اليوم| الأهلي يتسلم درع الدوري عقب مواجهة جورماهيا    ألافيس يحسن مركزه في الليجا على حساب إشبيلية    حبس متهم مفصول من الطريقة التيجانية بعد اتهامه بالتحرش بسيدة    رسميا.. رابط الواجبات المنزلية والتقييمات الأسبوعية ل الصف الثاني الابتدائي    فيلم «السرب» يتصدر الأعلى مشاهدة في مصر بعد طرحه بساعات على «watch it»    مقتل 3 وإصابة العشرات بقصف أوكراني على دونيتسك    فلسطين.. شهيد وعدة إصابات جراء قصف الاحتلال لمنزل في خان يونس    ضبط 12شخصا من بينهم 3 مصابين في مشاجرتين بالبلينا وجهينة بسوهاج    مدحت العدل يوجه رسالة لجماهير الزمالك.. ماذا قال؟    هل يؤثر خفض الفائدة الأمريكية على أسعار الذهب في مصر؟    فصل التيار الكهرباء عن ديرب نجم بالشرقية لأعمال الصيانة    رياضة ½ الليل| مواعيد الإنتركونتينتال.. فوز الزمالك.. تصنيف القطبين.. وإيهاب جلال الغائب الحاضر    النيابة تأمر بإخلاء سبيل خديجة خالد ووالدتها بعد حبس صلاح التيجاني    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 21-9-2024    مندوب سوريا يطالب مجلس الأمن بإدانة الهجمات الإسرائيلية على لبنان    درجات الحرارة في مدن وعواصم العالم اليوم.. والعظمى بالقاهرة 34    أرباح أكثر.. أدوات جديدة من يوتيوب لصناع المحتوى    عمرو أديب: بعض مشايخ الصوفية غير أسوياء و ليس لهم علاقة بالدين    مريم متسابقة ب«كاستنج»: زوجي دعمني للسفر إلى القاهرة لتحقيق حلمي في التمثيل    هاني فرحات: جمهور البحرين ذواق للطرب الأصيل.. وأنغام في قمة العطاء الفني    وفاة والدة اللواء محمود توفيق وزير الداخلية    عاجل - رياح وسحب كثيفة تضرب عدة محافظات في العراق وسط تساؤلات حول تأجيل الدراسة    موعد إجازة 6 أكتوبر 2024 للموظفين والمدارس (9 أيام عطلات رسمية الشهر المقبل)    "حزب الله" يستهدف مرتفع أبو دجاج الإسرائيلي بقذائف المدفعية ويدمر دبابة ميركافا    وزير الخارجية: الجهد المصري مع قطر والولايات المتحدة لن يتوقف ونعمل على حقن دماء الفلسطينيين    محامي يكشف مفاجآت في قضية اتهام صلاح التيجاني بالتحرش    صرف فروقات الرواتب للعسكريين 2024 بأمر ملكي احتفاءً باليوم الوطني السعودي 94    مواصفات فورد برونكو سبورت 2025    في احتفالية كبرى.. نادي الفيوم يكرم 150 من المتفوقين الأوائل| صور    عبد المنعم على دكة البدلاء| نيس يحقق فوزا كاسحًا على سانت إيتيان ب8 أهداف نظيفة    مواصفات هاتف Realme P2 Pro الجديد ببطارية كبيرة 5200 مللي أمبير وسعر مميز    ملف يلا كورة.. تأهل الزمالك.. رمز فرعوني بدرع الدوري.. وإنتركونتيننتال في قطر    معسكر مغلق لمنتخب الشاطئية استعدادًا لخوض كأس الأمم الإفريقية    الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية تعزى وزير الداخلية فى وفاة والدته    نائب محافظ المركزي المصري يعقد لقاءات مع أكثر من 35 مؤسسة مالية عالمية لاستعراض نجاحات