بعد تسعير القمح الروسي ب 250 دولار للطن. التموين: لدينا مناشئ أخرى    حزب الله يتبنى الهجوم على إسرائيل بانفجار طائرة مسيّرة جنوب حيفا    إسرائيل ومخطط الترتيبات الأمنية فى الإقليم    بيراميدز يحدد موعد السفر إلى الإمارات استعدادا للسوبر المصري    الخدمات الرقمية والشمول المالي، ندوة بمركز التنمية الشبابية بالمنصورة    تحرير 26 محضر مخالفات اشتراطات صحية وبيئية بالمنوفية    وليد فواز: مقدرش أقدم شخصية ضد المجتمع.. وهذه أعمالي المقبلة | حوار    هل صلاة التسابيح تكون بتشهد؟ أمين الفتوى يجيب    وزير الصحة يستقبل وفدا من دولة الإمارات لبحث فرص الاستثمار في قطاع الرعاية الصحية    التعادل السلبي يحسم ودية الإسماعيلي وفاقوس    تشواميني قبل لقاء بلجيكا: حب كيليان مبابي لمنتخب فرنسا لا يحتاج لإثبات    قائد القوات الجوية: ماضون بكل عزم في الحفاظ على أمن الوطن ومقدساته ضمن منظومة القوات المسلحة    مدبولى: التشغيل الأحادى للسد الإثيوبى يؤدى إلى عواقب وخيمة    وسط حالة من التركيز.. منتخب الشاطئية يواصل استعداداته لكأس أمم أفريقيا    إسماعيل فرغلي يبكي حزنًا على فراق زوجته: «ياما ضحت علشاني»    أحد الناجين من حادث قطار المنيا: «الرحلة تحولت إلى كابوس في لحظة»    واتس اب وإيميل.. الحوار الوطني ينشر وسائل التواصل مع المواطنين للرد على استفسارات الرأي العام    شركة استادات تتحمل تكاليف علاج وتأهيل يوسف حسن لاعب الكرة ومنتخب مصر.    موعد مباراة الجزائر وتوجو والقنوات الناقلة في تصفيات أمم أفريقيا 2025    طبيب سعودي يوضح تطورات إصابة ياسين بونو ومدة غيابه    "لو أبعدناهم من سيتواجد؟".. عضو رابطة الأندية يرد بقوة على حسام حسن    رئيس معهد التخطيط القومي: قضية البيانات محرك أساسي للتنمية الاقتصادية    صحيفة ألمانية: الرئيس الأمريكي جو بايدن سيزور برلين الجمعة المقبلة    الحكم على متهم ب«أحداث اقتحام قسم كرداسة» 12 نوفمبر    ضبط سيدة متهمة بإدارة كيان تعليمى "بدون ترخيص" بالإسكندرية    «مدبولي» يلتقى محمود محيي الدين بمناسبة انتهاء مهام عمله بصندوق النقد    الجامعة العربية: تمكين الشباب على رأس أولويات الحكومات العربية    تكريم المرشدين الأكاديميين باللقاء التعريفي لكلية التربية بجامعة قناة السويس    عضو «العالمي للفتوى»: هذه العبادة تفتح أبواب الرزق والخير (تعرف عليها)    مفتي الجمهورية يتوجَّه إلى أوزباكستان للمشاركة في مؤتمرين عِلميَّيْنِ    حملة «100 يوم صحة» تقدم أكثر من 115 مليون خدمة مجانية خلال 73 يوماً    جالانت: لن نسمح لحزب الله بالتواجد مرة أخرى بالقرى الموجودة على الحدود    «برغم القانون» الحلقة 21.. تهديد لعابد عناني وصراع مع إيمان العاصي    «5 دقائق».. تعليمات جديدة من التعليم بشأن التقييمات والاختبارات الشهرية لصفوف النقل    ضبط مخابز تتلاعب فى أوزان الخبز بالإسماعيلية وإحالة أصحابها للنيابة    بكين: اختلافات كبيرة مع الاتحاد الأوروبي على رسوم السيارات الكهربائية    محافظ المنوفية يستقبل مدير صندوق مكتبات مصر العامة    أسباب الإصابة بالربو عند الأطفال    "الخادم والكتاب المقدس" في لقاء خدام "شرقي المنيا"    السعودية تعلن إتاحة 4 مطارات لإدارة القطاع الخاص خلال 2025    رئيس مجلس قروي "تل": استمرار الانتهاكات الإجرامية الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني    رئيس جامعة الأزهر: 10 معجزات علمية في القرآن أذهلت