حوار - صلاح الدين عبدالله: السعادة ليست فى المال وإنما فى الرضا والقناعة، وراحة البال، فكن كما أنت، فالسعيد من راض نفسه على الواقع، والتمس أسباب الرضا حيثما كنت، وكذلك بإيمانك أن القناعة والرضا حجر يحول كل ما يمسه ذهباً. «من يهوى ركوب الخطر، يعلم أن الطموح لهيب الحياة، فبدونهما لن تشعر بقيمة النصر» هكذا قرأ والده مستقبله منذ سنوات عمره الأولى، فغرس بداخله أن النجاح لا يتحقق بدون تعب أو تحمل مسئولية. مصطفى فوزى، رئيس مجلس إدارة شركة بايونيرز لتداول الأوراق المالية، الرؤية بدون عمل لديه أحلام يقظة، والحياة بدون طموح، لا فائدة منها، محطات مشواره لم تكن مفروشة بالورد، ولكن بالإصرار والعزيمة، ودعم أبويه، وزوجته نجح فى استكمال مسيرته. حديقة صغيرة، نهايتها مدخل لفيلا تبدأ بممر طويل، نهايته غرفة مكتبه، المكان يتسم بالهدوء، فلا تسمع سوى صوت الأقدام، حجرة بسيطة، تضم مكتباً للاجتماعات، وآخر للعمل، تصالحه مع نفسه أول انطباعاتى عن الرجل، بنبرة تفاؤل، بادرنى قائلاً: «مهما كانت الصعاب، بالإصرار تستطيع أن تصل إلى أقصى قمة النجاح، وهكذا حال الاقتصاد، الذى صار على المسار الصحيح، ليس اقتصادياً فقط، وإنما سياسياً، وأمنياً، حيث إن الرغبة فى العبور من عنق الزجاجة، أسهم فى حالة الاستقرار الاقتصادية، والتى كانت شرارتها مع عملية التعويم». كونه الابن الوحيد لم يعف من تحمل المسئولية، فقد أراده له والده النجاح، فحدد طريقه، ليتعلم الوصول إلى غايته، وكذلك حينما يتحدث عن تحمل رجل الشارع، فاتورة الإصلاح الاقتصادى، رغم السيطرة على الدعم، الذى كان ينهش فى جسد الناتج المحلى، ولكن تغير الحال فى ظل تراجع معدلات تضخم، ومعدلات نمو فى تصاعد. أقاطعه قائلاً: إذا كنا على المسار الصحيح، فما المطلوب لدعم هذا المسار؟ يجيبنى قائلاً: «علينا العمل بسياسة الخطط السريعة ومحفزة، كى يشعر المواطن محدود الدخل بالرضا، من خلال الإسراع بمنظومة الدعم النقدى وإحلاله محل الدعم العينى، وكذلك العمل على دعم الأنشطة كثيفة العمالة، ومنحها محفزات ضريبية، باعتبارها من الأنشطة القادرة على خفض معدلات البطالة، مثلما اتجهت الدولة إلى مظلة التأمين الصحى للمواطنين». «القدرات تتيح الاختيارات وهى التى كانت تتحكم فى الاقتصاد» هكذا أجابنى عندما سألت عن سر تأخر الإجراءات الاصلاحية، يقول: «طالبنا بالتعويم منذ سنوات،، ولكن كان للحكومة رؤيتها، وربما كانت للقيادة السياسية فلسفة أيضاً أن الأموال والاستثمارات قد تتدفق من الخارج، وبالتالى يجب الحفاظ على المواطن، ولكن مع التأخير كاد يتسبب فى ضرر للاقتصاد، ليكون قرار التعويم». الأمانة حمل ثقيل فى منهج الرجل، وكذلك للكلمة مسئولية، حينما يحلل المشهد فى السياسة النقدية يعتبر أن محافظ البنك المركزى، إذا تمكن بالوصول إلى التضخم فى مستويات بين 13% و14% سوف يسجل فى سطور التاريخ». أقاطعه...لكن مواجهة التضخم بأسعار فائدة مرتفعة، تسببت فى رفع فائدة الدين. يجيب الرجل وقد تبدت على ملامحه علامات التعجب قائلاً: «اللى على البر عوام، واللى فى البحر غرقان، لا يمكن الحكم على قرارات وتصرفات، دون معرفة الإمكانيات المتاحة، ويكفى أن السياسة النقدية حققت مسارها الصحيح مع تعويم الجنيه، بمنطق الصدمة الاقتصادية، وهذا أفضل من التعامل مع أزمة الدولار بالتخفيض التدريجى، التى كانت سوف تفتح مجالاً واسعاً للمضاربات والسوق السوداء». لا تزال السياسة المالية تمثل جدلاً كبيراً بين الخبراء، إلا أن «فوزى» له رؤية خاصة فى هذا الملف تقوم على الوضوح بأن الحكومة ملتزمة بكل إجراءات صندوق النقد الدولى، وبتنفيذ أجندته، ولكن على الحكومة العمل على استهداف القطاع غير الرسمى، وضمه فى منظومة الاقتصاد