السياسة النقدية.. فيديو وصور    حفل للأطفال الأيتام بقرية طحانوب| الأمهات: أطفالنا ينتظرونه بفارغ الصبر.. ويؤكدون: بهجة لقلوب صغيرة    "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".. أذكار تصفي الذهن وتحسن الحالة النفسية    «الإفتاء» توضح كيفية التخلص من الوسواس أثناء أداء الصلاة    وصلت بطعنات نافذة.. إنقاذ مريضة من الموت المحقق بمستشفى جامعة القناة    بدائل متاحة «على أد الإيد»| «ساندوتش المدرسة».. بسعر أقل وفائدة أكثر    ضائقة مادية.. توقعات برج الحمل اليوم 21 سبتمبر 2024    وزير الثقافة بافتتاح ملتقى «أولادنا» لفنون ذوي القدرات الخاصة: سندعم المبدعين    أول ظهور لأحمد سعد وعلياء بسيوني معًا من حفل زفاف نجل بسمة وهبة    إسرائيل تغتال الأبرياء بسلاح التجويع.. مستقبل «مقبض» للقضية الفلسطينية    وزير الخارجية يؤكد حرص مصر على وحدة السودان وسلامته الإقليمية    بعد قرار الفيدرالي الأمريكي.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم السبت 21 سبتمبر 2024    راجعين.. أول رد من شوبير على تعاقده مع قناة الأهلي    مستشفى قنا العام تسجل "صفر" فى قوائم انتظار القسطرة القلبية لأول مرة    عمرو أديب يطالب الحكومة بالكشف عن أسباب المرض الغامض في أسوان    حريق يلتهم 4 منازل بساقلتة في سوهاج    انقطاع الكهرباء عن مدينة جمصة 5 ساعات بسبب أعمال صيانه اليوم    تعليم الإسكندرية يشارك في حفل تخرج الدفعة 54 بكلية التربية    تعليم الفيوم ينهي استعداداته لاستقبال رياض أطفال المحافظة.. صور    أخبار × 24 ساعة.. انطلاق فعاليات ملتقى فنون ذوي القدرات الخاصة    أكثر شيوعًا لدى كبار السن، أسباب وأعراض إعتام عدسة العين    أوقاف الفيوم تفتتح أربعة مساجد اليوم الجمعة بعد الإحلال والتجديد    آية الكرسي: درع الحماية اليومي وفضل قراءتها في الصباح والمساء    الإفتاء: مشاهدة مقاطع قراءة القرآن الكريم مصحوبة بالموسيقى أو الترويج لها محرم شرعا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يا أمة ضحكت...
نشر في الوفد يوم 17 - 03 - 2012

يتعرض رئيس الوزراء ديفيد كاميرون لحملة ساخرة من الكاريكاتير والنكات، طاردته حتى شواطئ أميركا.
أثناء تحقيقات مفوضية ليفيسون في ممارسات الصحافيين، وإذا كانت اتصالاتهم بضباط البوليس تضمنت رشاوى، اتضح أن ريبيكا بروكس، (رئيسة تحرير سابقة في مجموعة صحف مردوخ) تسلمت فرسا كانت مع قوات البوليس وأحيلت إلى التقاعد.
زوجها تشارلز بروكس، وهو مربي خيول، كان زميلا لكاميرون في المدرسة الثانوية. وبعد إلحاح من الصحافيين، ومراوغة من معاوني رئيس الوزراء، اعترف الأخير بأنه ركب الفرس أثناء التريض مع صديق الدراسة.
فيضان السخرية تجاوز الكاريكاتير إلى نكات الخيول اللفظية على رئيس الوزراء والفرس، وبروكس وزوجته، خاصة مع ثراء اللغة الإنجليزية في ازدواج معاني الكلمات، وفي تعددية كلمات تسمي الشيء نفسه.