العالم كله    صحيفة إسرائيلية تكشف عن خسائر تل أبيب جراء الهجوم الإيراني الأخير    الثقافة تطلق برنامج "مصر جميلة" المجاني على مسرح 23 يوليو بالمحلة ضمن مبادرة "بداية"    حجز الحكم على المتهم في قضية أحداث مركز كرداسة    عالم أزهري يرد على السؤال المحير ل عمر كمال بشأن أمواله: ربكم أعلم    بالصور.. نائب سفير إندونيسيا يزور الدقهلية ويشاهد عرض للفلكلور الشعبي    للمسنين نصيب من الخير.. التحالف الوطنى يمد يد العون للأسر الأكثر احتياجا ولجميع الفئات العمرية    الطبيب المصري محمد توفيق يكشف للقاهرة الإخبارية سر نجاح 33 عملية في 13 ساعة بغزة    وفر تمويل للأنشطة.. النائب طلعت عبد القوي يستعرض مزايا قانون الجمعيات الأهلية الجديد    الأحوال المدنية تستخرج 23 ألف بطاقة رقم قومي للمواطنين بمحل إقامتهم    زراعة المنوفية: عقد 35 ندوة توعية والموافقة على ترخيص 18 مشروعا زراعيا    مصطفى شعبان يبدأ تصوير مسلسله الجديد حكيم باشا للعرض رمضان المقبل    الداخلية تواصل حملاتها لضبط حائزي المخدرات والأسلحة في 12 محافظة    استعدادًا للأمطار.. رئيس "صرف صحي الإسكندرية" يتفقد محطات ومشروعات المنتزه - صور    قصف مدفعي إسرائيلي يستهدف مخيم البريج: 5 شهداء وعدد من المصابين    رئيس الوزراء: الوصول للماء أصبح من أبرز التحديات الإنسانية بسبب تنامي الحروب    أسباب انتشار تطبيقات المراهنات في المجتمع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النهر العظيم سيد مجراه
«الوفد» تنفرد بأخطر حوار مع الفقيه المستشار محمد عبدالوهاب خفاجى حول الحقوق المشتركة لدول حوض النيل
نشر في الوفد يوم 25 - 06 - 2017

النيل سفير فوق العادة للحضارة الإنسانية عبر الأجيال
فتنة الاحتلال انتقلت من بذرة الصراع على الحدود إلي صراع السدود
تأخرنا في تأسيس أكاديمية علمية أفريقية للحفاظ علي النهر الخالد
النيل نهر ديناميكي بالمعيار القانوني صنع القوانين وليس استاتيكيا يخضع لنظام الحصص
تعلمنا أن نهر النيل ليس مجرد نهر عطاء، لكنه رسالة في الفكر الإنسانى والقانونى فعلى ضفافه قامت أعظم حضارات التاريخ، لذا فهو متجدد وتتجسد عظمته فى أنه يمنح أبناءه السلام والأمان, فالنيل ليس مجرد الأب الشرعى للحضارة المصرية والافريقية، بل هو المعلم الأول للقانون , وبعد أن انفردت «الوفد» الأسبوع الماضى بالتنويه عن أهم وأخطر دراسة حول الحقوق المشتركة لدول حوض مياه النيل قبيل زيارة السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى لحضور القمة الافريقية بأوغندا لتعزيز سبل التعاون أجرى الفقيه المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة أحدث دراسة موسوعية عن الحقوق المائية والبيئية بين دول حوض النيل لتحقيق الأمن المائى بمفهومه الواسع وضع خلالها استراتيجية فقهية ومواجهة أى طوارئ لشح المياه أو الندرة أو الانتقاص من الحصص العادلة, وتحقيق خطة لمشروعات تنموية تستهدف رفع كفاءة هذا المجرى النهرى وتأكيد شراكة مستدامة وتحالف مؤسسى تنموى بين دول الحوض له خصوصيته يؤكد الحقوق التاريخية لتلك الدول في اطار قانونى ينبع من الفكر الافريقى الحديث, ويتفق مع حركة علم القانون الدولى وتكون بداية لتأسيس مدرسة فكرية فقهية افريقية جديدة, فضلاً عن تناوله لنقاط مستجدة تضمن تنمية شاملة للاستثمار المائى بكل نواحيه من خلال معايير موضوعية, وتنفرد «الوفد» بإجراء هذا الحوار الهام مع سيادته على خريطة مصر المستقبل.
