مراقبون: القيم الأخلاقية وطبيعتها تمنع المرأة من الانحراف الوظيفى اعتاد المجتمع على أن يكون أبطال قضايا الفساد والرشوة من الرجال، ولكن هذه المرة كانت المسألة مختلفة تماما، فبطل قضية الفساد الأخيرة داخل ديوان محافظة الإسكندرية كانت سيدة. وألقت هيئة الرقابة الإدارية، الأحد الماضى، القبض على سعاد الخولى، نائبة محافظ الإسكندرية، داخل ديوان عام المحافظة، بتهمة التورط فى وقائع فساد. وأثارت القضية استغراب المتابعين لها فنادرا ما تتورط مسئولة أو موظفة بالدولة فى قضية فساد وبهذا الحجم من الضخامة -الأرقام تتحدث عن تلقى الخولى مليون جنيه وإضاعتها على الدولة 10 ملايين جنيه- ما يثير تساؤلات عن هذا التحول المجتمعى الكبير وأسبابه وتداعياته المستقبلية. وأكد مراقبون أن الفساد تفشى فى الجسد المصرى كوباء سرطانى وطال هذا المرض المرأة باعتبارها جزءًا أصيلًا من هذا المجتمع، مرجعين ندرة تعرض النساء للرشاوى لموروثات وقيم مجتمعية تربت عليها المرأة. قالت الدكتور كريمة الحفناوى، المتحدث باسم الجبهة الوطنية لنساء مصر، إن تولى المرأة للمناصب العليا فى الدولة يمنع كثرة جرائم الفساد والرشوة. وتابعت :« نادرا ما نسمع عن وزيرة أو مهندسة فى أحد الأحياء تلقت رشوة»، موضحة أن الأمر يتعلق بالقيم الأخلاقية والموروثات التى تربت عليها النساء فى مصر داخل الأسرة وتنشئتها على تحدى المجتمع لإثبات نفسها وجدارتها بالعمل وتولى المناصب. وأرجعت الحفناوى حالة الفساد التى أصابت المجتمع ومن ضمنه المرأة لما وصفته بالخراب الاقتصادى الذى يعيشه المصريون بسبب سياسات اقتصادية تقوم على الاقتراض من صندوق البنك الدولى، وأردفت : «فلجأ بعض الموظفين والمسئولين لتلقى الرشاوى». وعابت المتحدث باسم الجمعية الوطنية لنساء مصر على القوانين التى تقنن الفساد بعدم وجود محاسبة دقيقة ورادعة لكل العاملين بالدولة والقطاع الخاص. أما الكاتبة الصحفية فريدة الشوباشى فرأت أن الفساد تفشى فى المجتمع بشكل عام وبالتالى انتقاله للنساء صار أمرا طبيعيا. وقالت إن الرشوة صارت وباءً سرطانيًا ينهش فى الجسد المصرى بسبب سياسات الانفتاح التى بدأها الرئيس الراحل أنور السادات، وتابعت: «قبل الانفتاح كانت مرتبات الموظفين تكفى احتياجاتهم ولكن الآن الانفتاح تسبب فى زيادة الأسعار بشكل كبير ما دفع عددًا من الموظفين لتلقى الرشاوى». وأضافت الشوباشى أن المسألة تفاقمت وتعقدت أكثر فى الوقت الحالى بسبب رجال الدين الذين لا يدعون للأمانة والاخلاص فى العمل ويركزون كل جهودهم لمداراة جسد المرأة، إلى جانب الأعمال الفنية المليئة بمشاهد الإجرام. وبدوره قال الدكتور فتحى قناوى، الخبير بمركز البحوث الاجتماعية والجنائية، إنه لا فارق بين الرجل والمرأة فى تلقى الرشوة. وأكد أن المنصب وصلاحيات من يتولاه -وليس نوع المسئول سواء رجلًا أو امرأة- هى المحدد لمسألة الرشوة، وتابع :« الراشى يستهدف الموظف المسئول الذى سيسهل له المخالفة ولا يتعلق الأمر بإذا كان هذا المسئول رجلًا أو امرأة، فالنوع الاجتماعى لا يحدد مدى القابلية لتلقى الرشوة».