ما بين مناورات مع الولاياتالمتحدة وتدريب مع روسيا وزيارة لكوريا الجنوبية خبراء: القيادة الحالية تبحث عن مصالح مصر مع جميع القوى العالمية لفتت التحركات المصرية خلال الأيام القليلة الماضية الأنظار إلى تطور سياسات مصر فى ملف التوازن الاستراتيجى مع الدول الخارجية ، ظهر التوازن الاستراتيجى المصرى من خلال مناورة عسكرية مع الولاياتالمتحدة من جانب ، والتدريب مع روسيا من جانب آخر ، فضلا عن زيارة كوريا الجنوبية التى قام بها وزير الدفاع بصحبة مجموعة من القادة العسكريين. ويرى خبراء استراتيجيون أن النضوج الواضح فى ادارة الملف الخارجى ناتج عن عدة تجارب عاشتها مصر منذ 1973 مرورا بعهد الرئيس السابق حسنى مبارك وحتى قيام الثورة ،ففى المرحلة الأولى اتخذت مصر من الاتحاد السوفيتى حليفا عسكريا لها وفى المرحلة الثانية لجأت إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية ، لتتنوع التجارب التعاونية مع الدول ، وبعد ثورة 30 يونيو نضج الفكر العسكرى واستطاع الجمع بين النقيضين روسياوأمريكا تحقيقا لمصلحتها الخاصة وهذا هو الحق الأصيل فى العلاقات الدولية. وكانت فاعليات التدريب المصرى الأمريكى المعروف ب «النجم الساطع» انطلقت أمس الأول والذى كان متوقفا منذ 8 سنوات والمحدد له 10 أيام أى أنه سينتهى فى 20 سبتمبر الحالى بقاعدة محمد نجيب العسكرية بمرسى مطروح ، ومن ناحية أخرى بدأت عناصر المظلات المصرية وقوات الانزال الروسية فاعليات التدريب المشترك المعروف «حماة الصداقة 2» بروسيا والذى يستمر حتى 22 سبتمبر الحالى ، بجانب الزيادة التى اعتبرها الخبراء هامه للغاية والتى قام بها الفريق أول صدقى صبحى وزير الدفاع إلى كوريا الجنوبية تلبية لدعوة نظيرة الكورى. أكد اللواء محمد الشهاوى الخبير العسكرى والاستراتيجى أن زيارة وزير الدفاع امس مع كبار القادة العسكريين الى كوريا الجنوبية، بجانب تنفيذ تدريب «النجم الساطع» مع أمريكا ومناورة حماة الصداقة مع روسيا يقول إن مصر تقوم الآن بتعزيز قدرتها العسكرية من خلال تنويع مصادر التسليح . وأشار إلى أن التعاقد على الاباتشى واف 16 من الولاياتالمتحدةالأمريكية والرافال من روسيا وغواصات من ألمانيا هى دلالات مهمة على امتلاك مصر لقرارها السياسى وتطورها استراتيجيا، ويؤكد على أن الجيش المصرى هو الأول افريقيا والعاشر عالميا ، كما أنه يصب فى صالح الأمن القومى العربى وأن هناك اهتمامًا من الدول العظمى مثل روسياوأمريكا فى التدريب مع مصر نظرا لخبرتها العسكرية فى القتال الفردى والحروب. ولفت «الشهاوى» الى أن المقاتل المصرى يستوعب التكنولوجيا والاطلاع على أحدث الأسلحة ونقل الخبرة فى جميع المجالات والقتال بجانب أشخاص ذات عقيدة مغايرة له وهذه اشياء ايضا مفيدة فى هذا التوازن الاستراتيجى المصرى مع الدول الخارجية. وقال اللواء أسامة همام الخبير فى شئون الأمن القومى ان تنوع التدريبات ومصادر السلاح تمنح قوة للدولة حتى لا تتحكم بنا دولة معينة كما حدث مسبقا من الولاياتالمتحدةالأمريكية، وفى البداية الرئيس هو من قام بذلك حينما اتجه الى روسيا وفتح مجالات مشتركة معها، أشار إلى أن الدولة تعى جيدا ان التدريب حينما يكون مع أكثر من اتجاه ونمط مختلف يظهر مزيدًا من القوة مثل «النجم الساطع» ويؤدى الى زيادة الخبرات لدى الجندى كما يزيد من توطيد العلاقات الدولية مع هذه الدول والاتجاه الى التعاون العسكرى مع شرق وغرب العالم يؤكد النضج الاستراتيجى المصرى. وتابع «همام»: رغم العداوة بين روسياوأمريكا لكن مصر استطاعت المواءمة مع الطرفين، وهذا لا يمنع وجود تعاون بين الدولتين والأصح فى الفكر الاستراتيجي هو البحث عن تحقيق المصلحة الخاصة بالدولة دون النظر الى أى معتقدات أخرى وكل العلاقات الدولية من المفترض ان تقوم على هذا الفكر وهو ما أدركته مصر فى الفترة الأخيرة وتقبلته الدول الخارجية وقد اتضح أن التدريبات العسكرية الروسية تتزامن مع التدريبات المصرية الأمريكية. وأوضح السفير رخا احمد حسن عضو المجلس المصرى للشئون الخارجية أن مصر مرت بعدة مراحل على مستوى التعامل الاستراتيجيى والعلاقات الخارجية حيث اعتمدت بداية فى فترة حرب أكتوبر على الاتحاد السوفيتى وبعد ذلك على الولاياتالمتحدةالأمريكية فى عهد الرئيس «مبارك»، وأثبتت التجربتان عدم خدمة مصر وأمنها بالقدر الكافى وأنه لا مبرر للتعامل مع طرف دون الآخر، فمن المعروف أن التعاون الدولى يقوم على تحقيق المصالح المشتركة على أن يتم دون تدخل من أى دولة فى شئون الدولة الأخرى أو فرض سياسة بعينها وهو ما قامت به مصر عقب 30 يونية فاستطاعت مصر أن تكون منفتحة أمام الجميع، والمناورات والتدريبات العسكرية مع كلٍ من روسياوأمريكا يوجه رسالة مهمة أننا لسنا مع أحد ضد أحد وأن مسافتنا مع الجميع واحدة. والتساؤل هنا هل هذه العلاقات سترضى الأطراف الأخرى أم لا؟، وخاصة أن مصر لا تسعى لإغضاب أحد ولا ارضاء أحد فقط هى فى مرحلة التوازن الاستراتيجى والبحث عن المصلحة والتعاون المفيد لها. وأصبحت أكثر مرونة فى التعاملات الخارجية سواء مع الولاياتالمتحدةالامريكية أو روسيا أو كوريا الجنوبية أو المانيا أو فرنسا وبلجيكا وإيطاليا، وخير دليل على ذلك إنه عقب ابداء أمريكا تحفظاتها على 30 يونية وقررت عدم مد مصر بالتسليح المتفق عليه اتجهت مصر الى فرنسا التى تربطها علاقات قوية بالولاياتالمتحدة ولم ترفض على الاطلاق فهكذا تكون المصالح المشتركة وسياسة التوازن.