حيرة فى عيون الأمهات والأطفال بسبب عجزهم عن اقتناء ثياب العيد شعبة الملابس: 90٪ تراجعاً فى قيمة المبيعات بسبب تكلفة الإنتاج وانخفاض سعر الجنيه هناك أسواق تستهدف شريحة معينة من المجتمع، انعكست عليهم ظروف مصر الاقتصادية المتردية، فمع اقتراب كل عيد يتوجه البسطاء إلى هذه الأسواق لشراء مستلزمات أطفالهم من ملابس مستعملة، ولكن بعد ارتفاع أسعارها بشكل ملحوظ هذا العام، عزف الفقراء عن الشراء واكتفوا بملابس العام السابق لإحياء العيد المقبل. «الوفد» قامت بجولة على سوق الغلابة للملابس والأقمشة فى وكالة البلح، العتبة، وإمبابة، التى تعد من أشهر 3 أسواق شعبية من بين 10 على مستوى القاهرةوالجيزة، بل على مستوى المحافظات كافة، وفى هذا العام تبدلت ملامح هذه الأسواق، واكتفى المواطنون بالفرجة فقط دون الشراء، فيما يخرج العشرات من البؤساء يوميًا يترجلون على أرصفة المحلات أملاً فى شراء ما يلزمهم من ملابس بقدر ما لديهم من أموال، ليعودوا مرة أخرى وفى أعينهم حسرة لعجزهم عن شراء ملابس العيد المستعملة لأطفالهم. وبحسب ما أعلنته شعبة الملابس الجاهزة بالغرف التجارية، فى آخر تقاريرها، فإن حجم تجارة الملابس المستعملة أو البالة تخطى 40% من حجم تجارة الملابس فى السوق المصرى، التى لا تقل عن 20 مليار جنيه، منها 8 مليارات تقريبا حجم تجارة الملابس المستعملة. سوق المنيرة بإمبابة: من الإبرة للصاروخ يفترشون منتجاتهم على الأرصفة والعربات المتحركة ساعات طويلة، تحت أشعة الشمس الحارقة التى تلاحقهم من ناحية، وضعف الإقبال على الشراء من ناحية أخرى، فمع قدوم كل عيد يتهافت الأهالى على شراء الملابس المستعملة، والمقلدة بماركات عالمية، هربًا من أسعار المحلات، إلا أن هذا العام امتنع الكثير من الأهالى عن الشراء بسبب ما يعانونه من أزمات اقتصادية طاحنة. فرغم أن سوق المنيرة أحد أشهر الأسواق الشعبية فى إمبابة، بل فى محافظة الجيزة، وملجأ الفقراء لشراء مستلزمات منازلهم بأسعار رخيصة، إلا أن عددًا كبيرًا من الباعة، أشاروا إلى أن هذا العام قل حجم البيع بشكل كبير رغم كون السلع مستعملة، وأسعارها أرخص كثيرًا من المحلات. «رخصنا الأسعار وبرضو مفيش بيع ولا شراء».. بهذه الكلمات استهل مجدى صابر، بائع ملابس متجول، وقال إنه مع قدوم كل عيد يتهافت البسطاء على الأسواق لشراء الملابس حتى إن كانت مستعملة، وذلك قبل أن تضرب الأزمات الاقتصادية مصر والأسر المصرية، فاليوم لا يتبقى على العيد سوى أيام قليلة، ومع ذلك حركة البيع والشراء متوقفة بعض الشىء. وأشار «صابر» إلى أن سوق المنيرة من أشهر أسواق المناطق الشعبية، والأكثر رواجًا مقارنة بالمحلات الخارجية، الملتزمة بدفع فواتير إيجار وكهرباء ومياه، ولهذا تجد أسعار السلع مرتفعة، وهناك ركود طوال العام، ولكن الجديد هو أن الأسواق الشعبية تعانى عزوف المواطنين عن الشراء على الرغم من كون غالبية الملابس الموجودة مستعملة. الأمر نفسه أشار إليه حمادة جابر، بائع ملابس، وقال إن حجم المبيعات انخفض للنصف هذا العام للملابس المستعملة، ولأكثر من 70% للجاهزة، مشيرا إلى أنه مع كل عيد كان يحقق أرباحًا من تجارة الملابس لا تقل عن 10 آلاف