رغم قرار الدكتور علي مصيلحي وزير التموين والتجارة الداخلية، بخفض سعر السكر الحر ليباع الكيلو بعشرة جنيهات والنصف للمستهلك، وإلزام الموزعين بكتابة الأسعار على العبوات، إلا أن القرار يبدو أنه لم يُطبق على أرض الواقع. وخلال جولة ل«الوفد» في الأسواق اشتكى موزعون وأصحاب محلات عدم وجود السكر من الأساس لتوحيد سعره وفق القرار الوزاري الذي صدر الأسبوع الماضي. وأكد أصحاب المحلات أن قرار توحيد سعر السكر سيصب في مصلحتهم، لأنه سيؤدي إلى زيادة حركة البيع، غير أنهم أوضحوا عدم توفر المُنتج أصلا للحديث عن خفض أسعاره. من جانبه، قال ممدوح - صاحب سوبر ماركت - إنه يعاني من أجل توفير كميات السكر التي يطلبها زبائنه، وتابع : «المحل كله لا يوجد به كيس سكر واحد لأنفذ قرار الوزير وأوحد سعر السكر». وتوقع ألا يُنفذ القرار الوزاري ولن يخرج على كونه مجرد تصريحات وحديث للإعلام فقط. ويتفق مع هذا الرأي أحمد أحد العاملين بشركة السوهاجي للتوزيع- الذي أكد أن رجال الأعمال الكبار لن يتركوا هذا القرار للتنفيذ. كما تساءل مستنكرا : «كيف نبيع السكر بعشرة جنيهات وهو يصل إلى الشركة ب17 جنيها؟.. سنخسر سبعة جنيهات على الأقل» ، موضحا أن المشكلة تواجه المستهلك والمورد على حد سواء. غير أن عماد صاحب سوبر ماركت توقع أن يتسبب هذا القرار في عمل محاضر ومخالفات ضد أصحاب المحلات، وتابع : «سيأتي مفتش التموين ليراقب السوق ولن يجد أحدا ملتزما بقرار الوزير، لأن أصحاب المحلات يشترون السكر من الموردين بأسعار أعلى من السعر الوزاري». ويأتي قرار المصيلحي بتثبيت سعر السكر بعد موجة من المضاربات من جانب التجار والمنتجين شهدتها الأسواق الفترة الماضية والتي أوصلت سعره إلى 18 جنيها للكيلو وسط معاناة كبيرة للمستهلكين. فيما اعتبر مختصون - تحدثوا ل«الوفد» - قرار وزير التموين صائبا وعادلا للمستهلك والتاجر، مؤكدين ضرورة تنشيط الدور الرقابي على الأسواق لتنفيذ القرار بشكل صارم وعقاب المخالفين له وفق ما يقره القانون. وأيدت الدكتورة سعاد الديب رئيس الاتحاد النوعي لجمعيات حماية المستهلك القرار الوزاري بتثبيت سعر السكر الحر واعتبرته عادلا للمستهلك والمُنتِج والتاجر. وقالت إن السعر الجديد الذي حددته وزارة التموين غير مجحف على الإطلاق لمنتجي السكر، مشيرة إلى أن سعر الكيلو جرام منذ فترة قريبة لم يكن يتعدى الأربعة جنيهات فقط. وأضافت «الديب» أن التجار دخلوا في مزادات ومضاربات فيما بينهم خلال الفترة الماضية لرفع سعر السكر، ما أدى إلى اختفائه من الأسواق ومعاناة كبيرة بين المستهلكين، نافية أن يكون القرار الوزاري تسعيرة جبرية. ولفتت رئيس الاتحاد النوعي لجمعيات حماية المستهلك أن وزير التموين عقد اجتماعات في الفترة الماضية لمعرفة التكلفة الحقيقية لكيلو السكر وهامش الربح المعقول للمنتج والتاجر وعلى أثر تلك الاجتماعات خرجت قراراته الأخيرة. وقالت إن الأجهزة الرقابية سواء في وزارة التموين أو جمعيات حماية المستهلك عليها دور كبير خلال الفترة المقبلة لمراقبة الأسواق، مشيرة إلى الخطوط الساخنة التي يُتلقى عليها شكاوى المواطنين والإبلاغ عن المخالفات. ومن جانبه، اعتبر محمود العسقلاني رئيس جمعية مواطنون ضد الغلاء، قرار تسعير السكر الحر أهم قرارات الوزير الجديد لمواجهة الأزمة الطاحنة بين كبار التجار والمستهلكين. وأوضح أن عددا من التجار الكبار يحتكرون سوق السكر ويمنعون ضخ المنتج لمنافذ التوزيع، وأردف : «يساعدهم علي هذا أن السكر سلعة قابلة للتخزين فترات طويلة دون فقد الصلاحية فضلا عن وجود العديد من المخازن غير المرخصة ما يسهل التهريب بلا رقيب». وقال العسقلاني إن تثبيت سعر السكر الحر سيغلق الباب أمام المُنتجين والتجار الذين يتحججون بسعر صرف الدولار المتذبذب لتحريك سعر كيلو السكر، مشيراً إلى الدور الكبير الذي يفترض أن تقوم به وزارة التموين الفترة القادمة لمراقبة السوق وتفعيل دور جمعيات حماية المستهلك. وتوقع العسقلانى أن يواجه وزير التموين هجوما شديدا ممن سماهم حيتان السوق من كبار رجال الأعمال، وتابع: «أي وزير يقترب من ملف التسعير يكون استمراره في منصبه قصيرا بسبب ضغط وتحكم رجال الأعمال».