الرسمى، من خلال التعامل بنظام الفاتورة، وكذلك التعامل مع جميع المهن والحرف التى لا تقوم بسداد الضريبة، حيث من غير المقبول أن تحقق العديد من هذه المهن مكاسب كبيره دون القيام بسداد حق الدولة. خبرة الرجل الطويلة فى مجال البيزنس منحته قدرة كبيرة على تحليل مشهد الاستثمار، إذ يعتبر أن بيئة الاستثمار، والقانون وجهان لعملة واحدة، فلا يتحقق استثمار، أو حتى يتم استقطاب أموال دون البيئة والقانون، وقطعت الحكومة شوطاً طويلاً فى هذا الملف من خلال قوانين الافلاس، وحرية تدفق الأموال، والتخارج، وفض النزاعات، ولكن الأمر يتطلب المزيد من دعم هذا الملف بحوافز قادرة على استقطاب المزيد من الاستثمارات. الشغل الشاغل للرجل اهتمام الحكومة بملف القطاع الزراعى، والتصنيع الغذائى، وذلك لاعتبارها، كلمة السر فى زيادة العملة الصعبة من خلال التصدير، والذى شهد طفرة خلال الفترة الماضية، فى ظل سياسة إحلال محل الواردات، فى ظل الميزة التنافسية التى تحظى بها هذه المنتجات بعد تحرير سعر الصرف، وكذلك العمل والاهتمام بقطاع التعدين القادر على جذب استثمارات وإحياء مناطق فى الصعيد غنية بهذه الصناعات، وكذلك الاهتمام بقطاعات الصحة والتعليم، خاصة الفنى، القادر على دعم الصناعة المحلية، بالإضافة إلى الطاقة البديلة. «الإصرار على النجاح منطق مطلوب من القطاع الخاص التعامل به، حيث لا توجد دولة فى العالم تستطيع النمو، دون القطاع الخاص، بحيث دور الدولة الرقابة والتنظيم، حتى تساعد القطاع فى تصحيح الصورة الذهنية، والعمل على مشاركته فى كافة المشروعات الخدمية، حتى يستطيع النهوض». لا تزال طروحات الحكومة بالبورصة تمثل جدلاً، حول تأخرها، لكن «فوزى» لديه رؤية خاصة فى ذلك تبنى على أن الحكومة عليها أن تحدد إذا كانت هذه الطروحات هدفاً أو وسيلة، وكذلك العمل على دعم المراكز المالية لهذه الشركات، وحين يتوافر ذلك، وقتها يكون المشهد مناسباً للطرح. بدون الطموح لا طعم للحياة، على هذا أسس فلسفته، لذلك رافقه النجاح فى مسيرته، حينما تولى إدارة شركة بايونيرز للسمسرة فى 2016 حدد استراتيجية تقوم على الحلم والرؤية، فالشركة كانت تمر بمرحلة انتقالية بعد ثورة يناير، وتتطلب رؤية تقوم على الابتكار مع استقرار الأوضاع، يسهم فى نقل الشركة إلى مسار أكثر توسعاً، وريادة، وبالفعل نجح الرجل فى جذب كفاءات عالية، وتوفير بيئة صالحة للعمل، أسهم ذلك فى تبنى استراتيجية أكثر توسعاً بزيادة فروع الشركة من 15 فرعاً إلى 17 فرعاً خلال العام الحالى بافتتاح فرعين جديدين بالتجمع الخامس ومدن القناة، خاصة أن رأس مال الشركة يبلغ 65 مليون جنيه. للرجل أحلام كبيرة مع الشركة تتمثل فى إضافة نشاط التمويل العقارى، والتأجير التمويلى، وإدارة للبحوث، وقطاع لمنطقة الخليج، بحيث يتحقق الحلم بتأسيس بنك مالى منفصل عن بايونيرز القابضة، ليس ذلك فحسب بل إن الرجل يسعى إلى العمل على توسيع قاعدة العملاء الأفراد، والمؤسسات المالية المحلية والأجنبية والعربية. خبرة الرجل الطويلة فى المجال التى تجاوزت 25 عاماً دفعته إلى الترشح لانتخابات عضوية مجلس إدارة مصر للمقاصة، على مقعد السمسرة، حيث يسعى إلى تقديم كل ما فى جعبته، والمساهمة فى خدمة السوق، من خلال رؤية متكاملة بالعمل على زيادة العوائد للشركات، وتبنى فكر يسهم فى تطوير الصناعة. يحظى الرجل الأربعينى بالقبول بين أصدقائه، ويسعده ذلك، يجد متعته فى القراءة، التى تضيف له المزيد، من تجارب الحياة، شغوف بالرياضة، ومنها كرة السلة التى تمنحه التركيز، مغرماً بالألوان الخضراء التى توحى إلى النماء، وكذلك اللون الأزرق الذى يشعره بالصفاء، لكن يظل حلمه الوصول بالشركة إلى الريادة، وتحقيق كيان مالى كبير.. فهل ينجح فى تحقيق ذلك؟