تزايدت فى الفترة الأخيرة تخوفات المؤسسة السياسية – الأمنية الإسرائيلية بملف «الخطر الديموجرافى على إسرائيل» –أى تزايد عدد الفلسطينيين مقابل عدد اليهود– نتيجة زواج اليهوديات من العرب وانتقالهن للعيش فى الأراضى الفلسطينية علاوة على التزايد الطبيعى لعدد الفلسطينيين داخل إسرائيل. ونشرت دائرة الإحصاء المركزية أن الاسم "محمد" هو الاسم الأكثر انتشاراً فى إسرائيل للأطفال المولودين فى إسرائيل، وذلك لشعبيته وانتشاره بين أوساط السكان العرب فى إسرائيل. ولكن، كُشف النقاب عن أن من بين الكثير من الأطفال الذين يحملون هذا الاسم هناك 45 طفلاً سُجلت هويتهم كيهودى، لأن والدتهم يهودية ووالدهم مسلم. كما سُجل 11 طفلاً يهودياً بالاسم أحمد، وستة أطفال آخرون بالاسم عبدالله. وفق بعض الآراء، تشير هذه المعطيات إلى الشعبية الآخذة بالازدياد للزواج المختلط بين الشابات اليهوديات والشباب المسلمين. قال ممثلون عن المنظمة اليهودية «ياد لأحيم» التى تعمل فى إسرائيل من أجل منع زواج كهذا: «للأسف، يجرى الحديث عن ظاهرة واسعة الانتشار. هناك الكثير من النساء اليهوديات اللواتى تم إغراؤهن من قبل المسلمين». وأخذت الأصوات تنادى ب«ترانسفير» جماعى جديد ضد الشعب الفلسطينى، وتجاه من بقى من عرب فلسطين 1948 أو فى الضفة وقطاع غزة. فمشروع «الدولة اليهودية النقية» يسيطر على الفكر السياسى الإسرائيلى وهو الأساس الذى قامت عليه الحركة الصهيونية وإن كانت الأحزاب الكبيرة لا تعلن عنه صراحة.. فهم فى الواقع يريدون الأرض كلها يهودية صهيونية بلا سكانها العرب الأصليين، ومن هنا شكلت ولا تزال دائماً هذه المسألة هاجساً يؤرقهم.. وقد أجمعت كل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة على أنها «تشكل تهديداً استراتيجياً داهماً ودائماً لوجود إسرائيل». وقد أطلقوا على أولئك الباحثين والمحللين والمفكرين من الإسرائيليين الذين يفتحون «الملف الديموجرافى» ويثيرون الجدل حوله اسم «أنبياء الغضب الديموجرافى»، ذلك أن عدداً منهم يتنبأون بنهاية الدولة اليهودية، بسبب التكاثر الديموجرافى العربى، وكان فى مقدمة هؤلاء وأولهم البروفسور المعروف «إلياهو رابينوفتش» الذى تنبأ ب«خراب إسرائيل» بعد احتلالها للأراضى العربية فى يونيو 1967م. وكثر على مدى السنوات الماضية عدد «أنبياء الغضب الديموجرافى» لدرجة بات يصعب حصرهم!. كما تناول المؤرخ الإسرائيلى البروفسور «بنى موريس» مشكلة «الخطر الديموجرافى العربى» قائلاً: «فقط إذا واجهت إسرائيل المسائل الحقيقية الجوهرية فى الصراع - مثل الديموجرافيا وحق العودة، والاعتراف بحدود إسرائيل الديموجرافية - فإن مستقبل الدولة سيكون مضموناً». أما كبير الديموجرافيين المختص فى «الديموجرافيا اليهودية» البروفسور «سيرجى ديلا فرغولا» فقد تنبأ مبكراً قائلاً: «خلال سنوات معدودات سيتحول اليهود إلى أقلية فى المساحة الواقعة بين البحر المتوسط ونهر الأردن» و«أن الحل يكمن فى تغيير الوضع الديموجرافى لصالح اليهود بصورة ملموسة». أما البروفسور الديموجرافى الآخر وهو «أمنون سوفر» فقد توقع «أن إسرائيل تسير نحو الانتحار» و«أن الحل يكمن فى التخلص من السكان وإقامة الجدار.. فهذا يعنى النجاة لليهود».. ويقول: «إن السور هو الطريق الوحيد للانتصار على الرحم الفلسطينى، فإذا سقط هذا الجدار سيغمرنا طوفان هائل من الفلسطينيين.. وإذا سقط الجدار سقطت إسرائيل». وأبلغ المحلل الإسرائيلى