رأى الكاتب البريطانى المعروف "روبرت فيسك" أن هناك أسبابا كثيرة تجعل الرؤية الغربية لما يجرى فى سوريا – وخصوصا رؤية أمريكا- تختلف عن الرؤية العربية ورؤية الدول الإقليمية. وقال "فيسك" فى مقال بصحيفة "إندبندنت" البريطانية إن واشنطن ربما تنظر إلى سوريا حاليا كما نظرت من قبل إلى ليبيا وحكومة "بنغازى"، فالعديد من الكتاب فى باريس ولندن وواشنطن، ربما يرون إمكانية تكرار السيناريو الليبى فى سوريا، إلا أن البعض وخصوصا المخضرمين فى المنطقة يدركون أن الرؤية الغربية خاطئة، فهؤلاء يكررون دائما أن مصر ليست تونس وأن االبحرين ليست مصر وأن اليمن ليست البحرين وأن ليبيا ليست اليمن وأن سوريا بكل تأكيد ليست ليبيا. وأشار "فيسك" إلى أن الرؤية المعارضة فى الغرب ، تقارن بين عدة مواقف ، فهناك من يسأل عن سبب اهتمام امريكا وتأسيها لما يحدث من قتل وعنف للسوريين، والدعوة إلى مساندة الجيش السورى الحر المعارض وإنقاذ المدنيين السوريين، فى حين أن سقوط أكثر من ألف و300 قتيل على يد إسرائيل فى غزة لم يحرك العواطف الغربية، ويسأل آخرون كيف نلوم روسيا على إغماض أعينها عما يحدث فى سوريا، فى حين أننا لا نلومها على إغماض أعينها عما يحدث من قتل فى الشيشان على أيدى الجيش الروسى، وقال الكاتب إن الوضع معقد جدا فى سوريا، فرغم أن الكل يعلم ما ترتكبه المخابرات السورية من انتهاكات لحقوق الإنسان، وما يعانى منه المواطنون من مشاكل والفساد المنتشر فى البلاد، إلا أن سقوط النظام العلوى فى سوريا، يعنى توجيه ضربة قوية للنظام الشيعى فى العالم. وإذا كانت دول الخليج وتركيا تأملان فى سقوط النظام السورى لأسباب ومصالح مختلفة ، فإن إيران الحليف القوى لسوريا لن يرضيها ذلك، كما أن العراق يرفض فرض عقوبات على سوريا. وقال الكاتب أنالدول الوقعة فى المنطقة من حدود أفغانستانالغربية حتى سواحل البحر المتوسط ترفض انهيار الاقتصاد السورى ولديها علاقات جيدة وتحالفات قوية مع النظام السورى . وأضاف فيسك أنه على الغرب أن يدرك أن الرئيس السورى "بشار الأسد" ليس بمفرده، فهو يحظى بدعم لبنان وإيران والعراق وغيرها من الدول فى منطقة الشرق الأدنى والأوسط، وهذا ليس معناه إشادة أو تأييد للأسد، ولكنها الحقيقة. وبالنسبة لدول الجوار فإن تركيا أصبحت تمثل نقطة ضعف للاسد من الشمال ، كما هو الحال بالنسبة للاردن من الجنوب ، والوحيدة التى لاتزال صامتة هى إسرائيل . وقال الكاتب ان "الاسد" يحتمى بالشيعة فى ايران والعراق ولبنان وسوريا ، واذا كان الرئيس الليبى الراحل "معمر القذافى" له من الأعداء الكثيرون فى ليبيا، ووقف أمامه المسلحون الليبيون والضباط المنشقون من الجيش، ومن فوقهم طائرات حلف "الناتو" ، فأن "الاسد" يحارب عدوا مسلحا ببنادق "كلاشينكوف" قديمة وبلا مساعدة من "الناتو" . واذا كانت الاساطيل البحرية الغربية قد تمكنت من الرسو فى "بنغازى" بسهولة، فإن ذلك لن يحدث فى ميناء "طرطوس" السورى لأن البحرية الروسية ترابض هناك. ولازال الرئيس "الأسد" يتمتع بولاء قادة الجيش، كما أنه يمتلك ولاء أكبر مدينتين فى البلاد وهما دمشق العاصمة وحلب مدينة رجال الأعمال.