شن الدكتور مجدى الجزيرى أستاذ الفلسفة بكلية الآداب جامعة طنطا هجوما حادا على وزارة الثقافة, ووصف أداءها بأنه فى عزلة تامة عن متغيرات الشارع المصرى, ولم يصل اليها بعد خطاب الثورة المصرية فالمصالح الخاصة تحكمها, وسياسات الحزب الوطنى المنحل ما زالت تخيم عليها, واسلوب الخديعة ومنهجه يستهويها وضرب مثالا بالمجلس الأعلى للثقافة الذى استمر حتى الآن - وبعد الثورة- مجرد صدى للذهنية التى حكمت المنظومة السياسية والثقافية والأمنية التى سادت مصر فى العهد البائد, واذا كان الوضع كذلك فإن الثقافة على هذه الحالة يصبح عبئا ثقيلا علينا جميعا. التقينا الدكتور الجزيرى ليوضح تفاصيل تلك الاتهامات فكان معه هذا الحوار.... **فى البداية حدثنا عن تشكيل لجان المجلس الأعلى للثقافة الأخيرة؟ -المجلس فى دوراته السابقة استطاع أن يكسر – الى حد ما - الهيمنة السياسية والقبضة الامنية المفروضة على ضمائرنا بفضل بعض رموزه الشرفاء أمثال الدكتور حامد عمار والدكتور فؤاد زكريا والدكتورمحمود أمين العالم, وغيرهم من الرموز المعارضة والمستقلة قلبا وقالبا عن الحزب الوطنى المنحل, لا يمكن لاى شخص أن ينكر أو يتجاهل دورها فى مسيرتنا الثورية, ومن ثم فإن ما أقدمت عليه وزارة الثقافة فى عهد الوزير السابق عماد أبو غازى من تأكيد لمبدأ الانتخاب فى اختيار لجان المجلس قد لاقى كل الترحيب والتقدير من جموع المثقفين شأنه شأن تطبيقه فى مجال اختيار القيادات الجامعية, وتعهد الوزير الحالى بإقرار نفس المبدأ ولكن للأسف حدث ما لم يكن فى الحسبان. ** وماذا حدث؟ - الوزارة نقضت عهدها ولم تلتزم به, كما انها لم تضع آليات ومعايير واضحة تجرى الانتخابات على أساسها وفضلت طريق الاختيار, واختارت على هواها أعضاء اللجان ومقرريها طبقا لعلاقات الصداقة والزمالة والإعارة, فعلى سبيل المثال الوزير المحترم تخرج فى جامعة القاهرة فأختار صديقه وزميله فى الجامعة والاعارة من قبل لمنصب أمين عام المجلس الاعلى للثقافة, رغم أن هذا الأمين عندما رشح نفسه لمنصب عمادة كلية الآداب جامعة القاهرة جاء ترتيبه الأخير!. **وما دلالة ذلك من وجهة نظرك؟ - جاء تشكيل المجلس مخيبا للآمال وانتقلت خصومات وعدوات الاساتذة فى الوسط الجامعى الى مجال المجلس الاعلى للثقافة لتعبر بصدق عن ازمة الجامعات المصرية وتناقضاتها بدلا من ان تكون قوة دفع لحياتنا الثقافية واثراء لها؛ فالمصالح والاهواء والميول هى التى تحكمت فى اختيار أعضاء اللجان وتم استبعاد واقصاء من هم خارج دائرة المقربين من وزير الثقافة . **كيف تم ذلك؟ -لان وزير الثقافة –كما قلنا- ينتمى قلبا وقالبا لجامعة القاهرة جعل لها نصيب الاسد فى تشكيل اللجان , فعلى سبيل المثال نصف أعضاء لجنة الفلسفة من كلية الاداب جامعة القاهرة تحديدا (مع استبعاد جميع أستاذة الفلسفة بكلية دار العلوم بنفس الجامعة), ومقرر لجنه الفلسفة الدكتور حسن حنفى وهو فى نفس الوقت مقرر لجنه ترقية أساتذة الفلسفة ورئيس الجمعية الفلسفية , ولابد لسيادته من تولى جميع اللجان والهيئات الفلسفية. **ولماذا تم استبعاد البعض؟ وعلى أى اساس؟ -لأن هناك من رفض عضوية الجمعية الفلسفية ومنهم الدكتور عاطف العراقى والدكتورة زينب الخضيرى والدكتورة هدى الخولى وشخصى المتواضع فجاء قرار استبعادنا جميعا, ونظر لعلاقة الجمعية الفلسفية بالمعهد السويدى –وهذه قصة أخرى- فانه من الطبيعى أن تحظى كلية آداب اسكندرية بأربعة مقاعد فى لجنه الفلسفة بمباركة الدكتور حسن حنفى وموافقة وزير الثقافة. **وماذا يعنى ذلك من وجهة نظرك؟ - يعنى ببساطة ان وزير الثقافة انحاز للدكتور حسن حنفى واستبعد كل من خالفه فى الرأى أو الفكر خاصة ان الدكتور سعيد توفيق قد سبق واعلن خصومته صراحة لى وللدكتور العراقى وقدم استقالة مسببة تحمل سبا وقذفا لنا . **اتهمت وزارة الثقافة بأنها خدعت المثقفين ما دليلك؟ -أطرح فقط بعض الاسئلة وأريد الاجابة عنها؛ اذا كانت الثورة قد لفظت أعضاء الحزب الوطنى المنحل فلماذا أفسح لهم وزير الثقافة مكانا فى لجان المجلس فمثلا الدكتور جابر عصفور بعد أن تولى مناصب قيادية فى وزارة الثقافة آخرها منصب الوزير, وبعد ان حصل على جائزة القذافى العالمية يستمر مقررا للجنه الدراسات الادبية لانه لا بديل عنه فى حياتنا الثقافية, وكذلك الدكتور احمد زايد العميد السابق لآداب القاهرة ومدير معهد اعداد القادة السابق, كيف يكمن أن يتقبل العقل والمنطق اسقاط أعضاء من لجنة الفلسفة حصل البعض منهم على جوائز الدولة التقديرية أو التشجيعية, واحلال أعضاء محلهم سبق أن رفض انتاجهم من قبل الذين استبعدوا فى دورات سابقة!. وهل الأمر نتيجة تفكير موضوعى أم تصفية حسابات شخصية؟ كيف نفسر استبعاد أعضاء شاركوا فى ندوتين من أهم ندوات المجلس فى دورته السابقة وهما (ندوة الفلسفة والثورة) والتى عقدت فى أبريل الماضى وشارك فيها الدكاترة زينب الخضيرى ورمضان بسطاويسى ومحمد الصاوى ومحدثك, والندوة الثانية (ندوة التسامح الدينى) وعقدت فى مايو الماضى وشارك فيها الدكتور عاطف العراقى والدكتورة زينب الخضيرى . والتساؤل الذى يطرح نفسه..هل جاءت الاطاحة بهؤلاء الاعضاء بعد النجاح الكبير للندوتين من منطلق الصدفة البحتة او تقدير لهم أم تصفية حسابات شخصية؟ وهنا يمكن الاستدلال بنتائج الانتخابات كدليل دامغ يفسر ما سبق, وأخيرا لماذا تمارس الوزارة سياسة المنع والمنح ووقعت فى ازدواجية القول والفعل بدليل تشكيل اللجان كما ذكرنا واقصاء جميع اساتذة الاجتماع بكلية الاداب جامعة الاسكندرية عن عضوية لجنة الاجتماع نظرا لنزاهتهم والتزامهم بمعايير موضوعية محترمة فى لجنه ترقية أساتذة الاجتماع. وكذلك اقصاء اساتذة التاريخ المعروف عنهم ميولهم الثورية أو ارتباطهم بحركة 9 مارس, ثم نأتى للجنة الشعر التى استقال معظم اعضائها من رموز وأقطاب الشعر احتجاجا على الاوضاع المتردية داخلها وهو مؤشر على بطلان الانتخاب وعوار الاختيار والغموض وانعدام الارادة الجادة فى اجراء انتخابات نزيهة كما وعد وزير الثقافة . ** فى النهاية ما هى روشتة الاصلاح التى تراها ضرورية لإنقاذ الاوضاع؟ - أعتقد أنه آن الاوان لنظرة جديدة لحياتنا الثقافية تعلى من شأن ثقافتنا المصرية وتؤكد استقلاليتها وانسجامها مع روح ثورتنا العظيمه, تتسم بالمصداقية والشفافية وتحترم المثقفين, تتحرر من سلطان المصالح والاهواء, صادقة مع نفسها مخلصة لوطنها لا علاقة لها بعقدة التوريث وتوابعه فى الضمير المصرى, تعبر عن مصر الثورة يصعب معها أن نتوقع وزير الثقافة القادم, لا يشترط بالضرورة ان يكون استاذا جامعيا, ولا يشترط كذلك ان يكون الطريق لمنصب الوزير - كما درجنا - يمر بمنصب أمين المجلس الاعلى للثقافة.