جنيه، ولكن هذا العام لن يتجاوز 4 آلاف جنيه. وعن سبب عزوف المواطنين عن شراء الملابس المستعملة، قال، إن الأسعار ارتفعت بنسبة لا تقل عن 40% لكل الملابس المستعملة، ولهذا عجز كثير من أولياء الأمور عن الشراء لأبنائهم خاصة إذا كان لديهم ما لا يقل عن 4 أفراد. وتابع: «ولى الأمر لما بييجى ومعاه 3 عيال، يبقى عاوز يشترى ليهم لبس مستعمل، وحزين علشان مش قادر يشترى ليهم الجديد، ولما يعرف انه مش هيقدر يكسيهم كلهم علشان عجز الفلوس بشوف الدمعة فى عينه من الحزن، فبيشترى لأصغر أطفاله، والباقى بيعيد بلبس السنة اللى فاتت». شادية على، ربة منزل، منذ العاشرة صباحًا خرجت بصحبة بناتها الثلاث للسوق لشراء ملابس العيد، حتى الثالثة عصرًا عجزت عن شراء طقم واحد لإحدى فتياتها، وقالت: «مش عارفة أعمل إيه مش هاين عليا أجيب لواحدة، والتانية لا، البنات بطبعها بتعاند فى بعضها»، تصمت السيدة للحظات وتدمع عيناها، وتعاود حديثها: «بسمع كلام من البنات كالسهام على قلبى لما واحدة تقول لى يا ماما مش كفاية بنشترى مستعمل كمان مش عارفين نشتريه». وتلتقط أطراف الحديث، زينب جمال، ربة منزل، وقالت إنها لليوم الثالث تخرج بصحبة أبنائها الأربعة لتحاول جاهدة شراء ملابس عيد لهم، بما يناسب ما لديها من مال، ولكن مع ارتفاع الأسعار، اكتفت السيدة بشراء ملابس لفردين فقط، أما الثالث فيستعين بملابس العيد الماضى. وتابعت: «أعمل إيه طيب.. فلوسى على قدى وجوزى متوفى ومعاشه مش بيقضى العيش الحاف فى زمننا ده، وأنا علشان أصرف على عيالى بقيت بتشتغل فى البيوت أمسح وأغسل علشان أعرف أصرف عليهم». «زينب»، زوجها توفى منذ 10 اعوام وترك لها 3 أبناء، وقررت العمل فى المنازل لتكمل تعليمهم، وقالت: «مسئولية تقيلة على كتافى، وفيه أيام كتير بدمع لما بقعد لوحدى علشان خايفة أموت ويتبهدلوا من بعدى، دول لا ليهم قرايب ولا عمام هنا، كلنا من الصعيد وجينا هنا علشان أكل العيش». «الطقم المستعمل للبنت يوصل ل700 جنيه، أمال لو بشترى ليها جديد أعمل إيه».. بحسرة شديدة تكمل «زينب» حديثها، وتقول إنها مثل غيرها من الأمهات اللاتى تقع على عاتقهن إسعاد أبنائهن فى ظروف اقتصادية عصيبة. الأسواق خاوية فى وكالة البلح محلات خاوية، أصحابها ينتظرون، ساعات طويلة أمامها، زبونًا يحيى لهم أملاً فى بقاء نشاطهم على قيد الحياة، إلا أن الوضع يعانى الركود هذا العام أكثر من أى وقت مضى، وذلك بحسب ما أشار إليه أصحاب المحلات فى وكالة البلح، بوسط القاهرة. «مفيش لا بيع ولا شراء والخسائر هتخرب بيوتنا».. كلمات بدأ بها أحمد مندور، بائع أقمشة حديثة، وقال إن الأسعار فى ارتفاع متواصل، وحركة البيع والشراء تكاد تكون معدومة، مشيرا إلى أن الأقمشة الشعبية، التى كانت تشهد رواجًا كبيرًا مع قدوم الأعياد باتت اليوم حبيسة المخازن. وحول سعر متر القماش للشعبى والمصرى، قال مندور، المتر للروتزا 10 جنيهات، والستان 15 جنيهًا، والقطيفة 10 جنيهات، وهذه الأنواع الأكثر تداولاً فى السوق، ولكن الأقمشة المستوردة بات نشاطها مستحيلاً فى ظل الأزمات الاقتصادية التى تعانيها الأسر المصرية. من جانبه قال عماد جرجس، بائع قماش، إن التجارة اليوم أصبحت فى