يتميز الإنجليز بسرعة البديهة wit في ابتكار ما يعرف بال pun (بالمصرية «القافية»، ليست قافية البيت الشعري، وإنما نكتة من ازدواجية المعنى مثل «واحد راح يقعد على القهوة قعد على الشاي»).
وهناك quip وبالمصرية «القفشة» بتفتق الذهن فوريا بربط التناقضات، أو ربط حدثين لحظيا كسؤال ساخر «هل ستدلي الفرس بشهادتها أمام مفوضية ليفيسون؟» (أي ربط تحقيقات بوليسية بالصحافة).
تهكم نواب البرلمان على رئيس الوزراء بقفشات الخيول كانتقاد ازدواجية سياسة حكومة ائتلاف الأحرار والمحافظين بسؤال زعيم المعارضة «أتركب فرسين في وقت واحد؟»؛ «والفشل في القفز على حاجز الاقتصاد».
لم يغضب كاميرون، بل شارك في السخرية قائلا إنه في انتظار «الفارس المنقذ» وتفضيله «البقاء في الإسطبل على برد المضمار». سخريته على نفسه زادت من مساحة التغطية الصحافية له، والناخب يفضل السياسي الخفيف الدم.
كان السير ونستون تشرشل اشتهر بقفشاته اللاذعة، وكان معروفا بعدائه الشديد لاشتغال المرأة بالسياسة، واستفز بتهكمه غريمته السياسية الليدي استور. ولأن التقاليد البرلمانية تقضي بتوجيه المناقشات إلى speaker أو رئيس الجلسة وليس للخصم، تحدثت الليدي عن تشرشل بضمير الغائب موجهة الحديث إلى الرئيس بقولها «أعتقد أن الجنتلمان صاحب الشرف سكران في غير وعيه»، فرد تشرشل أيضا بضمير الغائب «سيدي الرئيس.. أعتقد أن السيدة صاحبة الشرف قبيحة الوجه.. أما أنا فسأسترد وعيي في الصباح». (باعتبار أن قبح الوجه دائم).
تقبل الساسة سخرية الآخرين، ومشاركتهم الضحك، يجعلهم في نظر الناخب بشرا عاديين، فيسامحهم عندما يخطئون، ويتعاطف مع مشاكلهم الشخصية كمواطنين.
ولذا لا ترى رئيس الوزراء البريطاني مثلا في موكب بموتوسيكلات. فقط سيارته وبجانب السائق يجلس شرطي بملابس مدنية، وهو في المقعد الخلفي مع أحد مستشاريه. ولأن مكتبه على بعد 200 متر من مجلس العموم، يسير على قدميه، مع ضابط بوليس بملابس مدنية، واثنين أو ثلاثة من معاونيه، ويعبر شارع وايتهول المزدحم بالسياح إلى زقاق فيه مدخل جانبي لمبنى متصل داخليا بالبرلمان، أي يسير نحو 100 متر على قدميه.
ورغم التهديدات من الإرهاب، وإلحاح رجال الأمن، يعتبر ركوب سيارة لمسافة قصيرة إهدارا للمال العام سوف يثير انتقاد الصحافة وسخريتها وينقص من صورته؛ حيث سيبدو كمواطن كسول. وبالمناسبة مرتب رئيس مجلس بلدي أو طبيب ممارس عام أعلى من مرتب رئيس الوزراء (134 ألف جنيه)، وهو رقم معروف علنا.
