الواثقون لا يقارنون أنفسهم بالآخرين.. والثقة هى الأساس فى مشوار النجاح والتميز، ولكل سمات يحظي بها، وللنظام والالتزام دور، وأسلوب حياة، مبدأه احترام الآخرين، ومنهجه خدمة الآخرين، حريص على عدم الخطأ، المواجهة مع النفس، وعتاب الذات لهما مفعول السحر إذا ما انحرف عن مساره، فلسفته تقوم على العمل الجماعى، وروح الفريق، وهو سر نشاطه. أسامة جمال العضو المنتدب لفروع شركة «النعيم» للسمسرة.. على ملامحه يبدو الهدوء، وعلامات الرضا، تصالحه مع نفسه أول ما يلفت الانتباه.. يبحث عما يحقق له السعادة والاتساق مع النفس، يجدها فى ممارسة رياضة «التنس» التى تمنحه التركيز والتخطيط. أول ما يخطف الانتباه عند مدخل البرج المالى الذى يتابع منه عمله، هى لغة الأرقام، الطابق الأول كالأخير عمليات شراء وبيع، فى غرفة عادية جهزت للاجتماعات كان اللقاء مع الشاب الأربعينى، شعورا بالتحدى والإصرار بداخل الرجل، حتى يحقق طموحه.. بادرنى قائلاً: «تنمية محور قناة السويس هي القادرة على وضع الاقتصاد على قائمة خريطة المستقبل فى قائمة الدول المتقدمة». «نعم لى حجج قوية، نحن نبحث عن الاستثمار، واستقطاب المستثمرين، حتى نحقق معدلات نمو تتناسب مع انطلاقة الإصلاح الاقتصادى، والمكاسب المحققة أربعة، فالصناعة الأساسية سوف تحرك العديد من الصناعات الفرعية، حيث إن استقطاب الاستثمارات سوف يخلق نوعاً جديداً ويعزز السياحة بالمنطقة».. من هنا بدأ الحوار: فلسفته تقوم علي التخطيط والنظام وهما لا يتحققان إلا فى مشروعات عملاقة مثل تنمية محور قناة السويس، والدخول فى خريطة الدول المنتجة للغاز والبترول. المؤشرات تحمل التفاؤل، والعمل على أرض الواقع يختصر لك الطريق، وللشاب الأربعينى مؤشرات على ذلك، اكتشاف البترول، وحقول الغاز التى ستبدأ فى التصدير مع نهاية العام، برهان قوى على أن الاقتصاد قادم بقوة، وكذلك قطاع السياحة وتنفسه الصعداء مع بشائر الأفواج السياحية. قاطعته قائلاً: لكل قرار سلبيات وتعويم الجنيه فاتورة يدفعها رجل الشارع البسيط. يرد قائلاً: «لا داعى للقلق أى دولة تمر بمثل هذه الظروف وحدث ذلك فى تجربة تركيا والبرازيل والأرجنتين، فقد شهدت مع تحرير سعر الصرف تذبذباً عنيفاً صعوداً وهبوطاً فى العام الأول، وهى مشاهد عادية، والاقتصاد الوطنى فى مساره الصحيح مع تحرير سعر الصرف، وأى دولة تبدأ خطوات الإصلاح الاقتصادى يكون سوق حرة للعملة، ولا توجد موانع لتحويل العملة، وبسهولة يكون تحويل العملة للخارج وهو ما يتحقق». صحيح أن الجنيه تعرض لحركة تذبذب عنيفة ووصل إلى 19 جنيهاً، ثم تراجع مرة أخرى، مما أدى إلى تخوف المستثمرين على أموالهم، والكل متفق على أن الدولار لا يساوى 18 جنيهاً، فقد تم تقييمه ما بين 9 و10 جنيهات، بناء على تقييمهم للسندات الدولارية، ولكن ارتفاعاته بسبب تعرضه إلى مضاربات على السوق، والكل كان لديه فكر المحافظة على رأس المال لأنه لم يحقق مكاسب نتيجة ارتفاع الأسعار, من 150 إلى 300%. كان يأمل الشاب الأربعينى فى دراسة الهندسة، ولكن حددت له الظروف مساراً آخر، ليدرس التجارة، ويكون محللاً، ودقيقاً بتوضيح توقيت قرار التعويم، حيث يعتبر أنه عقب الثورة لم يكن الوقت قابلا للتنفيذ، إذ لم تكن الإدارة المسئولة عن البلاد، مؤهلة نفسياً وعلمياً، واتخاذ أى قرار سوف يكون له تداعياته العنيفة، وكان الشارع على استعداد إلى النزول مرة أخرى، وبالتالى لم يكن لدى الإدارة اتخاذ مثل هذا القرار، وكانت فى انتظار