رغم إعلان ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة عن خطوات إصلاحية لاحتواء الاحتجاجات التي اندلعت في بلاده على إثر تفجر ثورات الربيع العربي, إلا أن التطورات التي صاحبت إحياء الذكرى الأولى لاضطرابات 14 فبراير ترجح أن المملكة لن تستعيد الاستقرار على الأقل في المستقبل القريب. ففي 12 فبراير, طردت المنامة ناشطتين حقوقيتين أمريكيتين بعد أن استخدمت الشرطة البحرينية الغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت لفض احتجاج حاول المشاركون فيه الوصول إلى دوار اللؤلؤة الذي كان مركز الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية العام الماضي. وذكرت وكالة "رويترز" أن الناشطتين الأمريكيتين هويدا عراف وهي من أصول فلسطينية وراديكا سيناث وصلتا إلى المنامة خلال الأيام الماضية ضمن فريق يطلق على نفسه "اشهد على البحرين" يقول إنه يريد مراقبة الأحداث في الذكرى الأولى للاحتجاجات التي قادتها المعارضة الشيعية للمطالبة بإصلاحات ديمقراطية في البحرين. ونقلت الوكالة عن بيان لمجموعة "اشهد على البحرين" القول إن المرأتين وهما محاميتان في مجال حقوق الإنسان شاركتا في مظاهرة سلمية في المنامة في 11 فبراير . وتابع البيان أن المرأتين جزء من مبادرة "اشهد على البحرين" التي وصلت إلى المنامة, استجابة لدعوة من نشطاء بحرينيين مطالبين بالديمقراطية, زاعما أن هويدا سحبت على الأرض من قبل عدد من أفراد الأمن بعد جلوسها على الأرض خلال محاولة فض المظاهرة السلمية. ومن جانبها, نقلت وكالة أنباء البحرين عن مسئول بالإدارة العامة بالهجرة قوله إن هويدا عراف وراديكا سينيث وصلتا للبحرين خلال الأيام الماضية وحصلتا على تأشيرات سياحية عند وصولهما إلى المطار وقد أعلنتا أنهما تريدان كتابة تقارير عن المظاهرات, ولكن تم رصدهما وهما تشاركان في مظاهرة غير قانونية في المنامة. ويبدو أن التبرير الرسمي السابق لن يقنع منظمات حقوق الإنسان الدولية التي اتهمت المنامة بمنع بعض النشطاء الحقوقيين من دخول البحرين في يناير الماضي, كما أعلن عضو في فريق من محطة الإذاعة والتليفزيون اليابانية العامة "ان اتش كيه" أنهم منعوا من دخول مطار المنامة في 11 فبراير. ولعل ما يضاعف مأزق الحكومة البحرينية أن استخدام القوة لفض المظاهرات لم يمنع تكرارها وزيادة أعداد المشاركين فيها خاصة مع إحياء ذكرى الاحتجاجات التي اندلعت في 14 فبراير 2011 وصاحبها أعمال عنف وسقوط قتلى. بل وكشف ناشطون حقوقيون أن شخصين لقيا حتفهما عندما كانا رهن الاحتجاز لدى الشرطة في يناير الماضي وتوفى آخرون متأثرون على ما يبدو بقنابل الغاز, ليصل العدد الإجمالي لقتلى الاحتجاجات منذ 14 فبراير 2011 إلى حوالي 60 شخصا. ورغم أن الملك حمد بن عيسى آل خليفة كان قدم اعتذارا عن المخالفات التي أثبتها تقرير جنة تقصي الحقائق حول الاضطرابات التي اندلعت في المملكة منذ 14 فبراير 2011 وتعهد بفتح "صفحة جديدة" والقيام بإصلاحات شاملة وجذرية لأجهزة الأمن البحرينية، إلا أن المعارضة البحرينية تحفظت على عمل لجنة تقصى الحقائق التي أكدت أن السلطات الأمنية استعملت القوة المفرطة وغير المبررة ضد المحتجين, بل وأعلنت المعارضة أيضا أن الخطوات التي أعلن عنها الملك غير كافية. ويبدو أن تمسك كل من طرفي الأزمة بموقفه يزيد الأمور سوءا, حيث كشف الملك حمد مؤخرا عن إصلاحات سياسية منح بموجبها البرلمان بعض الصلاحيات لاستجواب الوزراء وإقرار الميزانية, ولكنه رفض مطالب المعارضة بإعطاء البرلمان صلاحية تشكيل مجلس الوزراء. وفي المقابل, أعلنت المعارضة أنها ستقاطع الانتخابات المقبلة ما لم تلبى مطالبها بالكامل بتنفيذ إصلاحات ديمقراطية شاملة, وقالت جمعية الوفاق الشيعية, وهي أكبر قوة معارضة في البحرين, في بيان لها مؤخرا إن إقالة الحكومة الحالية وتشكيل حكومة إنقاذ وطني سيشكلان بداية لشراكة بين الحكومة والمعارضة. وأضاف البيان أن "حكومة الإنقاذ" ينبغي أن تضع خارطة طريق لاتفاق سياسي وفقا لجدول زمني, موضحا أن تشكيل حكومة منتخبة منبثقة عن البرلمان يعتبر واحدا من أبرز مطالب المعارضة البحرينية التي قاطعت الانتخابات البرلمانية الماضية. ورغم أن البحرين التي يرابط بها الأسطول الخامس الأمريكي لم تتعرض لانتقادات عنيفة من واشنطن, إلا أن ما يجمع عليه كثيرون أن غياب الحوار الجدي بين الحكومة والمعارضة قد يدفع الأمور باتجاه مزيد من أعمال العنف وعدم الاستقرار في المملكة.