"في 13 فبراير، خاطب مهدي خلجي، كريم سجادبور، ودينيس روس منتدى سياسي في معهد واشنطن. وخلجي هو زميل أقدم في معهد واشنطن ومؤلف المجهر السياسي "الخلافة العليا: من سيقود إيران ما بعد خامنئي؟ الذي صدر مؤخراً باللغة الإنجليزية. وسجادبور هو زميل في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي. والسفير روس عاد ثانية إلى معهد واشنطن في ديسمبر 2011 كمستشار بعد أن شغل منصب مساعد خاص للرئيس الأمريكي باراك أوباما ومستشار خاص لوزيرة الخارجية هيلاري كلينتون. وفيما يلي ملخص المقرر لملاحظاتهم." مهدي خلجي رغم أنه من غير المعلوم ما إذا كان المُرشد الأعلى لإيران، آية الله خامنئي، سوف يختفي عن المشهد في المستقبل القريب، إلا أن تقدمه في السن ومشاكله الصحية المزعومة تجعل من المهم بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها الوصول إلى فهم أكثر اكتمالاً لعملية الخلافة الإيرانية. وبغض النظر عن نتيجة تلك العملية، ينبغي على واشنطن أن تتوقع ظهور شكل مختلف تماماً من القيادة، حيث من المحتمل أن تُكمِل الجمهورية الإسلامية تحولها من نظام الملالي إلى نظام عسكري إلى حد كبير. لقد عمل خامنئي على تهميش الجيل الأول من الجمهورية الإسلامية، ودفع أولئك الذين كانوا يتولون مناصب عليا في ظل حكم آية الله روح الله الخميني وأحاط نفسه بشخصيات استخباراتية وعسكرية. كما عزز سلطته بترقية جيل جديد من السياسيين الضعفاء الذين يدينون له بالفضل. وسوف تواجه النخبة السياسية أوقاتاً صعبة للغاية في الوصول إلى إجماع حول الخلافة في هذه البيئة، حيث استبعدهم خامنئي من عملية صنع القرار داخل النظام وأوجد آليات لإضعاف الشرعية الديمقراطية وسلطة الرئاسة. ولأسباب مماثلة، من غير المحتمل أن يكون لمؤسسة الملالي رأي قوي في مسألة الخلافة. وعلى الرغم من أن المؤسسة الدينية ثرية، إلا أنها أصبحت ضعيفة سياسياً بشكل متزايد وغير قادرة على انتقاد الحكومة علانية أو الإعراب عن رأيها حول أية مسألة كبرى. وإذا أخذنا التاريخ كمؤشر، فإن عملية الخلافة الرسمية التي حددها الدستور قد لا تصمد. فالتحول من الخميني إلى خامنئي منذ عقدين أظهر رغبة النظام في تغيير القوانين بما يناسب احتياجاته. ففي عام 1989، عيّن الخميني مجلساً لتعديل الدستور إلا أنه توفي قبل اكتمال العملية. لكن تلك التغييرات - التي كانت ستسمح لرجل دين من الصفوف الدنيا مثل خامنئي أن يصبح المرشد الأعلى، فضلاً عن أمور أخرى - لم يتم التصويت عليها مطلقاً قبل عملية الانتقال، لذا كانت الخلافة غير قانونية من الناحية الفنية. ونظراً لرغبة النظام في الماضي في تعديل الدستور وانتهاكه، فإنه قد يفعل ذلك مرة أخرى عند تقرير خليفة خامنئي. ومن المرجح أن يلعب "فيلق الحرس الثوري الإسلامي" دوراً قيادياً في عملية الخلافة. فهو وإن كان من الناحية التاريخية مؤسسة عسكرية بحتة، إلا أنه أصبح مؤخراً كياناً سياسياً واقتصادياً وثقافياً متطوراً. كما أن خامنئي نفسه يدير القوات المسلحة وسمح لها بالاستيلاء على ما لا يقل عن ثلث الاقتصاد الإيراني. وبمعنى آخر، فإنه قد أقام سلطته على "فيلق الحرس الثوري الإسلامي"، ومن المرجح أن تعكس القيادة التي تخلفه الهيكل العسكري للنظام السياسي. وعلى الرغم من أن "فيلق الحرس الثوري الإسلامي" مقسَّم إلى فصائل كثيرة ويفتقر إلى الأيديولوجية الموحدة، إلا أنه معاد للملالي بشكل كبير. ومن ثم، من غير المرجح أن تقبل تلك السلطة بوجود خليفة قوي لخامنئي من رجال الدين. وبدلاً من ذلك، سيعمل "فيلق الحرس الثوري الإسلامي" على الدفع بمرشد أعلى ضعيف جداً بحيث لا يمكنه رفض سلطات "الحرس الثوري"، كرجل ملالي طاعن في السن وعليل يحظى بالاحترام ويفتقر إلى العمر والطاقة المطلوبين لتجسيد الجمهورية الإسلامية كما يشاء. كريم سجادبور في أعقاب وفاة الخميني في عام 1989، تُرِكت الوصاية على الجمهورية الإسلامية في أيدي شخصين: خامنئي والرئيس أكبر هاشمي رفسنجاني، اللذين كانا يمثلان مدرستين فكريتين مختلفتين. كانت