"النظافة من الإيمان"، "إن الله جميل يحب الجمال"، "حافظ على البيئة تحافظ عليك". .عبارات نرددها كثيرًا ونسمعها أكثر، ونشاهدها علي الحوائط طالما نترجل في الشوارع، إلا أنها أصبحت كلاما مرسوما وشعارات واهية. ففي الوقت الذي تتعالي فيه الأصوات الناقدة لوزارة التنمية المحلية، بسبب انتشار القمامة بالشوارع، وتفاقم الأكوام علي جانبي الطرق، لاسيما في ظل غياب شركات النظافة، إلا أننا نجد العديد من المواطنين كبارًا وصغارًا يرمون بأكياس القمامة بجانب الصناديق وليس بداخلها، وكأنه سلوك يتوارث. يقول عبدالفتاح حسين عامل نظافة، والبالغ من العمر 55 عامًا: "أوقات كتير بروح أشيل الزبالة بلاقي الصناديق فاضية والزبالة متجمعة خارج الصناديق، الناس بتكسل ترمي الزبالة جوه الصناديق". ووجه حسين رسالة إلي المواطنين قائلًا: "ارموا الزبالة في الصناديق، ريحونا ظهرنا انحني وحافظوا علي نظافة بيئتكم". وانتقد ماجد عبدالرحيم، صاحب محل أدوات منزلية، بمنطقة الكيت كات قيام بعض الأفراد بإلقاء القمامة في الأماكن غير المخصصة لها، مشيرًا إلى أنه يتأذي من ذلك، لاسيما أن بعض المواطنين يرمون بالقمامة أمام محل عمله، الأمر الذي يؤدي إلى انتشار الحشرات. وعبر عن استيائه الشديد من السلوك السيئ لهؤلاء مستطردًا: "هما علشان ينظفوا بيتهم يزبلوا الشوارع، الكلام ده ميرضيش ربنا". ويذكر أحمد ربيع، عامل بأحد المقاهي في منطقة امبابة، أنه يشاهد المواطنين وهم يلقون بأكياس القمامة علي الرصيف علي الرغم من وجود صناديق القمامة علي مسافة قريبة جدًا من ذلك الرصيف. وأوضح ربيع أنه حاول أكثر من مرة التحدث مع هؤلاء، ولكن الأمر ينتهي بمشادات كلامية قد تصل إلى مشادات بالأيادي، متابعًا: "إحنا خلاص اتأكدنا ان اللي فيه داء مبيعرفش يغيره". جهل وتخلف ثقافي تقول الدكتورة سوسن فايد، أستاذ علم النفس بالمركز القومى للبحوث الإجتماعية والجنائية، إن إلقاء بعض الأشخاص للقمامة في الأماكن غير المخصصة لها، يرجع إلي التنشئة البيئية غير الصحيحة لهم، والجهل والتخلف الثقافي الذي يعيشونه. ولفتت فايد، في تصريحات خاصة ل"بوابة الوفد"، إلى أن المؤسسات الإعلامية والدينية يقع عليها دور كبير في خلق مناخ إيجابي يحث المواطنين بالحفاظ على نظافة المكان، مؤكدة أننا بحاجة إلى العيش في مجتمع صحي وهذا الأمر متروك للمواطن نفسه. الملاحقة الإدارية فيما يوضح الدكتور رمضان بطيخ، أستاذ القانون بجامعة عين شمس، أنه لا يوجد تشريع يُجرم سلوك الأفراد الذين يلقون القاذورات والمهملات خارج صناديق القمامة، متابعًا: "لو تم تشريع قانون بهذا الشكل الشعب كله هيتسجن". ويشير بطيخ في تصريحات خاصة ل"بوابة الوفد"، إلى أن ما يفعله هؤلاء يخالف الذوق العام، ولا بد من ملاحقته من خلال الضبط الإداري، مؤكدًا أن هذا الأمر متروك للأحياء. ويتابع بطيخ: "هناك قانون يجرم إلقاء مخلفات البناء في الأماكن غير المخصصة لذلك ولكنه غير مفعل أو مطبق"، متسائلا: "أين المسئولين عن ذلك؟" حرام شرعًا وأكد الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، أن قيام بعض المواطنين بإلقاء القمامة في غير الأماكن المخصصة لها يُعد تحريم قطعيًا، مؤكدًا أن الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام أرشد بتنظيف الطرقات والدور. ويذكر كريمة في تصريحات خاصة ل "بوابة الوفد"،إن الأمة المسلمة منهجها وشعارها "إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ"، مستندًا إلي قول رسول الله صلي الله عليه وسلم :" الطَّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ"، " إن الله جميل يحب الجمال"، لافتًا إلى أن الصحابة كانوا يرمون القمامة في بئرًا مهدورًا وليس به ماء.
