تعويم الجنيه كان من أهم القرارات الاقتصادية التي تم اتخاذها ليس فقط خلال عام 2016 بل على مر التاريخ، ويعكس هذا القرار قوة أو ضعف الاقتصاد القومي المصري، بالإضافة إلى قوة احتياطات مصر من النقد الأجنبي. فمنذ إصدار قرار تحرير سعر الصرف في الثالث من شهر نوفمبر الماضي، اتخذ الدولار مسارًا صعوديًا حتى لامس ال 20 جنيهًا، في معظم البنوك، وهو ما يؤكد فعليا مدى ارتباك السوق منذ التعويم حتى الآن، ويبدو أن موجة ارتفاع الدولار لن تتوقف في ظل شلل موارد النقد الأجنبي من السياحة والتصدير وغيرهما. وعلى ما يبدو فإن عام 2017 سيحمل لنا مفآجات فيما يخص سوق الصرف وهنا يذهب فريقان في هذا الاتجاه فريق يرى أن الدولار سيواصل صعودة، وقد يقفز إلى 40 جنيهًا، وآخر يتوقع تحسن الجنيه المصري مع عودة الاستثمارات الأجنبية والسياحة. من جانبه يرى محمد عبد العال مدير بنك العربي السوداني أن الدولار سيشهد ترنحًا شديدًا حتى نهاية النصف الثاني من عام 2017، على أن يستقر في الربع الثالث وهي الفترة التي ستتحسن فيها العملة المحلية، ويتوقف سعر الدولار فيها عند 16 أو 15 جنيهًا، مبررًا ذلك بقيام الدولة باتخاذ حزمة من الإجراءات التي تساهم في جذب الاستثمارات، وعودة السياحة من جديد مع الحد من الاستيراد وتشجيع المنتجات المحلية. وأضاف أن صعود الدولار إلى مستويات 20 جنيهًا ليس مؤشرا على ارتفاعات كبيرة أخرى، وإنما الارتفاع يعود إلى عدم استقرار السوق بسبب تعويم الجنيه، وهو ما يحتاج إلى بعض الوقت لاستقرار سعر الصرف. وعن السيناريو الأسوأ في 2017 وارتفاع الدولار إلى مستويات تاريخية أكثر من 30 جنيهًا ألمح «عبد العال» إلى أنه في تلك الحالة سيقوم البنك المركزي بالتدخل لضبط السوق، ويغلق التعويم وهو سيناريو لن يحدث إطلاقا. من جانبه توقع وائل النحاس المحلل المالي أن يصل الدولار نهاية الربع الأول من عام 2017 نحو 25 جنيهًا على أن يواصل صعوده حتى نهاية العام على أن يصل إلى 40 جنيهًا، وذلك بسبب الضغط على العملة من حانب المستوردين وشركات الأجانب. وأضاف «النحاس» أن المستوردين منذ قرار التعويم حتى الآن وهم محجبون عن الاستيراد لكن لتفادي توقف أعمالهم سليجئون إلى شراء الدولار مرة أخرى، وهو ما يشكل ضغطا على النقد الأجنبي، ويصبح الطلب متزايدا، ما يجعل الدولار في حالة صعود مستمر. وأضاف أن هناك ارتباطات خارجية لمصر مثل سداد قسطين لنادي باريس بنحو 1.4 مليار دولار، فضلا عن التزام بسداد الديون على هيئة البترول، وهو ما ينتج عنه تآكل الاحتياطي النقدي الأجنبي لدى البنك المركزي المصري. وقال: إن هناك أملا لدى الحكومة في عودة السياحة، وهذا لن يحدث في ظل عدم وجود رؤية وخطة لذلك، فعام 2017 سيكون عاما صعبا على سوق الصرف.