار رئيس الوزراء كالدمية في يد الحاشية, وكم قام أفراد الأمن والحراسة من إبعاد الصحفيين وأجهزة الإعلام, من الاقتراب من رئيس الوزراء, رغم أن الجميع يعرفوننا بالاسم ويعرفون أننا لانمثل خطراعلي حياة رئيس الوزراء ورغم ذلك كانوا يعاملوننا أسوأ معاملة, كل مايهمهم أن يزداد رضاء الرئيس عنهم وبالتالي تزداد الحوافز والمكافآت والسفريات والهدايا وغير ذلك ممن لا يتخيله أحد. يا رئيس الوزراء, أسرع بتغيير الحاشية القديمة فقد أسقطت من قبلك, وتأكد أن هناك ثورة قامت, وأن الناس تغيرت, وآن الاوان لتغيير الفكر العقيم, وأمامك رئيس الجمهورية المنتخب الذي ضرب أروع الامثلة في تفضيل حب الناس علي طاعة أفراد الحاشية, وحب الشارع عن حب أفراد الحراسة والمراسم, تأكد أن الحارس, والمنجي هو الله.