فاز الدكتور محمد مرسي بمقعد الرئاسة... ودخل التاريخ.. وعليه أن يحافظ علي مقعده... ومكانته في التاريخ... فأقلام المؤرخين لن تتوقف عن الكتابة... والتاريخ لم يغلق أبوابه بعد... وإما أن يخرج "مرسي" من التاريخ عبر باب أوسع.. أو يرسخ قدميه ويصنع لنفسه مكاناً وسط الخالدين... ولن ينجح الرئيس الجديد إلا إذا أيقن أن مصر سبقته بمكانتها... وعليه أن يلحق بها... وذلك سهل إن عرف أنه جاء إلي مقعده بثقة المصريين.. وحرص المجلس العسكري علي إرادة الشعب... ونزاهة القضاء... فالذي أعلن فوزه قاض... يرأس لجنة من قضاة مصر... ومطلوب منه أن يحلف اليمين أمام قضاة مصر... والذي امتنع عن التدخل مجلس عسكري ظننا به السوء... والذين منحوه أصواتهم مصريون.. وليسوا إخواناً... والذين امتنعوا عنه مصريون معارضون... وليسوا كفاراً... وقوة الحاكم يأخذها من معارضيه وليس من أتباعه... فالاستماع للمعارض عدل... ويكشف أخطاء لا نراها... ونقاش مع معارض أو سماع وجهة نظره.. أنفع للحاكم العادل من صمم يصيبه به مؤيدوه.. والطرب لهتافات الأنصار يذهب بالحاكم بعيداً عن هموم الناس. وعظيم أن يتقدم الرئيس المنتخب باستقالته من الأحزاب والجماعات لكن الأعظم أن يخلع عن نفسه عباءة الحزب... وعمامة الجماعة... وأن يصدق في رئاسته للمصريين جميعا... وأن يشعر المصريون بأن الاستقالة لم تكن ورقة... ولكنها معني... وسلوك... وانحياز للعامة علي حساب ما يعتقده أو يراه... خاصة أن الأصوات التي تتحدث باسم الرئيس المنتخب كثيرة... وتعزف نغمة نشاز... تفرق ولا تجمع.. وتدعو للانتقام لا للتسامح.. وعظيم أن يعلن الرئيس المنتخب تقديره للقضاء... والشرطة... والقوات المسلحة... لكن الأعظم أن يحترم أحكام القضاء... وأن يكون تنفيذها مسئوليته الأولي.. فبالقضاء جاء رئيساً.. وأحكام القضاء سيوف ترفعها السلطة التنفيذية... فإما أن يهدرها الحاكم فتتحول الي سيوف من ورق... لا تعيد حقاً... ولا تنصف مظلوما... وإما أن ينفذها فيحمي نفسه من الظلم.. وعهده من الديكتاتورية.. وأهله وعشيرته من الفوضي... والأعظم أيضاً أن يضع الرئيس شرطة البلاد في خدمة الشعب... فالشرطة تحمي المجتمع وليست لحماية النظام... ورجال الشرطة وان ظلموا في الماضي شرفاء... مصريون نفذوا من التعليمات ما قد لا يتفق مع عقيدتهم وإيمانهم... والأعظم أيضاً أن تكون تحية القوات المسلحة وتقديرها يليق بمكانتها... فقادتها حموا الشعب... والشرعية... وصانوا وحدة البلاد... وحافظوا علي حدودها... وأثبتوا أن العسكر أكثر ديمقراطية من كثيرين.. * الأيام القادمة ستثبت إن كان الرئيس المنتخب عند حسن ظن الشعب به... أم انهم أساءوا الظن فيه... وأن الشعب استخدم من الظن ما هو اثم... فإن فتح الرئيس مرسي أذنيه لنداءات الانتقام... فلن يصنع إلا الفوضي أو مزيداً منها...وإن سار بعقل غيره أغرقه... ولو سمح لسواه أن يملي عليه إرادة أو قراراً ضاع هو.. وضيعه صاحبه... وإن استعان بمستشاري السوء أهلكوه... فإن في مصر من مستشاري الخير كثيراً... والمصريون ليسوا جميعاً "إخوان"... والمشاكل الواجب مجابهتها اكبر من بقاء الجماعة أو حلها... ولو أن كل الذين صوتوا لمرسي هم الاخوان... فليسوا في مصر بالكثرة... وهم أقل عددا من أقباطها "المسيحيين"... وعلي الرئيس المنتخب وحده سيقع عبء زيادة أنصاره.. أو الانتقاص من قدرهم ومن أعدادهم. * عارضت اختيار الدكتور الجنزوري لرئاسة الحكومة... وكتبت أقول "أرفض الجنزوري"... واليوم يستحق الرجل أن نشيد به... وأن نضمه الي قائمة الرجال الذين أخلصوا في عملهم والذين ظلمهم النظام السابق. Email: