تحت عنوان "ثورة الربيع العربى الثانية" كتبت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" افتتاحيتها، حيث أشارت الصحيفة إلى أن ماحدث فى تونس منذ ايام من مواجهات بين السلفيين المتشددين، وحزب النهضة المعتدل الذى يسيطر على الحكومة، ما هو الا موجة ثانية من الربيع العربى، ولكنهما هذه المرة بين الاسلاميين انفسهم، ومن الممكن ان يقود ذلك الى التوافق والتوفيق بين الاسلام السياسة والديمقراطية، بما يساعد المنطقة من جديد. وقالت الصحيفة ان تونس التى انطلقت منها شرارة ثورات الربيع العربى العام الماضى ضد الانطمة الديكتاتورية، عادت مرة اخرى لتكون هى ايضا موطن الثورة الثانية. ورأت الصحيفة ان الاضطرابات الاخيرة التى شهدتها تونس وكان الاسلاميون المتشددون ابطالها، تعكس طبيعة الثورة الجديدة، والتى ستكون بين تيارات اسلامية محافظة، واخرى معتدلة. واشارت الصحيفة الى ان العديد من السلفيين ينظرون الى الحريات الشخصية والتعددية الدينية، باعتبارها اشياء وانماطًا غربية مستوردة، كما انهم يريدون حريات وفقا لتفسيراتهم الاسلامية. واضافت الصحيفة ان الاحداث والمواجهات التى وقعت يوم العاشر من يونيو الجارى عندما قام سلفيون متشددون بمهاجمة معرض فنى فى احدى ضواحى العاصمة تونس، بسبب ما اعتبروه اهانة، فى كتابة لفظ الجلالة "الله" بالرسم وسط حشرات على احدى اللوحات، يعكس حقيقة الخلاف بين الاسلام المعتدل والمتشدد . فقد أدت هذه الاحداث الى اعمال شغب فى الشوارع واسقطت قتيلاً واكثر من700 جريح واعتقال 160 شخصًا. ووصفت الصحيفة الاحداث بأنها الاسوأ منذ الاطاحة بالرئيس السابق "زين العابدين بن على" فى يناير 2011 ، حيث اضطرت الحكومة لفرض حظر التجوال ليلا. واعتبرت الصحيفة ان ما حدث يمثل تحديا لحزب النهضة الاسلامى المعتدل الذى يقود حكومة ائتلافية مكونة من احزاب علمانية، حيث يسعى الحزب لتبنى نموذجًا يجمع ما بين الديمقراطية والاسلام. فقد عارض الحزب ان تكون الشريعة الاسلامية هى اساس التشريع. وألمحت الصحيفة الى ان وزير الثقافة التونسى اضطر الى الغاء المعرض الفنى، وبرر الاحتجاجات بأن المعرض احتوى على ما يستفز المسلمين. كما قفز زعيم القاعدة "ايمن الظواهرى" على الاحداث، متهمًا حزب النهضة بخيانة الاسلام. الا ان الحكومة منعت احد القادة السلفيين من ممارسة عمله كواعظ دينى، بعد ان دعا الى قتل الفنان الذى رسم اللوحة، وهو ما فسره البعض على انه تأكيد من الحكومة على ضرورة ان يعمل السلفيون فى اطار الديمقراطية. وقالت الصحيفة ان الائتلاف الحاكم فى تونس بين الاحزاب العلمانية والاسلامية هو نموذج يحتذى به فى العالم العربى، الا ان الجدل الذى يدار حاليًا داخل الاحزاب الاسلامية هو ما اذا كانت الحكومة ستسمح للمؤسسات الدينية بتحدى السلطة، ام ان الحكومة يجب ان تعكس ارادة المسلمين وغيرهم من خلال المبادئ الديمقراطية. واضافت ان هناك مخاوف من الديمقراطية العلمانية من قبل الإسلاميين، وفى نفس الوقت هناك مخاوف من الإسلام الراديكالي من قبل الحكام العلمانيين، وهذا المخاوف هى سبب ما يحدث ويلعب الآن في مصر، حيث إن الجنرالات الحاكمين يقمعون جماعة الاخوان المسلمين، والجماعة تتظاهر وتحتج. ورأت الصحيفة ان تونس، بتحالف الاحزاب العلمانية والاسلامية معا، ساعدت كثيرًا فى تقليل هذه المخاوف، واذا سار الصراع بين السلفيين وحزب النهضة المعتدل، دون اللجوء للعنف والاساليب غير الديمقراطية، فإنه يمكن ان يقدم ثورة نظيفة ثانية تخدم الشرق الاوسط، كما فعلت الثورة الاولى العام الماضى.