شهدت مدينة بيت لحم في الضفة الغربية وصول مليون ونصف المليون سائح لحضور احتفالات أعياد الميلاد المجيد لهذا العام في ظل اتهامات فلسطينية لإسرائيل بفرض المزيد من العقبات أمام الاحتفالات. وتواجد آلاف الفلسطينيين والسياح منذ ساعات صباح اليوم السبت، في محيط كنيسة المهد التاريخية للمشاركة في قداس منتصف الليل الذي يقيمه أبناء الطوائف المسيحية التي تسير حسب التقويم الغربي، وباقي الاحتفالات الدينية التي تمتد إلى السابع من يناير. وتعد ساحة المهد التي تتوسط كنيسة المهد وجامع عمر بن الخطاب، مسرحا للاحتفالات السنوية التي تصل ذروتها مساء اليوم بدخول الفرق الكشفية إليها إيذانا بوصول موكب غبطة البطريرك فؤاد طوال من مدينة القدس في مراسم استقبال تتم حسب التقليد السنوي. وقال محافظ بيت لحم عبد الفتاح حمايل لوكالة أنباء "شينخوا"، إن هذا العام شهد زيادة طفيفة في أعداد السياح الذين توافدوا على المدينة للمشاركة في احتفالات أعياد الميلاد ليصل الرقم إلى مليون ونصف المليون، وهو أكبر من الرقم الذي سجل العام الماضي بمائتي شخص. وذكر حمايل أن مليونا و100 ألف من هؤلاء وصلوا من دول خارجية خاصة الأوروبية، فيما وصل نحو 250 الف من داخل إسرائيل، والبقية من الضفة الغربية وقطاع غزة. وقال:"إن احتفالات أعياد الميلاد لهذا العام تأتي وسط ترتيبات إدارية وأمنية عالية المستوى من قبل السلطة الفلسطينية لإنجاح هذه المناسبة "الدينية والوطنية بامتياز"، لافتا إلى أن فقرات فنية تقدمها فرق محلية وعربية أضافت المزيد من البهجة والتميز للاحتفالات. لكن حمايل اشتكى بشدة من استمرار الإجراءات الإسرائيلية التي قال إنها "شهدت هذا العام فرض المزيد من القيود والعقبات أمام الاحتفالات بغرض تعكيرها والتضييق على الفلسطينيين والسياح على حد سواء". وأشار إلى "تصاعد في عمليات دهم المدينة وشن حملات اعتقال، إلى جانب تقييد الحركة على الحواجز العسكرية التي تطوق المدينة عدا الهجمات شبه اليومية التي يشنها المستوطنون الإسرائيلية على السكان". كما اتهم حمايل السلطات الإسرائيلية، بمصادرة 700 دونم أرض من منطقة (قبر راحيل) تعود لبلدية المدينة وسكان منها واعتبارها "أملاك غائبين"، معتبرا ذلك "عملية قرصنة تخالف أبسط القوانين الدولية والإنسانية". وكانت إسرائيل أعلنت عن تقديم سلسلة من التسهيلات للفلسطينيين بمناسبة الأعياد المسيحية، تتضمن السماح للفلسطينيين المسيحيين من عرب إسرائيل بالانتقال بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وللمسيحيين من سكان الضفة بزيارة إسرائيل من دون تقييد العمر. كما شملت التسهيلات إصدار 400 تصريح للمسيحيين من عرب إسرائيل للتوجه إلى الخارج عن طريق مطار (بن غوريون) الدولي. وفي قطاع غزة الخاضع للحصار منذ أربعة أعوام ونصف سمحت إسرائيل هذا العام ل500 من سكانه المسيحيين بالانتقال إلى مدينة بيت لحم للمشاركة في إحياء أعياد الميلاد، وذلك من أصل أكثر من ألفي مسيحي يقطنون القطاع في زيادة ملحوظة بنحو 200 شخص عن الأعوام السابقة. وازدانت شوارع بيت لحم بأشجار الزينة وأضواء أعياد الميلاد التي تنتشر على واجهة المنازل والمحال التجارية وسط عروض للكشافة الفلسطينيين وفرحة المشاركين وانتشار كثيف لعناصر الأمن الفلسطينيين. وأعلنت الشرطة الفلسطينية أنها استكملت استعداداتها الأمنية والشرطية لتنظيم الاحتفالات، بمشاركة 500 من عناصرها من كافة إداراتها. وذكر المقدم خالد التميمي مدير شرطة محافظة بيت لحم في بيان، أن عناصر الشرطة "سيتولون تنظيم توافد المحتفلين على ساحة كنيسة المهد وحركة المرور في المدينة واستقبال المواكب الرسمية والسهر على راحة وأمن المحتفلين و ضيوف المدينة على مدار الساعة ". وأكد التميمي أن جهاز الشرطة يسعى إلى احتفالات مميزة لهذا العام بحيث يشعر المحتفلون وضيوف المدينة بالأمن دون أن يلاحظوه عبر التقليل قدر الإمكان من ظهور عناصر الشرطة في الشوارع وأماكن الاحتفالات. وتزور ستة وفود فلسطينية رسمية رفيعة المستوى بيت لحم للمشاركة في احتفالات أعياد الميلاد المجيدة، أبرزها يترأسه الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ورئيس وزراء حكومة تصريف الأعمال سلام فياض. وتستعد فنادق بيت لحم لاستقبال السياح بأكثر من ستة آلاف غرفة للمبيت. وتتجاوز كلفة الأعياد لهذا العام مبلغ مائة ألف دولار عبارة عن تبرعات حكومية وأهلية في ظل الأزمة المالية التي تعانيها بلدية المدينة. في هذه الأثناء، استغل شبان فلسطينيون المناسبة من أجل الترويج لدعوات مقاطعة البضائع الإسرائيلية والتنديد بالاستيطان وبناء جدار الفصل في عمق الضفة الغربية. وعمد هؤلاء إلى توزيع كتيبات صغيرة على السياح الوافدين إلى بيت لحم يدعون فيها إلى مقاطعة بضائع إسرائيل حتى تنهي احتلالها للأراضي الفلسطينية وتقدم شرحا عن حجم مصادرة الأراضي الفلسطينية لصالح التوسع الاستيطاني الإسرائيلي. وكان شبان متطوعون أقاموا في ساحة كنيسة المهد مجسمين إلى جانب شجرة عيد الميلاد، يرمز الأول إلى جدار الفصل والثاني إلى الحواجز العسكرية الإسرائيلية. وتعتبر مدينة بيت لحم وجهة لمسيحيي العالم لأنها تضم كنيسة (المهد) التي بنيت على يد قسطنطين الأكبر عام 330 م فوق كهف أو مغارة ولد فيها السيد المسيح. ويعتقد أن كنيسة "المهد" هي أقدم الكنائس الموجودة في العالم، كما أن هناك سردابا آخر قريبا يعتقد أن جيروم قد قضى ثلاثين عاما من حياته فيه يترجم الكتاب المقدس.