وإلى نص الحوار:
سألناه في البداية عن مدى مشروعية استقلال كل دولة في تنظيم سيادتها على نهر النيل دون رضاء الدول الأخرى وفقاً لأحكام القانون الدولى؟
نهر النيل هبة من الله لحياة مصر والنهر العظيم منذ فجر التاريخ سيد مجراه وسفير فوق العادة للحضارة الإنسانية عبر الاجيال, وأن مياه الأنهار على عكس طبيعة اقليم الدولة ليست ثابتة وإنما تنتقل بطبيعتها شديدة السيل والتدفق والفيض, فإقليم بعض الدول وهو أمر داخلى كمنبع لبعض الانهار تجدها تصب في اقليم دولة أو دول أخرى وتصبح جزءاً من اقليمها أيضاً, فكل دولة منها تتمتع بسيادة اقليمية على الجزء الواقع في أراضيها لكنها لا تستطيع أن تمارس تلك السيادة كاملة دون موافقة ورضاء الدول الأخرى الشاطئية للنهر وإلا عُد ذلك طبقاً لقواعد القانون الدولى انتهاكاً للتوقعات المشروعة للدول المشتركة في النهر ذاته.
هل نهر النيل يعد نهراً دولياً أم وطنياً لكل دولة مطلة عليه في ضوء أحكام القضاء الدولى؟
استقر الفقه الدولى على أن النهر الدولى هو الذى يكون له طبيعة مزدوجة داخلية وخارجية فيخضع لاختصاص أكثر من دولة في روافده وفروعه, ويضيف أن التعريف الذى وضعته المحكمة الدائمة للعدل الدولى عام 1929 بمناسبة منازعة اللجنة الدولية للدور الذي يقوم على فكرة الملاحة النهرية بأنه «المجرى الصالح للملاحة الذى يصل عدة دول بالبحر «وهى فكرة اعتمدت عليها كثير من المعاهدات الدولية لأنهار ذات أهمية كبرى مثل أنهار الراين والدانوب والمسيسبى والكونغو ولكن التقدم العلمى في العصر الحديث كشف النقاب عن استخدامات جديدة للمياه تتعلق بالجانب الاقتصادى في غير الملاحة تتمثل في أنها أصبحت مصدراً للطاقة الكهربائية واستصلاح ملايين الافدنة التى تروى بالطرق الصناعية وقد تناولت معاهدات باريس 1914-1918 مسائل الاستثمار الصناعى والزراعى للأنهار وهو ما دعا الأمم المتحدة إلى انشاء مركز لتطوير ابحاث المياه.
إن نهر النيل بهذه المثابة يعد نهراً دولياً وفقاً لمعيارين: الأول معيار الملاحة النهرية الذى استقر عليه القضاء الدولى وباعتباره صالحاً للملاحة في عدة أجزاء من مجراه ولا يلزم لاكتسابه الصفة الدولية استناداً إلى صالح للملاحة في كل مجراه , كما أنه يعد دولياً وفقاً لمعيار الاستحداث العلمى في مصادر الطاقة الكهربائية واستصلاح المساحات الشاسعة صناعياً.
