غيب الموت الدكتور رفعت السعيد، المفكر السياسي الكبير ورئيس المجلس الاستشاري لحزب التجمع بعد أن أثرى الحياة السياسية بفكره وعطائه الممتد عبر عشرات السنين، إلى جانب إسهاماته الكتابية في تاريخ الحركة الوطنية المصرية، ودوره السياسي البارز. السعيد الذى وافته المنية، مساء أول أمس، عن عمر يناهز 85عامًا، ولد في محافظة المنصورة عام1932، وحصل على ليسانس الحقوق من جامعة عين شمس، ثم الماجستير والدكتوراه في تاريخ مصر والبلدان العربية من ألمانيا. ترأس الراحل حزب التجمع لسنوات طويلة، حتى ترك منصبه ليتولى رئاسة المجلس الاستشاري للحزب، وكان نائباً سابقاً بمجلس الشوري لقرابة 14عاماً. وخاض الراحل حتى أيامه الأخيرة معركة ضد من سماهم جماعات «التأسلم السياسي»، وأصدر أكثر من 18مجلداً في هذا الموضوع، ومنحته جامعة أثينا درجة الدكتوراه الفخرية عن كتاباته ونضاله ضد جماعات «التأسلم السياسي»، حيث كان ثالث مصري يحصل عليها بعد أحمد لطفي السيد لدفاعه عن الديمقراطية، وطه حسين عن كتابه في الشعر الجاهلي. كما أسست جامعة أثينا بالاشتراك مع المنظمة الأوروبية للقانون العام كرسياً باسمه لإعداد دراسات حول مواجهة الإرهاب المتأسلم، ومن مؤلفاته «تاريخ جماعة الإخوان.. المسيرة والمصير» و«ثلاثة لبنانيين في القاهرة» و«تاريخ الحركة الاشتراكية في مصر 1900-1925» و«الصحافة اليسارية في مصر 1950» و«حسن البنا متى، كيف، لماذا؟» و«ضد التأسلم» و«تأملات في الناصرية». بالإضافة إلى«مجرد ذكريات» و«السكن في الأدوار العليا والبصقة» و«عمائم ليبرالية في ساحة العقل والحرية»، و«ثورة 1919 القوى الاجتماعية ودورها، محاولة لرؤية جديدة». اعتقل رفعت السعيد عدة مرات، كما اعتقل سنة 1978 بعد كتابته مقالا موجها إلى جيهان السادات زوجة الرئيس الراحل محمد أنور السادات بعنوان «يا زوجات رؤساء الجمهورية اتحدن»، وعرف بمعارضته لجميع الرؤساء الذين حكموا مصر، إلا أن معارضته للرئيس السادات كانت الأعنف ويعد أحد أبرز المشاركين في انتفاضة يناير 1977 بسبب غلاء الأسعار. ونعى الدكتور السيد البدوى، رئيس حزب الوفد، "السعيد" مؤكداً أن مصر بغيابه فقدت قطباً من أقطاب العمل السياسى وغيوراً على وطنه، ووصف البدوى الراحل بأنه يمثل ذاكرة حية للأحداث والتحولات الكبرى التى شهدتها مصر عبر تاريخها المعاصر. ونعى المهندس حسام الخولي، نائب رئيس حزب الوفد الدكتور رفعت السعيد قائلاً: «لاشك أن رفعت السعيد رحمه الله لم يتنازل عن أفكاره، وهو رمز من رموز الحركة السياسية المصرية، نحزن لفراقه وإسهاماته وكتاباته». وقال النائب مصطفى بكري، عضو مجلس النواب إن الدكتور رفعت السعيد ظل مكافحاً لا يقول إلا ما يعتقد أنه صحيح، واصفاً الفقيد بأنه كان بمثابة جرس إنذار يحذر من خطر جماعة الإخوان منذ زمن طويل وتسييس الدين لأهداف دنيوية. وأضاف «بكري» أن السعيد فقد طعم الحياة منذ رحيل زوجته المناضلة ليلى الشال، التي كانت رفيقة كفاحه، ولم يعرف الهدوء في حياته وقضى أغلى سنوات عمره خلف القضبان، مقدماً العزاء لحزب التجمع وأسرة الراحل ومحبيه. وقالت الكاتبة والإعلامية فريدة الشوباشي إن الدكتور رفعت السعيد لم يكن منحازاً إلا لقضايا الفقراء والبسطاء قائلة: «أشعر بالحزن على رحيل قلم شجاع ورجل مناضل وصادق، امتلك أكبر قدر من الشجاعة لمواجهة الجماعات المتأسلمة والأفكار المتطرفة». واختتمت الشوباشي: «الفكر لا يموت، وهناك الكثير من تلاميذ ومحبي رفعت السعيد والمؤمنين بأفكاره، ونسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته».