دائماً حزب الوفد يقدم النموذج الذى يحتذى به، فعلى مر تاريخه الوطنى الطويل، نجد مشاهد وطنية قام بها زعماء الوفد التاريخيون.. فى كل معارك حزب الوفد سواء ضد الإنجليز والقصر وحتى أيامنا هذه، نجد الوفد بزعمائه ورؤسائه، يطلقون المبادرات والمواقف التى يسجلها لهم التاريخ بأحرف من نور.. فالوفد الذى أجرى أعظم انتخابات ديمقراطية على تولى رئاسة الحزب قبل ثورة «25 يناير» ونادى كل الأحرار فى الدنيا، بأن تطبق تجربة الوفد التاريخية على انتخابات مصر، ويومها اهتز عرش الرئيس السابق حسنى مبارك بسبب الانتخابات الديمقراطية على رئاسة حزب الوفد بين الدكتور السيد البدوى شحاتة ومحمود أباظة، وفاز فيها «البدوى» برئاسة حزب الوفد. ويوم «الأحد» الماضى، قدم الدكتور السيد البدوى نموذجاً رائعاً فى الإيثار لم تعهده البلاد من قبل، عندما أعلن صراحة على الملأ اعتذاره عن عدم الترشح لتأسيسية الدستور، بهدف إفساح الطريق أمام الآخرين للمشاركة فى لجنة المائة.. هذا الاعتذار له مدلولات كبيرة وعبر كثيرة... أولاً: رئيس الوفد وقيادات الحزب الذين لعبوا دوراً بارزاً ورئيسياً فى التوفيق بين الأحزاب والقوى السياسية، وجمع شمل كل التيارات الوطنية من أجل التوافق على معايير التأسيسية، وأهم هذه المعايير هو الاتفاق على مدنية الدولة وحرية الفكر والعقيدة والحفاظ على المادة الثانية من الدستور والإبقاء عليها مع إضافة فقرة أخرى تؤكد حق غير المسلمين من الديانات السماوية الاحتكام الى شرائعهم بشأن شئونهم الدينية وأحوالهم الشخصية.. ثانياً: إن رئيس الوفد وقيادات الحزب واجهوا متاعب كثيرة وليالى طويلة سواء داخل مقر الوفد أو خارجه من أجل توحيد الرأى والأهداف من أجل استنفار الهمم الوطنية فى لم شمل جميع التيارات والقوى السياسية،وتوحيد رأيها على كلمة سواء من أجل أن يكون الدستور معبراً عن جميع طوائف وفئات الشعب المصرى، وقد كلل الله هذه الهمم الصادقة الوطنية بالنجاح من أجل مصلحة الوطن والمواطن. ثالثاً: قضى الدور الرائع لحزب الوفد بفضل حكمة رئيسه ووازعه الوطنى على أى خلاف بين القوى الوطنية من أجل هدف أكبر ومصلحة أعم وأشمل هى خدمة مصر وشعبها العظيم الذى يحلم بحياة كريمة لن تأتى إلا إذا تحققت بديمقراطية سليمة لا تأتى إلا من إصلاح أحوال البلاد السياسية ويأتى على رأسها التوافق على معايير اختيار لجنة المائة التى ستضع دستور البلاد المعبر عن جميع أطياف الشعب المصرى. رابعاً: كان الدكتور السيد البدوى الذى لعب دور المهندس البارع فى توحيد صفوف القوى الوطنية والأحزاب السياسية ونبذ الخلافات جانباً من أجل هدف أسمى وهو مصلحة الوطن العليا، كان هذا الدور معبراً عن رغبة وطنية صادقة فى لم شمل الأطياف السياسية المصرية من أجل مصلحة مصر أولاً.. وهكذا تعودنا على ذلك من قيادات حزب الوفد أن تكون صاحبة ريادة يحتذى بها. خامساً: اعتذار «البدوى» يعد درساً فى التاريخ الوطنى لم نسمع به من قبل، وبرر البدوى عدم مشاركته فى التأسيسية بهدف الافساح لآخرين فى المشاركة فى التأسيسية مما يعطى انطباعاً عظيماً فى الإثيار... ففى الوقت الذى تشغل فيه ذهن «البدوى» قضية الدستور يعطى الفرصة لآخرين وبذلك يستحق الوصف القرآنى الكريم «ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة». ونضيف الى ذلك انه يعطى درساً رائعاً لكل من تسول له نفسه التكالب على السلطة والسعى إليها بكل السبل والوسائل المشروعة وغير المشروعة.. لكن هذه طبيعة كل الوطنيين فى حزب الوفد، لا تشغلهم سوى مصلحة الوطن على المصالح الشخصية، الضيقة.. مصلحة مصر هى الأبقى فمصر باقية والأشخاص زائلون.. تحية طيبة إلى البدوى الذى رسخ مبادئ الوفد فى الوطنية وضرب مثلاً وطنياً رائعاً قد يكون مر على كثيرين دون أن ينتبهوا له، فله منى باقة ورد وبطاقة محبة... ولحزب الوفد دائماً الريادة فى كل المواقف الوطنية.