ما هو الأثر المترتب على أن نهر النيل يعد نهراً دولياً على دول المنبع ودول المصب؟
إن قواعد القانون الدولى لا تعرف التفرقة بين دول المنبع ودول المصب فلا تملك دول المنبع ملكية مطلقة احتكارية، بل الملكية على المشاع بين الفريقين تتساوى فيه دول المنبع مع دول المصب في الانتفاع المشترك الاَمن للمياه, وأن الأثر المترتب على اعتبار نهر النيل نهراً دوليا أن أى دولة من دول المنبع أو دول المصب لا تستطيع أن تمارس سيادتها كاملة بإرادتها المنفردة على النهر دون تنظيم مع الدول الشاطئية، لأنها يجب أن تتوافق مع الرضاء المشروع للدول المشتركة في النهر ذاته وهذا الأثر غاية في الدقة وهو المحور الذى تدور حوله مشاكل الأنهار في القانون الدولى.
هل مرت حقوق الدول الشاطئية بمراحل في ظل المجتمع الدولى؟ وما هو مبدأ التوزيع العادل للدول الشاطئية لنهر النيل؟
إن الوضع الدولى مر بمراحل متدرجة، فثمة نظرية للسيادة المطلقة قد ذهبت إلى غير رجعة، فالدول الشاطئية لا تستطيع أن تستخدم مياه النيل استخداماً حراً انفرادياً، لأنها من الممكن أن تستهلك مياه النهر بما يضر بالدول الأخرى المطلة على النهر والقول بغير ذلك يؤدى إلى فوضى على المستوى الدولى , ثم سادت نظرية التكامل الإقليمى المطلق التى تنظر للنهر على أنه وحدة اقليمية متكاملة لا تجزئها الحقوق السياسية وفيها لا تتحكم دولة واحدة من الدول الشاطئية في مجرى النهر ويعيبها أنها تحابى دول النهر السفلى ولا تحقق المساواة بين الجميع, ثم سادت نظرية الملكية المشتركة وبمقتضاها يصبح النهر الذى يجرى في اقاليم عدة دول ملكاً مشتركاً بين تلك الدول ويصبح مجرى النهر حقاً مشتركاً لا يمكن لإحدى الدول المطلة عليه التصرف فيه وحدها في استعمال المياه وتلك النظرية تحتاج إلى اتفاق بين الدول الشاطئية ويقابله صعوبة في التطبيق على مسرح الحياة الدولية تتمثل في أن الظروف الدولية ونتيجة للإرهاب الدولى فقد لا تتقيد الدولة في اتخاذا الاجراءات الضرورية للحفاظ على أمنها القومى.
إن النيل نهر ديناميكى بالمعيار القانونى صنع القوانين مع فجر التاريخ وليس استاتيكيا يخضع لنظام الحصحصة (الحصص) كما أن العصر الحديث كشف عن معيار جديد هو مبدأ التوزيع العادل ومضمونه أن الدول الواقعة على النهر يحق لها استخدام النهر على أساس عادل ومعقول ويدخل في تقديرها الحقوق الناشئة عن الاتفاقات الدولية والاستخدام المستقر الذى تواترت عليه تلك الدول في الزمن والتطورات المحتملة للمستقبل.
هل مبدأ التوزيع العادل بين الدول الشاطئية لنهر النيل تزكيه أحكام في القضاء الدولى؟
نعم، هناك أمثلة من القضاء الدولى تفيد الأخذ بمبدأ التوزيع العادل, ومثاله اعتراف شيلى بأن بوليفيا وهى دولة المصب – بمناسبة النزاع بينهما على نهر لوكا Lauca - لها حقوق فى النهر, ومثال ذلك أيضاً الحكم الصادر فى قضية بحيرة لانو، وخلاصته أنه من غير الجائز لدولة ما، أن تغير من أوضاع مياه حوض نهر دولى بما ينال دولة المصب بضرر بالغ.
هل يخضع نهر النيل للقواعد الاتفاقية؟ وهل يجوز لإحدى الدول المساس بالحقوق المشروعة لمصر؟
نهر النيل يخضع للقواعد الاتفاقية التى تم الاتفاق عليها بين الدول الطلة على منابعه ومجراه ومصبه, على نحو ما سلف بيانه من اتفاقات, وثمة قاعدة في ظل أحكام القانون الدولى تقتضى احترام مبدأ «حسن النية» ومعناه أنه لا يجوز لدولة من الدول المشتركة في النهر أن تتخذ أى تصرف يعد تعسفاً في استعمال الحق أو سوء النية, وفى كل الأحوال فثمة قاعدة استقرت في تاريخ المجتمع الافريقى وسجلتها الاتفاقات الخاصة بنهر النيل وتتمثل في التزام كافة الدول المطلة على نهر النيل باحترام الحقوق المشروعة لمصر.
