البلد يدفع الآن ثمن الأخطاء الفادحة للجميع، الكل أخطأ في حق مصر، الثوار والأحزاب والتيارات الاسلامية والقوي الأخري وفي مقدمة هؤلاء المجلس العسكري حتي الاعلام ارتكب أخطاء فادحة عندما اهتم بقضايا هامشية ولم يناقش قضايا تهم شعب مصر أو مصير البلد.. الاعلام خضع لابتزاز من جميع القوي ومنها الثوار أنفسهم، ودافع عن مواقف خاطئة بغرض الانتقام من الماضي فقط لاغير حتي أهداف الثورة تم انتهاكها من الثوار أنفسهم، من ثار علي الظلم حول نفسه إلي ظالم ومن ثار علي غياب العدالة الاجتماعية أول من نسي هذا المبدأ عندما ذاق حلاوة الثورة حتي القضاة أخطأوا عندما تخلوا عن منصتهم العالية ونزلوا مع الناس في كل احتجاج فتحيزوا الي أحزاب وقوي سياسية وترتب عليه، تطاول الناس عليهم وفقدان الثقة العامة في أحكامهم ودخولهم حلبة الصراع مع البرلمان والقوي الأخري. والثوار أخطأوا عندما تركوا الميدان وتركوا الساحة لأدعياء الثورة والقوي الفوضوية، وللاسلاميين يعبثون بعقول الناس تحت مسمي الدفاع عن الدين وعن الشريعة مما جعلنا ندخل في صراع شرعيات ما بين الشرعية الثورية التي انتهت من يوم 19 مارس والشرعية الشعبية التي بدأت في نفس اليوم وترسخت مع انتخابات البرلمان وبدء انتخابات الرئاسة، وكنا ننتقد النظام السابق لانه يفرض الوصاية علي الناس ويتعامل مع الشعب المصري علي أنه طفل قاصراً فرأينا من الثوار من يقوم بهذا الدور بل يسب ويعلن الناس التي انتخبت مرشحين دخلا الاعادة، ولم يناقشوا انفسهم لماذا هذان المرشحان دخلا الاعادة وما هي الأخطاء التي وقعوا فيها بل أرادوا ان يعلنوا أنفسهم أوصياء علي الشعب المصري بما يسمي المجلس الرئاسي تارة ومن حكومة انقاذ وطني تارة أخرى. وزاد من الغموض مصير الجمعية التأسيسية الذي أصبح مصيرها في حكم الغيب، وبرلمان تفرغ لاقرار قوانين شخصية وأداء ضعيف رغم قبولنا بالنتائج ولم يخرج شخص واحد للشارع يعترض عليها، رغم أنه مطعون في دستوريته ووقعت الأحزاب في الفخ الذي نصبه لهم المجلس العسكري عندما رفض المجلس مشروع قانونها باجراء الانتخابات بنظام القوائم والسماح للمستقلين بتشكيل قوائم لهم وأصر علي حكاية الثلث والثلثين حتي إن انتخابات الرئاسة مصيرها معلق بحكم المحكمة الدستورية اليوم أو بعد شهر أو شهرين المهم أن مصير البرلمان والرئيس في يد المحكمة الدستورية. وهو ما يمكن ان يؤدي إلي انقلاب دستوري تقوده المحكمة بحكمين تلغي فيه نتائج الانتخابات البرلمانية، وتلغي فيه نتائج الانتخابات الرئاسية ويعود الأمر الي نقطة الصفر، وهنا ماذا سيكون مصير الحكم في مصر، هل سنمد الفترة الانتقالية عاماً ونصف العام وهل سيقبل الناس علي الانتخابات مثلما حدث في المرة الماضية؟ وهل ميزانية الدولة تتحمل كل هذه التكاليف؟ خصوصا أن ما تم صرفه من الحكومة علي الانتخابات وفقا لكلام رئيس الوزراء مليار و600 مليون جنيه، هذا من جانب الحكومة اما المرشحون صرفوا عشرة أضعاف هذا المبلغ علي أقل تقدير. أي أن أموالا طائلة ضاعت في الهواء في بلد يترنح اقتصاديا وأمنيا واجتماعيا في بلد أصبحت القيم الأخلاقية فيه منعدمة تماما، وأول من ينتهك هذه القيم هم دعاة القيم الأخلاقية ودعاة الدين والتدين. والتأسيسية كشفت بجلاء الصراع ما بين المجلس العسكري وجماعة الإخوان وأتباعهم من الأحزاب السلفية الذين لا يملكون أي رؤية للمستقبل، هذا الصراع تمثل في مراوغة الإخوان في إعداد الدستور الجديد فهم لا يريدون وضعه إلا بعد انتهاء انتخابات الرئاسة، فاذا فاز مرشحهم كان الدستور رئاسيا وإذا فاز الفريق شفيق سيكون دستورا برلمانيا أي نزع السلطات منه حتي يكونوا هم المتحكمين في الأمر، دستور أشبه بالدستور التركي. وبدأت معلومات تتسرب عن حدوث انقلاب علي السلطة من داخل قواتنا المسلحة، انقلاب يغلق الباب علي الجميع ويعيد إلي مصر نقطة الصفر هذا الانقلاب قد يكون في أي لحظة في حالة فشلت عملية التوافق علي الدستور هذه المعلومات تؤكد أن الأعضاء الحالين للمجلس العسكري سيقدمون استقالات جماعية ويحل محلهم التالي في القيادة وهم من سيقومون بحل البرلمان وإلغاء انتخابات الرئاسة والعودة بنا الي المربع صفر ووضع الدستور أولا ثم انتخابات رئاسية تليها انتخابات برلمانية. وإذا تعقدت الأمور أكثر من ذلك سيكون هذا الانقلاب علي الثورة وعلي الشرعية الشعبية واضحاً وصريحاً خاصة وأن الجميع يتحمل مسئولية هذه الحالة المعقدة غير المفهومة فكل لحظة تتغير الأمور وكل لحظة تتغير التحالفات، وكل لحظة تتغير المواقف هذا الوضع من حالة الغموض الحادة هي بداية لجرس انذار شهدتها كل الدول التي تعرضت لانقلابات عسكرية فهي المقدمات التي تؤدي اليه وادرسوا تاريخ الانقلابات في أفريقيا وأمريكا اللاتينية هي رياح تأتي وتهب ضعيفة وفجأة تتحول الي عاصفة عاتية. ونحن الآن أمام انقلابين، الأول دستوري بحل البرلمان ورفض نظر قانون العزل من المحكمة الدستورية، يتلوها انقلاب عسكري يقوده الصف الثاني من قيادات الجيش، خاصة أن المجلس العسكري فشل في كل المهام التي كان مكلفاً من الشعب القيام بها وأدخلنا في دوامة سياسية وحالة من الغموض والفوضي في كل مناحي الحياة وزاد حجم الفساد. ووقتها سيتحمل المسئولية الجميع فلن يخرج علينا أحد يحمل المسئولية للآخر الكل أخطأ والكل يجب ان يدفع ثمن هذا الخطأ ولن ينفع وقتها الندم ولن ينفع وقتها ميدان التحرير أو أي ميدان آخر.