اتصل بى الصديق والزميل عبدالرحمن بصلة مدير مكتب الجريدة ببورسعيد واستسمحنى أن أستمع لفضيلة الدكتور رئيس جامعة بورسعيد حول واقعة إيقافه خمسة أعضاء هيئة تدريس لمدة ثلاثة أشهر، وقد استجبت على مضض للصديق وللأسف أضعت وقتي في مبررات أقرب للأمنية وواهية لقراره العنيف، حيث يظن فضيلة الدكتور أنني سوف أقتنع بقراره العنيف وأناصره في عدم ولاية المرأة لأحد المناصب القيادية، والمضحك أن فضيلته يعتقد خطورة هؤلاء السيدات على الأمن، فهن حسب ما فهمت منه بالهاتف يحرضن الموظفين وأعضاء هيئة التدريس على الإضراب العام وتعطيل الدراسة بالكلية وغيرهما من الاتهامات التي كانت أجهزة أمن الدولة توجهها للمعارضين لنظام الحكم، فنصحته أن يعيد النظر في قرار الإيقاف لمدة ثلاثة شهور، وقلت له إنه قرار عنيف، ومن استشار عليك به قد ورطك خاصة أنه ضد أعضاء هيئة تدريس من السيدات وليس من الرجال. فضيلة الدكتور تمسك بحقه في منطوق المادة «106» من قانون الجامعات: «لرئيس الجامعة أن يوقف أي عضو من أعضاء هيئة التدريس عن عمله احتياطياً إذا اقتضت مصلحة التحقيق معه ذلك يكون الوقف لمدة لا تزيد على ثلاثة أشهر ولا يجوز مدها إلا بقرار من مجلس التأديب. ويترتب على وقف عضو هيئة التدريس عن عمله وقف صرف ربع مرتبه ابتداء من تاريخ الوقف، ما لم يقرر مجلس التأديب صرف كامل المرتب، وإذا لم يرفع الأمر إلى مجلس التأديب خلال شهر من تاريخ الوقف يصرف كامل المرتب إلى أن يقرر المجلس غير ذلك..». والذي لم يدركه فضيلة الدكتور رئيس جامعة بورسعيد أن هذا الحق منحته له المادة مقيدا وليس على عمومه، حيث سمحت له استخدامه خلال مثول عضو هيئة التدريس أمام جهات التحقيق بالجامعة، والقيد الثاني في المادة هو «إذا اقتضت مصلحة التحقيق»، بمعنى أن استمرار عضو هيئة التدريس في عمله سوف يفسد عملية التحقيق أو قد يؤثر علي اتجاهها، لهذا منح المشرع لرئيس الجامعة حق إيقاف عضو هيئة التدريس الذي يتم التحقيق معه، لأن جهات التحقيق ليست من حقها اتخاذ هذا القرار العقابي فقط مجلس التأديب، ويفهم كذلك من نص المادة أن رئيس الجامعة يستعمل حقه في الإيقاف بناء على توصية من جهات التحقيق وليس من تلقاء نفسه، لأن جهات التحقيق هي التي تمتلك تقدير الموقف مع من تحقق معهم. هذا أولا، وثانيا: ان رئيس الجامعة أخذ بالحد الأقصى في الإيقاف «لمدة لا تزيد على ثلاثة أشهر»، وقد كان أمامه أن يصدر قرار الإيقاف بمدة أسبوع أو أسبوعين أو حتى شهر، لكنه اختار الحد الأقصى وهو ما يؤكد تعمد العنف في القرار، وتبييت النية لخوض معركة إقصاء وإبعاد لعميدة الكلية ووكيلة الكلية وبعض أعضاء هيئة التدريس، وذلك لأنهن رفضن فكرة انتخاب رئيس الجامعة، ولأنهن طالبن بأن يمهل الكلية عدة شهور لكي تحصل عميدته على درجة الأستاذية وسبعة أعضاء أخريات درجة أستاذ مساعد، وهنا تدار كلية تمريض بورسعيد بعد عشرين سنة من خلال أولادها، لكن فضيلة الدكتور رئيس الجامعة الذي تولى منذ ثلاثة شهور فقط ربما أقل رفض منح الكلية مهلة وتمسك بتعيين أحد الذكور من أصدقائه في منصب العميد، واختلق واقعة استخدامهن أجهزة الكلية، نقصد الفاكس، وأصدر قرارا واحدا تضمن إحالتهن إلى التحقيق وإيقافهن عن العمل. بالطبع السيدات الخمس رفضن هذا القرار العنيف غير المبرر، وأعلن اعتصامهن وإضرابهن عن الطعام، وأصبح لدينا لأول مرة في تاريخ الجامعات المصرية عميدة كلية بالإنابة، ووكيلة كلية، وثلاثة من أعضاء هيئة التدريس مضربات عن الطعام بسبب قرار تفسيره الوحيد عدم ولاية المرأة للمناصب القيادية، وما يقوى ظنوننا هذه أن فضيلة رئيس الجامعة أصدر قراراً بعزل وكيلة الكلية من منصبها قبل إحالتها للتحقيق وإيقافها ثلاثة أشهر، لهذا نطالب جميع أعضاء هيئة التدريس من السيدات في جامعة بورسعيد وجامعات مصر بالتضامن والتصدي لفكرة عدم ولاية المرأة بجامعة بورسعيد.