هل هناك اتفاقيات دولية على نهر النيل غير اتفاقية 1959 الموقعة بين مصر والسودان وماذا تضمنت جميعها من حق لمصر في حصص مياه النيل ؟ وما هى حكاية ال 13 اتفاقية؟
نعم، هناك اتفاقيات خاصة بالنيل غير اتفاقية 1959 الموقعة بين مصر والسودان ويمكن للمتخصص في علم تاريخ القانون الدولى تعدادها ب 13 اتفاقية 1- البروتوكول الموقع عليه في روما في 15 ابريل عام 1891 بين بريطانيا وايطاليا في شأن تعيين الحدود بين اريتريا والسودان 2-الاتفاق الموقع عليه في أديس أبابا في 15 مايو عام 1902 بين بريطانيا وإثيوبيا وبمقتضاه تتعهد إثيوبيا بألا تقيم أية أعمال على النيل الازرق أو على بحيرة تانا أو على السوباط يكون من شأنها التأثير على مياه النيل إلا باتفاق مع بريطانيا والسودان 3- المعاهدة الموقع عليها في لندن في 9 مايو عام 1906 بين بريطانيا والكونغو وفيها تتعهد الكونغو بألا تقيم أو تسمح بأن تقام أعمال على أو بالقرب من سميليكى يكون من شأنها انقاص حجم المياه التى تدخل بحيرة البرت دون موافقة السودان 4-الاتفاق الموقع في 13 ديسمبر عام 1906 بين بريطانيا وفرنسا وايطاليا للمحافظة على مصالح بريطانيا ومصر في حوض النيل 5-الاتفاق في 29 يناير عام 1934 بين بريطانيا وبلجيكا وينص على أن يتبع الحدود في نهر كاجيرا Kagera مجرى الملاحة Thalweg 5-الاتفاق المبرم بين بريطانيا والولايات المتحدة الامريكية فى 10 فبراير عام 1925 بتحديد التخوم فى الانتداب البريطانى على افريقيا بمجرى الملاحة فى كاجيرا 6- المذكرات المتبادلة بين بريطانيا وايطاليا خلال الفترة من 14- 30 ديسمبر عام 1925 التى تثبت اعتراف ايطاليا بحقوق الاولوية المائية لمصر والسودان على النيلين الازرق والابيض وروافدهما وفيها تتعهد ايطاليا بالامتناع عن أى عمل من شأنه أن يعدل من حجم المياه فى تلك الانهار بدرجة محسوسة 7- الخطابات المتبادلة بين بريطانيا ومصر بمناسبة مقتل سير لى ستاك فى شأن اتجاه بريطانيا إلى زيادة مساحة الاطيان التى تزرع فى الجزيرة (8) الاتفاق بين مصر والسودان عام 1932 بشأن اقامة خزان جبل الأولياء (9) الاتفاق بين بريطانيا وبلجيكا الذى جرى توقيعه بلندن فى 22 نوفمبر عام 1932 بشأن تنظيم الانتفاع بالمياه على الحدود بين تنجانيفا ورواندا أورندى (10) المذكرات المتبادلة بين مصر وبريطانيا فى ديسمبر عام 1946 وفبراير عام 1950 ويناير عام 1953 فى شأن المشروعات التى تقوم على النيل والارصاد الجوية والمائية فى حوضه (11) الاتفاقان المبرمان فى يونيو عام 1952 و 27 يونيو عام 1953 بين الولايات المتحدة واثيوبيا لتحديد الطبيعة الجغرافية لحوض النيل (12) الاتفاق المبرم بين مصر والاتحاد السوفيتى فى 27 ديسمبر عام 1958 بشأن انشاء السد العالى وجميعها لا تنتقص من حقوق مصر المشروعة على مياه النهر.
