(في حياته وفي موته، نجح العقيد الليبي الراحل "معمر القذافي" في إثارة التمرد في الدول الأفريقية). هكذا بدأت صحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكية افتتاحيتها اليوم، بعد اقتحام مئات من المتمردين الطوارق المدججين بأسلحة وترسانات العقيد الليبي الراحل، مدن في صحراء مالي الشمالية خلال الأسابيع الأخيرة، واعتبرتها موجة من أشد الصدمات الإقليمية الكبيرة النابعة مباشرة من سقوط "القذافي". ففي حياته، دعم "القذافي" حركات التمرد الأفريقية في تشاد وأنجولا وغينيا بيساو وإريتريا وموزمبيق وناميبيا وزمبابوي، فضلا عن تزويده جماعة الطوارق المتمردة بكميات كثيفة من الأسلحة المتطورة أثناء قتالهم من أجله ضد ثوار ليبيا الذين أطاحوا به بعد ذلك وقتلوه، مما ساعد على جعل الطوارق حركة تمرد نشطة وقوية. وفي موته، راحت أسلحة القذافي إلى حركة التمرد المسلحة الطوارق، وازدهرت حتى أصبحت تشكل تحديا كبيرا لهذه الدولة الصحراوية الفقيرة "مالي"، التي تعد حليفا إقليميا مهما لأمريكا ضد تنظيم القاعدة. وأوضحت الصحيفة أن جماعة الطوارق قصفت منشآت عسكرية مالية، ورفعت علم التمرد الخاص بها على بعض المدن الصحراوية في شمال أفريقيا، وأعلنت تحرير المنطقة، هاتفين "الله أكبر، الله أكبر"، ففجاجئت قوتها الجيش المالي الذي اعتاد قتال جماعات قبلية صغيرة تحمل فقط بنادق الكلاشينكوف. ويبدو القتال بين الطوارق وبين الجيش فى مالي ذات الكثافة السكانية المنخفضة في الآونة الأخيرة، على أنه خطوة أكبر من كونها مجرد مناوشات كما حدث من قبل في الستينيات والتسعينيات وفي عام 2006، فهذه المرة لن تهرب الطوارق إلى الجبال الصخرية الوعرة بل أنها جعلت مالي تواجه أخطر تهديد من أي وقت مضى.