كتبت – لميس الشرقاوي فاجأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب العالم بقراره الجديد حول العقوبات الإيرانية، عندما قرر تعليق العقوبات المفروضة على إيران ومنح صفقة النووي الإيراني "قبلة الحياة" لمدة 120 يومًا آخرين، وذلك بعد تصريحاته الحاسمة في أكتوبر الماضي حول ضرورة إعادة فرض العقوبات على إيران مجددًا بعد موافقته على مضض بإلغائها أمام الكونجرس في 18 يوليو الماضي ووعده بعدم تكرار مثل هذا الخطأ، "لأن الصفقة أصبحت في غير صالح واشنطن"، وفقًا لتصريحاته. وفي ظل تعاقب الأحداث السياسية في طهران التي شهدت أقوى مظاهرات منذ عام 2009 خلال الأسبوعين الماضيين، تكهن الخبراء بأن قرار ترامب بتجديد الثقة في صفقة النووي الإيراني بعدم فرض العقوبات مجددًا، أمرًا لم يكن من فراغ بل يستند لمصالح أمريكية بعيدة المدى. حفظ ماء الوجه أكدت افتتاحية أمريكية لصحيفة واشنطن بوست، على أن ترامب لم يتجه لإبطال الصفقة بإعادة تطبيق العقوبات لأن ذلك ليس حلًا سليمًا، أولًا لأنه سيؤدي لعزلة أمريكا وجعلها منبوذة من شركائها المؤيدين للصفقة، مثل الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين، وسيفتح باب الفرصة أمام طهران لاستعادة نشاطها النووي. من جانب آخر، أكد بيتر ويستماكوت، الذي عمل سفير بريطانيا لدى واشنطن في الوقت الذي تم فيه التفاوض على الاتفاق، أن "ترامب يجب عليه وقف فرض العقوبات للسماح باستمرار المظاهرات في طهران وتغيير النظام الحاكم، لأن فرضها سيجعل أمريكا تظهر في دور مختلق الأزمات بمنطقة الشرق الأوسط، الغارقة في الأزمات بالفعل". من وجهة نظرها، ترى سوزان مالوني، زميلة معهد بروكينجز للشرق الأوسط، في مقالها بموقع "جلوبال تريد" أن ترامب إذا كان وقف تمديد العقوبات، لكانت تلك أكبر القرارات الخاطئة التي كانت ستتخذ بشأن هذا الملف، لأنه قرار كان سيؤدي إلى توتر أسعار النفط والاتجاهات الاقتصادية العالمية، ما يؤدي لتشجيع إيران على المضي قدمًا في برنامجها النووي، وكان سيدفع الوضع بين طهرانوواشنطن لمواجهات مباشرة مستمرة وتصريحات معادية، ولذلك فالقرار الأمريكي جاء حفظًا لماء وجه الإدارة الأمريكية في الشرق الأوسط التي أصبحت معروفة بإثارتها البلبلة بقراراتها غير المعتدلة والتي تضع مصلحة "أمريكا أولًا"، بحسب الشعار المفضل لترامب. المرة الأخيرة أكد ترامب خلال تصريحاته أول أمس، حول السماح بتمديد تعليق العقوبات الاقتصادية المفروضة، أن تلك ستكون المرة الأخيرة لطهران التي تنعم فيها بفترة تمديد، وذلك أملًا منه في الحصول من الأوروبيين على تعديلات جديدة تسد ثغرات الاتفاق "الفظيعة"، من وجهة نظره. في هذا الصدد، يقول موقع ستراتفور الأمريكي إن إدارة ترامب تمهلت في منح إيران قرار تمديد عدم فرض العقوبات من أجل الحصول على اتفاقيات جديدة تضغط على عدم ممارسة إيران لأنشطة أخرى غير نووية تشمل دعمها للوكلاء الإقليميين مثل حزب الله وبرنامج القذائف الباليستية وانتهاكات حقوق الإنسان. بالإضافة إلى أن المهلة تعطي ترامب فرصة أيضًا لإزالة أحكام "غروب الشمس" من الصفقة، التي ترفع بموجبها قيوداً معينة كانت قد وضعت على إيران لما بين عشرة إلى خمسة عشرة عاماً بعد أن دخلت الاتفاقية حيز التنفيذ في يناير 2016. ويشير الموقع إلى أنه على الرغم من ضيق فترة المهلة إلا أن ترامب لا يريد مواجهة أزمتين نوويتين - كوريا الشماليةوإيران – في نفس الوقت نفسه.