ما مدى التزام دول المنبع باتفاقية عام 1929 عن الحقوق المشروعة لمصر؟
اتفاقية عام 1929الموقعة بين مصر وبريطانيا نيابة عن السودان وكينيا وتنجانيقا وتنزانيا وأوغندا تنص فى صراحة ووضوح على حظر إقامة أى مشروع من أى نوع على نهر النيل أو روافده أو البحيرات التى تغذيها كلها إلا بموافقة مصر إذا كانت هذه المشروعات ستؤثر على كمية المياه التى كانت تحصل عليها مصر أو على تواريخ وصول تلك المياه إليها، كما تضمنت تلك الاتفاقية كذلك النص على حق مصر فى مراقبة مجرى نهر النيل من المنبع إلى المصب، وتوفير كل التسهيلات اللازمة للحكومة المصرية للقيام بدراسة ورصد الأبحاث المائية لنهر النيل فى السودان ومؤدى ذلك ولازمه في مفهوم القانون الدولى الاعتراف من تلك الدول بالحقوق التاريخية لمصر فى مياه النيل.
هل اعتراض اثيوبيا على اتفاقية 1929 له سند في ظل أحكام القانون الدولى باعتبارها لم توقع على تلك الاتفاقية ؟
رفض إثيوبيا الاعتراف باتفاقية عام 1929 المشار إليها على سند من القول إنها أُبرمت تحت ظروف الاحتلال اَنذاك وقد جرت بطريقة اذعانية دون تشاور أو تفاوض معها أثناء كانت محتلة وليس هناك ما يلزمها بتلك الاتفاقية بعد استقلالها، فإن ذلك مردود عليه بأن المادتين (11و12) من اتفاقية فيينا بشأن التوارث الدولى فى مجال المعاهدات لعام 1978 فقد نصت المادة (11) على أنه لا تؤثر خلافة الدول فى حد ذاتها على(أ- الحدود المقررة بمعاهدة . ب-الالتزامات والحقوق المقررة بمعاهدة والمتعلقة بنظام الحدود). ويؤكد ذلك الفقرة الثانية من المادة (62) من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام 1969م والتى نصت على أنه لا يجوز الاستناد إلى التغير الجوهرى فى الظروف كسبب لإنهاء المعاهدة أو الانسحاب منها إذا كانت المعاهدة من المعاهدات المنشئة للحدود، وبهذه المثابة، فإنه لا يجوز للدولة الحاصلة على الاستقلال أن تحتج بأن شكلها الجديد يمثل تغيراً جوهرياً فى الظروف يبرر لها إنهاء العمل بالمعاهدات المتعلقة بالحدود أو المرتبطة بها والتى سبق أن ابرمتها الدولة السلف، والقول بغير ذلك فيه مخالفة لأحكام القانون الدولى.
وبموجب المادة (12) فإن خلافة الدول لا يكون لها تأثير على انتقال الالتزامات والحقوق المتصلة والمقررة باستخدام الإقليم لصالح دولة أو دول أخرى، باستثناء الاتفاقات الخاصة بإقامة قواعد عسكرية أجنبية فى الإقليم، فتلك لا تلتزم بها الدولة الخلف وبهذه المثابة فإن اتفاقية سنة 1929 تعد من المعاهدات الخاصة بتحديد ورسم الحدود أو بالوضع الإقليمي والجغرافى التى لا ينال منها التوارث الدولى وتظل مخاطبة قانوناً بها كالتزام على عاتق الدولة الوارثة، كما لا يجوز تعديلها أو إلغاؤها إلا باتفاق الدول الموقعة عليها أو باتباع الإجراءات المقررة فى اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام 1969.
هل لمحكمة العدل الدولية سوابق قضائية فيما يتعلق بالتوارث الدولى؟
نعم، فقد ذهبت محكمة العدل الدولية ذلك فى أحدث أحكامها بشأن الأنهار الدولية فى النزاع بين المجر وسلوفاكيا وفي النزاع بين أوروجواي والأرجنتين بشأن نهر أوروجواي عام 2010، ووضعت قاعدة دولية مقتضاها أن الاتفاقات المتعلقة بالأنهار الدولية، سواء فيما يتعلق بالملاحة فيها، أو استخدام مياهها فى غير أغراض الملاحة، من المعاهدات التى لا يجوز المساس بها نتيجة للتوارث الدولى، واعتبرتها من قبيل المعاهدات الدولية التى ترثها الدولة الخلف عن الدولة السلف، ولا يجوز لها التحلل منها لأى سبب من الأسباب، تأكيداً على أن المادة (12) من اتفاقية فيينا لعام 1978 بشأن التوارث فى المعاهدات باتت قاعدة من قواعد العرف الدولى الملزمة لكافة الدول والتى لا يجوز التحلل من ربقة الالتزام بها أو الخروج عليها.