المشغول بديموجرافية اليهود والعرب، سرجيو ديلا بيرجولا، المجتمعين أن المساواة بين عدد الفلسطينيين واليهود فى كامل فلسطين سيتحقق فى عام 2020. أما الديموجرافى المعروف بعنصريته المتطرفة، آرنون صوفر، والمستشار الخاص لشارون، والذى يعزى إليه فكرة إنشاء جدار الفصل العنصرى فيقول: إن «التدمير القادم للدولة اليهودية قادم لا محالة ما لم تتخذ الإجراءات الحاسمة ضد خطر زيادة السكان الفلسطينيين». سياسة التطهير العرقي قررت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة أن خلاص «الدولة اليهودية» يكمن فى الاستحواذ على المناطق الرئيسة فى الضفة وعلى مصادر المياه وعلى غور الأردن وعلى كامل القدس وما حولها، وحصر الفلسطينيين فى عدة كانتونات متباعدة، مفصولة عن قطاع غزة، وليست لها سيادة على ما تحت الأرض وفوقها أو ما بين الكانتونات. وتضمن إسرائيل، أنها بالغارات الجوية والاغتيالات والتدمير، كما هو حاصل فى قطاع غزة، أن هذا الكيان، ولو سمى بدولة، ليست له أى حيثية، وأن سكانه تحت هذه الأحوال البائسة سيجبرون على الرحيل عنه «طوعياً» كما تتمنى إسرائيل. يلاحظ المراقبون أن هبوطاً مفاجئاً حدث فى خصوبة نساء الفلسطينيين فى إسرائيل، التى كانت 6 أطفال لكل امرأة فى الستينات، فأصبحت أقل من 4 أطفال عام 2001. وهو أمر غريب وغير منطقى فالأسرة الفلسطينية ترحب دائماً بالعائلة الكبيرة، فإنه عند نقص وفيات الأطفال بسبب العناية الصحية، لابد أن يزداد صافى النمو الطبيعى، أو على الأقل يبقى كما هو دون انخفاض، فما السبب فى الانخفاض إذاً؟. وترى عدة أبحاث فلسطينية أن لإسرائيل مصلحة كبرى فى هذا الانخفاض. متهمين إسرائيل أنها دبرته بطريقة ما.. وكشفت تقارير تابعة لوزارة الصحة الفلسطينية حالات إغماء وهستيريا جماعية بين طالبات المدارس الفلسطينية وكذلك سقط الكثيرون ضحايا استنشاق الغازات السامة، التى أطلقها الإسرائيليون على المتظاهرين وبعضها غير معروف طبياً. كما جاء فى تقارير وزارة الصحة الفلسطينية زيادة حالات الإجهاض والسرطان بشكل غير مسبوق. واستعمال إسرائيل للأسلحة البيولوجية قديم وموثق ولديها الآن أكبر ترسانة من هذه الأسلحة ما بين باريس وطوكيو. وإسرائيل لديها الدافع ولديها الوسيلة وبهذا وأدت الأطفال الفلسطينيين قبل ولادتهم. من جهة أخرى تحاول الصهيونية زيادة الخصوبة للنساء اليهوديات بأشكال متعددة. كأن تقدم جهات أهلية يهودية طعاماً وكساء وتمويناً وتأميناً لتكاليف الولادة لكل امرأة يهودية تنجب طفلاً. وفى هذا السياق يشجع مليونير يهودى أمريكى الشبان والشابات اليهود على زيارة مدفوعة التكاليف إلى إسرائيل فى برنامج يسمى «Birthright» (حق المولد)، بغرض التعريف بإسرائيل والهجرة إليها. وعلى الرغم من هذا التنافس الديموجرافى الحاد، فإن نسبة الفلسطينيين ستسود سواء فى إسرائيل أو فى المناطق المحتلة. وكل الدراسات تؤكد ذلك ولكنها تختلف على الفاصل الزمنى لذلك. وكما سبق القول، فإن الحل الإسرائيلى لهذا الوضع هو الإبادة الجغرافية، إن لم تتم الإبادة الفعلية. وهذا عن طريق الترحيل القسرى، أو التهجير بسبب قسوة ظروف المعيشة الذى تمارسه إسرائيل وهو ما يسمى دبلوماسياً «بالهجرة الطوعية» أو عن طريق إعادة تقسيم فلسطين بحيث تأخذ إسرائيل أجود الأراضى ومصادر المياه وتتخلص من السكان الباقين بالخروج من غزة وضم المناطق الفلسطينية فى إسرائيل إلى كيان الكانتونات فى فلسطين.