الدنيا حبلى بالأحداث، ومع ذلك رفض قلمى أن يكتب فى أى منها: وأصر على الكتابة فى حب النبى عليه الصلاة والسلام بمناسبة ذكراه، ولعلم حضرتك حرصت على أن ينطلق هذا المقال من القلب بدون أى تزويق ولا حتى العناية فى اختيار الكلمات، فكل ما فى قلبى تجده فى سطورى تلك التى تقرأها، ويارب أكون قد نجحت فى كتابة مقال غير تقليدى لأحصل بذلك على أكثر من نواب.. واحد فى الدنيا بسبب نجاحى فى التعبير عن نفسى والثانى فى الآخرة ويتعلق بحب رسول ربنا. وأول ما يلفت النظر فى سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام أنه واحد من الناس. زى وزيك لكنه بالتأكيد أعظم منا شأناً ومقاماً وهذا من الأسباب الأساسية لحبه: وتفصيل ذلك أن كل نبى قبله كان يأت بمعجزة ليثبت لقومه صدق رسالته عدا نبى الإسلام التى كانت رسالته الأساسية فى القرآن. وبعد رسالة الإسلام أصبح فى وسع الإنسان الجمع فى سهولة بين الدين والدنيا: وقبل ذلك كان هذا الأمر ممنوعاً ومن الأمور المستحيلة وعليك أن تختار بين أمرين.. أما أن تعبد ربك وإما الانطلاق فى الدنيا الفانية والنجاح فيها! ولكن سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام سمح لنا بمقتضى رسالته الجمع بين الأمرين! يعنى فى وسعك أن تكون من الأثرياء ومتدين برضه! وتعبد ربك وتتزوج من النساء فشكراً له. وقبل نبى الإسلام كانت المرأة ولا حاجة! وتستحق صفر مربع وبعده تغيرت الدنيا تماماً، وأصبحت سيدتى الجميلة عشرة على عشرة! ولأول مرة فى التاريخ كله يكفل لها القانون ذمة مالية منفصلة عن زوجها وتكون لها شخصيتها المستقلة! وهذا الأمر لم تعرفه الحضارة الحديثة إلا فى وقت متأخر، ومازالت آثاره مستمرة حتى هذه اللحظة، فالمرأة فى بلاد الخواجات تنسب إلى زوجها فيقال: «مدام فلان أو علان» وللأسف انتقل هذا التقليد إلى بعض بلاد المسلمين مع أن إسلامنا الجميل يأبى إلا أن تكون لها شخصيتها الكاملة بدلاً من نسبتها إلى شريك عمرها. ويعجبنى فى نبى الإسلام كذلك أن تلاميذه كلهم من النجوم مثل أبوبكر الصديق وعمر بن الخطاب وأبوعبيدة بن الجراح وسعد بن أبى وقاص وخالد بن الوليد وغيرهم وغيرهم كثيرون!! وهذا أمر لم نره إلا قليلاً أو قل نادراً بين المصلين الذين كانت لهم أدوار حاسمة فى تفسير التاريخ، وهذا الأمر تفتقده كثيراً فى عصرنا الحديث! خاصة ببلادنا وكل رئيس يحرص على أن يكون فرعون أو ملك زمانه يصدر أوامر فيقول له كل من حوله سمعاً وطاعة، ويكره أن تكون بجانبه شخصيات عملاقة قد تنافسه فى خطف الأضواء! ولكن رسولنا عليه الصلاة والسلام «حاجة تانية»! ورغم مسئوليته الجسام فقد كان شديد الحرص على التواصل مع أهل بيته، ورفض أن ينساهم فى زحام مشاغله! وهو القائل: خيركم.. خيركم لأهله.. رأيته دوماً قدوة رائعة للإنسان فى دنياه ولذلك أحببته من كل قلبين، وفى ذكراه نسيت كل شىء فى الدنيا وقررت أن أكتب عنه رغم أنى بالتأكيد لن أوفيه حقه.