وهل معنى ذلك أنه يمكن الاستناد إلى الحكمين الصادرين من محكمة العدل الدولية على اتفاقية 1929؟
نعم يمكن ذلك لأن اتفاقية عام 1929 تتعلق بالتزامات ذات طبيعة إقليمية وجغرافية، ومن ثم فهى لا تتأثر بانتقال السيادة على الإقليم المحمل بالالتزامات الإقليمية من الدول السلف التى كانت مستعمرة فيما مضى إلى الخلف أى الدول الجديدة بعد انتهاء الاحتلال وحصولها على الاستقلال, والنتيجة المترتبة على ذلك أن الاَثار المترتبة على المعاهدة التى ابرمتها الدولة السلف تنتقل كما هى محملة بالالتزامات الدولية إلى الدولة الخلف, وبهذه المثابة لا يجوز لأية دولة مطلة على النيل أن تحرم مصر من حقوقها التاريخية فى مياه النيل، و حصتها التاريخية فى تلك المياه.
وماذا عن اتفاقية عام 1959 بين مصر والسودان بشأن إنشاء السد العالي وهل تضمنت أى افتئات على الحصص المائية لدول حوض النيل ؟
اتفاقية عام 1959 كانت بين مصر والسودان بشأن إنشاء السد العالي لتوزيع المنافع الناجمة عنه بينهما, وقد احتجت إثيوبيا بأن تلك الاتفاقية لا تلتزم بها إذ لم تكن طرفاً فيها، وطبقاً لقواعد القانون الدولى فإن الغاية التى سعت إليها تلك الاتفاقية من حيث توزيع المنافع بينهما على نحو حافظت كلتا الدولتين على الحقوق التاريخية والمكتسبة لكل منهما لتنظيم الاستفادة من حصتهما في ماء النيل ودونما إلحاق أية اضرار بحقوق سائر الدول المطلة على نهر النيل, ومن ثم فالمعيار المعول عليه هو عدم الانتقاص من الحصص المائية للدول المطلة على النهر.
ألا يوجد أى اتفاق بين مصر وإثيوبيا بشأن نهر النيل في العصر الحديث؟
نعم، يوجد اتفاق بين مصر وإثيوبيا في 1 يوليو 1993 سمى باتفاق القاهرة بشأن وضع إطار عام للتعاون بينها لتنمية موارد مياه النيل وتعزيز المصالح المشتركة، وتضمن ذلك الاتفاق تعهد الطرفين بالامتناع عن إجراء أي نشاط يلحق ضرراً بمصالح الطرف الثانى فى الاستفادة بمياه النيل، مع التأكيد على التعهد بالتشاور والتعاون في المشروعات ذات الفائدة المتبادلة، والعمل سوياً علي زيادة حجم التدفق، وكذلك تقليل الفاقد من مياه النيل في إطار خطط تنمية شاملة ومتكاملة. متضمناً ذلك الاتفاق إنشاء آلية للتشاور بينهما بالنسبة للموضوعات محل الاهتمام المشترك بمياه النيل، وتعهد كل طرف منهما بالتعاون بين دول حوض النيل لتحقيق الاستفادة من مياه نهر النيل.
