فترة صراع بداخله تظل عندما يستقر المشهد في منطقة رمادية لا تنتهي إلا مع حسم أمره، تبدل مواقفة لا تعني عدم الأمان، وإنما النسيان والتعامل مع واقع آخر، للبحر رصيد في حياته، وشاهد علي مسيرته. المرونة منهج للشاب الأربعيني، الأفضلية فلسفة أسس عليها مشواره، يسمع أكثر مما يتحدث، شغوف بتسلسل الأحداث، لا يهوي التفاصيل إلا للمرة الاولي... مصطفي وهدان العضو المنتدب لشركة «العمالقة» المالية لا تستهويه الأضواء، يعمل في صمت، متصالح، ولديه رضاء وقناعة بكل ما يخططه، الدقة والنظام أسلوب حياة، والاجتهاد والمثابرة فرض اختاره بإرادته, يبحث عن الجديد لا من أجل التميز وإنما الاختلاف. عندما رسم واحد من المتخصصين بجامعة هارفارد الأمريكية وتوقعاته للدول الاقوي اقتصاديا مع مطلع عام 2020، حرص علي إدراج مصر ضمن القائمة، وكان له أسبابه سواء لموقعها الجغرافي، أو لمواردها إذ حسن استغلالها، من هنا كان تفاؤل استباقي للرجل، والثقة في مستقبل بلده أفضل، فالسيناريو اقتصاديا تكرر في عام 2003، بنفس النسب في صعود الدولار، رغم الثورات التي استنزفت كل موارد الاقتصاد، وعلي هذا الاساس بدأ الحوار . وسط منطقة المهندسين، وفي نهاية ممر طويل «يعج «بحديث العملاء بالطابق السابع يقع مكتب الرجل، جلسنا، وبدأ مترددا، فهو لا يهوي الأضواء، والأحاديث...لحظات حتي بادرني قائلا «حسن استغلال مواردنا الطبيعية تضعنا علي خريطة الاستثمار العالمي، والإجراءات الإصلاحية بتعويم الجنيه حسم حالة الارتباك للمشهد الاقتصادي». الشاب الأربعيني له رؤيته الخاصة، بأن القادم أفضل بعد عملية تحرير سعر الصرف، لإصرار القيادة السياسية علي تحقيق الإصلاحات سوف يساهم في نجاحها، وبالتالي تحقيق نمو اقتصادي قوي. «ليس عيبا ان يتدخل البنك المركزي في ضبط السوق، فالتجارب الأخري تشير إلي تدخل البنوك المركزية في ضبط اسواقها، والبنك المركزي الياباني قد يتدخل 10 مرات وليس مرة او اثنتين»هكذا أجابني حينما سألته عن الانتقادات الموجه لتدخل البنك المركزي في ضبط السوق. «وهدان» يتسم بالهدوء والعقلانية، يبحث عن الجديد خاصة في صناعته وتخصصه، الجديد لديه لا يعني التفرد، وإنما الاختلاف عن الآخرين، يبرر الأزمة التي يشهدها الاقتصاد، نتيجة عدم التكامل بين الوزراء منذ البداية وقرابة 3 سنوات، بسبب التصريحات العشوائية حول الدولار، وتفاقمت الأزمة إلي أن تحول الدولار من عملة الي سلعة تخزين،وبات الأمر متروكا للشارع . لكن كثير من الخبراء لديهم صراع أن مقارنة بين تعويم عام 2003 وتعويم نوفمبر الماضي ظالمة. «نفس نسب الصعود واحدة للدولار، في 2003 قفز الدولار من 3 جنيهات، إلي 8 جنيهات، ثم استقر عند 5.30 جنيه، ونفس نسبة الصعود في الأسعار الحالية، لكن الاختلاف في الاستنزاف لموارد الدولة بعد ثورتين، وهذا الفرق» هكذا أجابته. أقاطعه متسائلا..إذن ماذا تري من مقترحات؟ يجيب قائلا «الرقابة بكل صورها مع التكامل بين السياستين النقدية والمالية، لأن دورهما مكتملين يصب في مصلحة الاستثمار والاقتصاد، مع تحديد قانون ضرائب موحد ورؤية عمل موحد لا تقل عن 5 سنوات، كي يتم تشجيع المستثمرين الأجانب علي الاستثمار سواء المباشر أو غير المباشر، لأن وقتها سوف يضم قانون الضرائب كافة الشرائح بالتزامات وواجبات، وسوف يحقق عدالة ضربية للجميع، غير مقبول أن يكون فئات وشرائحه هاربة، لا تدفع مثل الاقتصاد غير الرسمي الذي يمثل نسبة كبيرة». كل مرحلة من محطات حياة «وهدان» عاشها بين ثقافة مختلفة وهو ما ساعده علي تكوين رؤية عامة كانت خير السند في مسيرته، لذا حينما صدر قرار بإنشاء المجلس القومى للمدفوعات، شعر بالأمل في القضاء علي الفساد وضم الاقتصاد غير الرسمى، والحد من استخدام أوراق النقد، ودعم وتحفيز استخدام الوسائل والقنوات الإلكترونية، والعمل على تحقيق الشمول المالى لدمج أكبر عدد من المواطنين فى النظام المصرفى، وتقليص تكلفة انتقال الأموال، وزيادة المتحصلات الضريبية، وهو ما يساعد في تحسين مؤشرات الاقتصاد والإيرادات. المدرسة الالمانية لها بصمة في حياته فقد تعلم منها الدقة والحزم، وعدم رضاه عن الملف الاستثماري الذي لم يقدم جديدا منذ ما قبل 2010 فهو أمر طبيعي، ولازلنا تائهين في تحديد المشروعات طويلة الأجل والمتوسطة، فلابد من الاهتمام لدفع الاستثمار بالصعيد ومحور قناة السويس وكذلك العمل علي قطاع الخدمات بما يشمل من تعليم وصحة وكهرباء وزراعة وتصنيع من خلال الصناعات الوسيطة. اختلف الخبراء علي نجاح طروحات الشركات الحكومية في البورصة من عدمها، لكن للشاب الأربعيني خاصة في الملف، فالأفضلية سوف تكون لشركات البترول، وهو ما تحقق في الاكتتابات السابقة الخاصة بالقطاع . شغفه بالبحر لا حدود له، ربما لارتباطه بالسفر طوال مشواره من خلاله، فهو مصدر الهام لديه وإصرار وكان لذلك تأثير علي حياته العملية في شركته مع مجلس إدارتها، مواجهته لظروف السوق وتداعيات ثورة 25 يناير خلقت لديه اصرار بالحفاظ علي استمرارية الشركة، رغم أنه انتهج سياسة انكماشية. يبحث عن الجديد، والأفكار التي تمنحه الاختلاف، فبمجرد تحسن الأوضاع الاقتصادية يسعي الرجل إلي استراتيجية توسعية رأسيا وافقيا، بالعمل علي زيادة رأس مال الشركة من 12 مليون جنيه إلي 20 مليون جنيه، والوصول إلي 10 فروع للشركة في العديد من المحافظات خاصة الصعيد، الذي لايزال منطقة مستهدفة لاستقطاب الاموال. «وهدان» الذي لم يقف الحظ بجواره في تحقيق حلمه بدراسة الهندسة البحرية، ورسم له طريقا آخر في مجال البيزنس حقق نجاحات فيه تصل إلي حد الرضاء عن النفس يسعي إلي العمل علي استقطاب محافظ مالية كبيرة للشركة من خلال رؤية دقيقة تقوم علي العلم والدراسة. عاشقا للرياضية لما تمنحه من سعادة كبيرة يخطط دائما في تقديم قطاعات جديدة ومختلفة للبورصة سواء في الانتاج السينمائي أو الإعلامي، وهو ما سيعلنه قريبا.. للتاريخ وتجاربه حكايات يعشقها ويستفيد بها، وللقادة نماذج يحتذي بهم في الاصرار والفكر، ولتخصصه في التمويل أفضلية، يهوي الألوان الزرقاء لما تحمله من نقاء ولكن يظل شغله الشاغل الوصول بشركته إلي المقدمة.. فهل يحقق ذلك؟