الحضيض، وكثيرًا من التجار يفكرون فى تغيير نشاطهم لما تكبدوه من خسائر فادحة خلال الفترات الماضية، وباتت المخازن معبأة بالأقمشة من الأذواق القديمة، وأصبح من المستحيل بيعها فى الأسواق. وتابع: «مع كل عيد أو مناسبة تنشط حركة البيع والشراء للأقمشة، ولكن هذا العام لم نشعر بأجواء العيد على الإطلاق، وكثير من أصحاب المحلات يبحثون عن أفكار بديلة لتطوير نشاطهم»، وأشار «جرجس» إلى أن سوق الملابس الجاهزة والمستعملة، ضرب تجارة القماش بنسبة 90%. ومن التجار للزبائن، يقول محسن عوض، موظف، إنه مازال يواصل شراء الأقمشة لعمل الملابس اليدوية على يد الترزى، وتفصيله على حسب ما يشاء، مؤكدا أن ذلك أوفر كثيرًا من شرائه سواء ملابس جديدة من المحلات، وأفضل كثيرًا من شراء ملابس مستعملة. زحام بلا شراء فى سوق العتبة فى سوق العتبة الأمر لا يختلف كثيرًا، فقد تجد زحامًا شديدًا على محال الأقمشة، والملابس، ولكن دون جدوى، عشرات من المواطنين يتجولون ساعات طويلة، اكتفوا بالنظر على أسعار الملابس المعروضة، ليزدادوا حسرة على حسرتهم اليومية. سعاد على، ربة منزل، قالت، إنها منذ الساعة العاشرة صباحًا، وهى تتجول داخل سوق العتبة لشراء ملابس العيد لصغيريها الاثنين فى المرحلة الابتدائية، ولكن لا تجد أسعارًا مناسبة لها، فكانت تأمل شراء طاقمين لكل فرد منهما، ولكن مع ارتفاع الأسعار، اكتفت بشراء طاقم واحد لكل طفل. وتابعت: «كل عيد مش بشترى ليهم أقل من طاقمين بس الأسعار السنة دى مرتفعة جدًا، وبالعافية عرفت اشترى طاقم واحد»، وأشارت صاحبة الأربعين عامًا إلى أن أقل طاقم بنطلون وقميص، موجود فى السوق للطفل لا يقل عن 600 جنيه، وهذه الأسعار مبالغ فيها. من جانبها قالت حكمت إبراهيم، ربة منزل، إن زوجها أرسل لها من الخارج مبلغ 2000 جنيه، على أمل أن تقوم بشراء ملابس العيد على حسب ما يريد الأطفال، ولكن المفاجأة كانت مدوية فهذا المبلغ لن يكفى سوى طاقم واحد لكل فرد منهم. «المبلغ ده كنت بشترى بيه 3 أطقم لكل طفل».. تستطرد السيدة فى حديثها قائلة: إن الأسعار ارتفعت بنسبة لا تقل عن 40% فى الأسواق، وهذا تسبب فى عجز كبير من الأسر المصرية البسيطة شراء ملابس العيد هذا العام. الأمر نفسه أكده أصحاب المحلات، وقالوا إن عددًا كبيرًا من الزبائن فى هذا الموسم اكتفوا فقط بالفرجة على المحلات وليس الشراء، ولهذا تعرض الكثير منهم للخسائر الفادحة بعد شرائهم كميات كبيرة من الملابس فى المخازن. «الشعبة»: 90% تراجع فى حجم مبيعات الملابس يحيى زنانيرى، نائب رئيس الشعبة العامة للملابس الجاهزة بغرفة القاهرة التجارية، قال إن نسبة تراجع المبيعات فى الأسواق المحلية وصلت ل90% نتيجة عجز عدد كبير من المواطنين عن الشراء، بعد ارتفاع الأسعار بشكل ملحوظ، وهذا يرجع إلى زيادة تكلفة الإنتاج وتراجع قيمة الجنيه أمام الدولار الأمريكى. وأضاف «زنانيرى»، فى تصريحات خاصة ل«الوفد» أنه برغم بدء الأوكازيون فى موعد متقدم عن موعده الرسمى، إلا أن البيع والشراء يعانى الركود بشكل ملحوظ، وإحجامًا كبيرًا من المواطنين، فى الوقت الذى من المفترض أن تشهد المحلات زحامًا كبيرًا مع قدوم العيد واقتراب افتتاح المدارس.