وماذا عن القوة الملزمة لاتفاقية عنتيبى الموقعة 2010 بين الدول المطلة على نهر النيل دون مصر والسودان والكونغو الديمقراطية؟
فيما يتعلق باتفاقية عنتيبى الموقعة فى مايو 2010 التى وقعت عليها الدول المطلة على نهر النيل فلم توقع عليها مصر والسودان والكونغو الديمقراطية، ولما كان المبدأ السائد دولياً أن الاتفاقيات الأحادية التى تخل بالعدل بالمائى تعارض التوزيع المتكافئ لمياه النيل, فقد تحفظت مصر على ثلاثة بنود وطلبت تعديل الاتفاقية، يتمثل أولها فى وجوب الاعتراف بحقوق مصر التاريخية فى مياه النيل وعدم المساس بحصتها البالغة 55 مليار متر مكعب، ويتمثل ثانيها في وجوب اتباع قاعدة دولية للأنهار المشتركة بالإخطار المسبق من كافة الدول العشر المطلة على نهر النيل حال قيام إحداها باتخاذ أى إجراء بشأن مياه نهر النيل, بينما يتمثل ثالثها في وجوب إعمال قاعدة دولية مستقرة هى التصويت الموزون أو النسبى فى اتخاذ أية قرارات تتعلق بشأن نهر النيل.
وبناء على ما تقدم لا تتمتع اتفاقية عنتيبى بأية قوة ملزمة في مواجهة الدول الثلاث مصر والسودان والكونغو الديمقراطية لإخلالها الجسيم بمبدأ التوزيع العادل على نحو لا يجوز معه حرمانها من استخدام النهر والاستفادة به على أساس عادل ومعقول والتى يدخل فيها الاستخدام المستقر لمصر من آلاف السنين والاحكام القضائية الدولية المماثلة والتطورات التى استحدثها العلم لأهمية استخدام النهر لجميع تلك الدول دون أحقية افتئات أحدها على الأخرى.
كيف تحل مشكلة السدود ومنها سد النهضة؟ وهل يكفى فيها الحلول الدبلوماسية أو الفنية؟ وهل تعرضتم في دراستكم لذلك؟
إن فتنة الاحتلال انتقلت من بذرة الصراع على الحدود إلى صراع حول السدود, فمشكلة السدود على نهر النيل ومنها سد النهضة أحادى الجانب من إحدى الدول المطلقة على نهر تشترك فيه الدول الشاطئية ويسبب عدة أضرار ومخاطر جمة تصيب مصر والسودان وهناك عدة وسائل قانونية دولية لمنع تلك الدولة من مغبة حرمان مصر من حقوقها وحصصها التاريخية في مياه النيل, فلا يوجد ملف شائك على الساحة الدولية والعبرة بالصياغة والفهم الصحيح.
ويضيف أن الفقه هو عقل القانون والدبلوماسية اَلية من اَلياته وتلك الحلول القانونية عديدة ومستنيرة ورشيدة ومثل تلك الأمور تذكر في مجالاتها وساحتها, وعمل القانون في هذا الشأن يختلف عن عمل الدبلوماسى, ذلك أن القانون المجرد من الثوابت التى تتواكب مع قوانين الطبيعة التى تحكم حركة الشمس والقمر والزلازل بينما النظريات السياسية متغيرة وغير ثابتة, كما أن عمل الدبلوماسى يقتصر على النوايا بينما العمل الفقهى يتعلق ببحث أصل الحق من مختلف الزوايا, فكل شىء قابل للحوار القانونى المجرد إلا الافتئات على حقوق الأوطان, والواقع أننا تأخرنا في تأسيس اكاديمية علمية افريقية لإعداد مدرسة للكوادر التى تحافظ على النهر الخالد.
ما رأيك في مبادرة القيادة السياسية في المشاركة في القمة الافريقية لدول حوض النيل؟
أرى أن في مبادرة القيادة السياسية في المشاركة في القمة الافريقية لدول حوض النيل خطوة شجاعة من أجل الحفاظ على أمن مصر المائى من ناحية وتعميق فكرة الحفاظ على وحدة المنافع المشتركة لدول حوض النيل والتى ترسخت عبر حقب تاريخية متباينة، انبثاقاً من صلاحية معظم مجراه للملاحة، ولمنح الدول المطلة عليه حق استخداماتها الاقتصادية دون اضرار بسائر الدول سواء كانت من المنبع أو المصب, وفى ذات الوقت ادراك القيادة السياسية أن نهر النيل هو الذى وهب الحياة لمصر عبر التاريخ مع الاحترام الكامل من جميع الدول لمبدأ الجوار، أخذاً بقاعدة لا ضرر ولا ضرار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.