تشكيل الحكومة وبرلمان يقوم باتخاذ مثل هذه القرارات، وبالتالى كان التأخير. وتابع: «حتى فى 2015 كان أول عام لنظام جديد وكان صعباً أن يأخذ قرارا عنيفا مثل ذلك، خاصة أن الاحتياطى النقدى تراجع إلى قرب 10 مليارات دولار، وأى قرار وقتها كان بمثابة الانتحار». تظل السياسة النقدية والمالية مثار اختلاف عند جميع الخبراء، بعضهم يرى عدم التكامل والآخرون يصفونها بالتوازن، إلا أن الشاب الأربعينى له رؤية خاصة، إذ يعتبر أن ارتفاع سعر الفائدة تسبب فى زيادة التضخم، وهذه آلية ضرورية استعان بها البنك المركزى حتى يحمى السوق من الدولرة ويعيد الأموال إلى القطاع المصرفى مرة أخرى، وبالتالى هناك اتساق بين السياسة المالية والنقدية، ولكن على الحكومة حينما تقوم بفرض ضرائب بصورة واسعة، أن تقدم المقابل فى الخدمات الصحية والتعليمية، فالإصلاح الاقتصادى يبدأ من منظومة الصحة والتعليم. فى جعبة الرجل فى هذا الملف العديد من الروايات، إذ إنه يري عدم جدوى الضريبة التصاعدية، لأنها سوف تدفع البعض إلى التلاعب وإخفاء أموالهم، وعلى الحكومة الاهتمام بالاقتصاد غير الرسمى، وتقديم التيسيرات وتقنين أوضاع الباعة لأنهم قنبلة موقوتة وباب خلفى لتوظيف الأموال، من خلال إجراءات تحفيزية ثم تجريمية للمخالفين. الانضباط والالتزام يحرص عليهما، حتى فى مقترحاته يسعى دائماً إلى الأولوية لتشجيع الاقتصاد وأولها العمل على الانتهاء من قانون الاستثمار، واستقرار سعر الصرف وتيسير إجراءات قيد الشركات، بحيث يعمل الجميع فى بيئة مناسبة، للدخول والتخارج، ليس هذا فحسب بل أيضاً العمل على تجهيز شبكات جيدة لاستقبال السائحين، والابتعاد عن القرارات العشوائية غير المدروسة. للصعيد فلسفة خاصة للاستثمار والاستفادة من موارده المتعددة، بالاهتمام ومشروعات التنمية، القادرة على توفير فرص عمل، وتقديم تسهيلات للمستثمرين، وكذلك القطاعات القادرة على حدوث قفزة للاقتصاد تتحدد فى 3 قطاعات تتمثل فى البترول والسياحة، وتنمية محور قناة السويس القادر على استقطاب المستثمرين وجذب السياحة، ووضع الاقتصاد على الخريطة العالمية، ويتطلب ذلك ترويجا واسعا ومخاطبة الشركات العالمية للاهتمام بالتنمية. الرجل لديه حرص على مراجعة تصرفاته، حتى يتمكن من تقييم قراراته، منشغلاً دائماً بمستقبل الشركة مع مجلس الإدارة، رغم أن السوق واجهت ثلاثة مطبات صادمة وقت الأزمة المالية العالمية، وكان لثورة يناير تداعياتها وموجة تعويم الجنيه، إلا أن شركة النعيم للسمسرة التى يبلغ رأسمالها 77 مليون جنيه، نجحت فى تخطى العقبات بالحفاظ على استمرار النشاط, بل تحديد سياسة توسعية على المستوى الجغرافى تبنته مع تحرير سعر العملة. الشاب الأربعينى مر بثلاث محطات فى حياته: البناء واستكشاف البيئة المحيطة وهى مرحلة استغرقت وقتاً قبل أن ينتقل إلى محطة الاستقرار التى ساهمت فى تغيير حياته، وحرصه على مشاركة مجلس الإدارة فى تحديد استراتيجية ذات محاور تقوم على الانتشار الجغرافى بفتح 4 فروع جديدة للشركة خلال العام الحالى، تتركز فى محافظاتالمنيا وأسيوط والمنصورة وبورسعيد، واستقطاب شريحة عريضة من المستثمرين المحليين والأجانب. متعته وعشقه فى قراءة التاريخ، يهوى الرياضة وممارسة «التنس» لما تمنحه من قدرة على التخطيط، ويشعر معها بسعادة كبيرة، عاشق للألوان القاتمة التى تضفى عليه الوقار، لكن يظل يعمل حتى يصل مع مجلس إدارة الشركة إلى الريادة.. فهل يحقق ذلك؟. صلاح الدين عبدالله