لا يستطيع مرشحونا أن يسلكوا سبيل الإخوان والسلف في مصر ليصلوا إلى كرسي النيابة. بدأ الموضوع في مصر بجمعة غضب، تلتها جمعة رحيل ثم جمعة زحف، فنصر فخلاص فتطهير، لتتوالى الجمع بلا نهاية منذ 28 يناير 2011 حتى يومنا هذا. تلك الجمع المليونية لا تريد ان تتوقف على الرغم من تحقق الهدف الأول برحيل الرئيس حسني مبارك وحزبه عن حكم مصر، وكلما حدث أمر تداعى الشباب هناك للخروج والاعتصام. السبب في ذلك الذي حدث ولايزال، هو الفقر بالدرجة الأولى، فهو العنوان الأكبر للجوع، والأمية، والبطالة، والمرض، والأطفال المشردين، والنوم في الشوارع، والعيش في المقابر، ودعارة وتعاطي المخدرات وارتكاب الجريمة، والكثير من المشاكل الأخرى، وهي مشاكل تدفع الناس للتحالف حتى مع الشيطان للتخلص منها من أجل حياة أفضل. الذي حدث في مصر بيّن حاجة الفقراء الى بصيص أمل ينقذهم مما هم فيه، وقد نزل الى ميدان التحرير من بشّرهم بتحويله الى حقيقة وواقع، على يديه هو بالطبع. الناطق الرسمي باسم الاخوان المسلمين في مصر صرح بأن نتائج الانتخابات المصرية الأخيرة التي اكتسح فيها حزبه جاءت بسبب طبيعة الخدمات الاجتماعية التي يقدمها الاخوان والسلفيون للجماهير في الدوائر الانتخابية، كما قال أنهم يعتمدون على هذا الأسلوب، ويتفوقون بواسطته على التيارات الليبرالية في البلد. معنى هذا ان أحزاب الاخوان والسلف ما كانت ستحصد %90 من كراسي المجلس لولا توفيرها بعض الاحتياجات من طعام وأدوية وملابس وأموال، وربما بعض الوظائف البسيطة، للحصول على أصوات الناخبين خصوصا من الفقراء. نحن في الكويت، مواطنون مرفهون، ليست لدينا نوعية المشكلات التي أطاحت بنظام الحكم في مصر، وغيرها من دول عربية، ولذلك لا يستطيع مرشّحونا ان يسلكوا هذا السبيل لكي يصلوا الى كرسي النيابة. مشاكلنا في الكويت في الغالب محلولة، فان كان لدينا في الكويت مواطن عاطل عن العمل، فلن يطول ذلك وسوف يحصل على وظيفته، وان تأخر موضوع حصوله على منزل العمر، فسيحصل عليه في النهاية، أما حقه في التعليم والعلاج والرعاية من المهد الى اللحد فهو مصان بحكم الدستور والقانون، ولن يمنعه عنه أحد، فبم اذن يغري الاسلاميون عندنا الناس لكي ينتخبوهم، ويقربوهم من كرسي السلطة. بسيطة، يرفعون شعار محاربة الفساد فهو شدّاختهم، التي يصطادون بها أصوات الناخبين خاصة البسطاء الذين يرون في كل لحية، شخصا عابدا، زاهدا، عفيف اليد واللسان. طبعا لا يمكن ان نصدق ان يدعو لمحاربة الفساد مشارك رئيسي فيه، فهؤلاء الناس يحصلون لأتباعهم على كثير من المراكز المهمة في وزارات الدولة بما تحمل من مميزات، حارمين المواطنين المستحقين منها، متجاوزين بذلك مبدأ تكافؤ الفرص الذي يعتبر أحد أوجه الفساد. هذا يعني ان رفعهم شعار محاربة الفساد يأتي للتمويه، وذرا للرماد في العيون، فلن يحارب الفساد أحد مستفيد منه بتلك الدرجة، ويبقى الأمر بالتالي في أيدينا. اما ان نصدق كلامهم، ونكذّب أفعالهم، أو نفعل العكس، ونقطع عليهم الطريق باتخاذنا سلما يصعدون عليه. نقلا عن صحيفة الوطن الكويتية