ولا تجد في أشباه البرلمانات العربية من يخرج بقفشة خفيفة الظل تضع البسمة على الشفاه. ولا توجد في صحيفة عربية قفشة أو نكتة على وزير، فما بالك برئيس حكومة أو حاكم؟
أذكر مشاركتي في مناقشة على الهواء في تلفزيون عربي عام 2001، سألتني المذيعة «هل تعتقد أن عرفات ممكن يتوصل إلى تسوية مع باراك برعاية كلينتون قبل أسبوع من نهاية رئاسته؟» وإذا بالمسؤول الفلسطيني المشارك يصرخ من رام الله مقاطعا «اسمه الرئيس ياسر عرفات»، فتساءلت المذيعة مندهشة في براءة «طيب وأنا قلت إيه؟ هو أنا نطقت الاسم صح، ولا غلط يا أستاذ عادل؟» وهززت رأسي موافقا، مشاركا إياها الدهشة لأن نطقها كان سليما للأسماء الثلاثة. وإذا بالمسؤول الفلسطيني يصيح بصوت أعلى «اسمه فخامة الرئيس ياسر عرفات، أو دولة الرئيس، أو تقولي معالي الرئيس».
والمذيعة لم «تفخم» باراك أو رئيس القوة العظمى الأولى في العالم؛ كلينتون.
وبالمفهوم نفسه استخدم ديسك الصور في الأهرام برنامج كومبيوتر لتزييف صورة مجموعة زعماء، ليظهر حسني مبارك في الأمام، وبقية الزعماء وراءه، بينما العكس كان الواقع. في حين أن الرئيس الأميركي نفسه، ومعظم رؤساء العالم، ومستشاريهم في مكاتبهم، لا يوجعون رؤوسهم بهذه التفاهات.
طبعا هناك أسباب سيكولوجية واجتماعية وثقافة صحافية متخلفة تضع الوزير والمسؤول في مرتبة لا تطالها السخرية والضحك، رغم أن الضحك موهبة أنعمت بها الطبيعة على الجنس البشري من أجل البقاء، فالغم والحزن والجد الدائم يسبب الأمراض؛ لكنني أنظر إلى السبب السياسي المتعلق بشرعية نظام الحكم.
فزعماء الديمقراطيات الناضجة لا يعانون من «عقدة النقص» ويرون أنفسهم موظفين عند الناخب، يعينهم أو يفصلهم في صندوق الاقتراع. وكأي متسابق على الوظيفة يطرح أهم مؤهلات موسم الانتخابات كخفة الدم واللباقة، وسرعة البديهة، وإمكانية محاورة بائع متجول أو ربة بيت بنفس البساطة والاحترام الذي يحاور به رئيس دولة أخرى، ويتساوى تبادل النكات والمزاح في الحالتين (كتبادل الرئيس أوباما وكاميرون المزاح حول قصف القوات البريطانية للبيت الأبيض قبل 200 عام).
وهناك «عقدة النقص» السياسية عند الرئيس غير المنتخب، لفقدان شرعية تفويض الشعب له، وبالتالي يلجأ إلى ما يعرف في السيكولوجيا بميكانيزم الدفاع. ميكانيزم تضخيم الذات (بمساعدة نفاق معاونيه) إلى مستوى لا يتطلب - في مخيلته - تعيين الشعب له في المنصب، ويصدق خرافة أنه هبة السماء إلى الوطن وبلا قيادته ستذهب الأمة في «ستين داهية» وتضيع منها معالم الطريق. (خذ مثلا صيحة الكولونيل القذافي في من أمسكوا به «هل تعرفون الخطأ من الصواب؟»).
ولن تهب هبات النسيم التي تسبق فجر الديمقراطية على العالم العربي حتى نرى خفة دم وسرعة بديهة «وقفشات» الساسة العرب، وظهور كاريكاتيرات تسخر من رؤساء الحكومات والوزراء كما كان حال صحف ك«البعكوكة» و«المقطم» و«المصري» و«الأخبار» قبل انقلاب 1952 العسكري في مصر.
ولا داعي أن يضحك دعاة الديمقراطية العرب على أنفسهم، بل يكتفون بالضحك على مناظرات رئيس الوزراء (المبثوثة على موقع مجلس العموم)، مشاركا في السخرية من نفسه، مستمتعا من شكله بتصوير رسامي الكاريكاتير الذين تتحطم أيدي وضلوع نظرائهم في بلاد عربية.
نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.