المدرسة الأولى، بقيادة رافسنجاني، تؤيد الإصلاح والاقتصاد المفتوح وتوسيع نطاق الحريات الاجتماعية. واختصاراً، فإن تلك المدرسة كانت تفضل اتباع نموذج مماثل للصين. أما المدرسة الثانية فكانت تؤمن بأن التنازل عن المبادئ الثورية للجمهورية الإسلامية سيؤدي إلى انهيار النظام بالكامل. ويبدو أن هذه المدرسة - التي كانت مدفوعة بالرغبة في الحفاظ على الذات لكنها مستترة في الأيديولوجية - هي التي سادت. لقد حاولت إدارة أوباما، مثلما فعلت إدارة كلينتون في أواخر التسعينيات من القرن الماضي، أن تتعاطى مع طهران إلا أنه قد تم صدّها من قبل خامنئي. ولا يزال بعض المسئولين يعربون عن أملهم في التعاطي مع "فيلق الحرس الثوري الإسلامي"، الذي تتضرر مصالحه التجارية الكبرى بشكل متزايد جراء العقوبات الدولية. غير أنه من المرجح ألا تتمكن واشنطن من تجنب خامنئي كلية، حيث إن أي قائد من "فيلق الحرس الثوري الإسلامي" قد تتعامل معه من المحتمل أن يكون من اختيار المرشد الأعلى. فالعناصر الأكثر اعتدالاً ليست تلك التي يتم ترقيتها إلى المناصب العليا. وبالإضافة إلى ذلك، غرس خامنئي الولاء بين "فيلق الحرس الثوري الإسلامي" بصورة فعالة، مما يجعل من غير المحتمل أن ينقلبوا عليه في المستقبل القريب. وفي مواجهة الضغوط الأمريكية والدولية التي لم يسبق لها مثيل، فإن خامنئي واقع تحت ضغط حالياً لاتخاذ قرار تحولي، وهو شيء تجنبه بشكل كبير خلال فترة حكمه. إذ أصبح يتعين عليه على وجه التحديد أن يختار بين التسوية مع الولاياتالمتحدة أو مواصلة جهود الحصول على أسلحة نووية. ومن ثم عليه حساب ما إذا كانت تكلفة التخلي عن البرنامج النووي أكبر من الضغط الخارجي المتصاعد. ونظراً إلى سعي خامنئي للحفاظ على الذات وعلى النظام، فإن قراره الأكثر احتمالاً لم يتضح بعد. ومهما كان الوضع، ينبغي على واشنطن ألا تقفز إلى أي تسويات رمزية يعرضها خامنئي، حيث إن ذلك يتعارض مع غرائزه في التنازل عن أي شيء له قيمة فعلية، لا سيما منذ الاضطراب الداخلي في عام 2009. وبدلاً من ذلك، سيكون من الحكمة بالنسبة للولايات المتحدة أن تتأكد من أنه لا يزال لدى خامنئي وسيلة مشروعة للخروج من المأزق النووي المستمر. وإذا تيقن أنه لا يوجد أمامه باب مفتوح، فمن المرجح أن يمضي قدماً في الخيار العسكري. دينيس روس، رئيس الجلسة - منسق الأسئلة والأجوبة إن رغبة خامنئي في إبرام اتفاق مع الولاياتالمتحدة حول المسائل النووية لا تزال غير واضحة. فقد أعرب عن مخاوفه من أن يؤدي أي تنازل إلى زوال الجمهورية الإسلامية. وبالنظر إلى حقيقة أن عدم التنازل سيؤدي إلى تبعات ملموسة - والتي تتمثل تحديداً في فرض المزيد من العزلة والضغوط الاقتصادية، مما قد يؤدي أيضاً إلى سقوط النظام - فكيف سيكون اختياره؟ إن إجابته على هذا السؤال ستقرر ما إذا كان من الممكن التوصل إلى نتيجة دبلوماسية أم لا. وعلاوة على ذلك، يستطيع "فيلق الحرس الثوري الإسلامي" الضغط عليه للتنازل عاجلاً وليس آجلاً إذا اعتقد رؤساء "الفيلق" بأن المواجهة ليست في مصلحتهم. لقد كان جوهر نهج إدارة أوباماً دائماً هو بذل جهود حقيقية لإشراك النظام في حوار شامل موثوق وليس محاولة إشراك فصيل واحد. وبمجرد أن اتضح أن ذلك الحوار غير ممكن، ركزت الإدارة الأمريكية على بذل المزيد من الضغط مع ترك مخرج للنظام. هذا وتشير بعض الأدلة حالياً إلى إمكانية التوصل إلى حل دبلوماسي: فقد أعلن وزير الخارجية علي أكبر صالحي أن إيران مستعدة لإجراء محادثات [نووية] مفتوحة مع الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وألمانيا. وباختصار، فإنه رغم الحديث مؤخراً عن أن الهجوم العسكري أصبح هو الخيار الوحيد، إلا أنه ما زالت هناك خيارات واضحة لإنجاز حل دبلوماسي. لقد كانت إسرائيل منذ فترة طويلة أحد الداعمين الرئيسيين لفرض عقوبات تعجيزية وممارسة المزيد من الضغط الدولي - وهي تدابير يجري تبنيها حالياً. ولذا فمن المنطقي أن تسمح بمزيد من الوقت لكي تنجح هذه التدابير التي لم يسبق لها مثيل حقاً.