نشرت مجلة قالت مجلة "فورين بوليسي" الأميركية اليوم الأربعاء على موقعها في الإنترنت مقالاً يثير تساؤلات حول الغزو الأميركي للعراق وآثاره وما إذا كان الرئيس الأميركي الحالي بارك أوباما حقق نصراً هناك بتنفيذه وعده الانتخابي بسحب القوات الأميركية من العراق بحلول نهاية العام 2011 أم إن سلفه السبق جورج دبليو بوش هو الذي "انتصر". ويثير المقال أيضاً مسألة امتداد النفوذ الإيراني في العراق مع تراجع النفوذ الأميركي. وهنا نص المقال الذي كتبته كوري شيك: تحاول إدارة اوباما تصوير الحرب على العراق على أنها انتصار لرؤية الرئيس في مجال السياسة الخارجية الأميركية. وعندما كان مرشحاً للرئاسة وعد بإنهاء هذه الحرب، وقد أنجز وعده كرئيس. كما ان المحاولة تناسب بشكل مريح الرواية العامة لحملة الرئيس (الانتخابية الحالية) التي تقول إن اوباما ورث مشكلات من الحجم الهرقلي الضخم. ولكن حرب العراق في الحقيقة كانت ممراً سلساً لما توصلت إليه إدارة بوش في نهاية ولايتها: وهو أن الالتزام بالزيادة في القوات خلال مرحلة التعزيزات العسكرية وما صاحب ذلك من تصعيد التكتيكات لمواجهة المقاومة نجحت في كسر ديناميكية نجاح التمرد، وانتهت باتفاقية الإطار الاستراتيجي مع العراق، مع ان إدارة اوباما تنسب الفضل لنفسها. وما تبقى ليقوم به اوباما عندما تولى الرئاسة كان تنفيذ الاتفاق بطرق عززت مؤسسات الديموقراطية في العراق، وحفزت التعاون السياسي غير الطائفي، وواصلت اجراءات بناء الثقة (خصوصا على طول الحدود الكردية الحساسة)، وطمأنت العراق على كل من السيادة واستمرار المشاركة الأميركية، وشددت على دعم العراق من جانب حلفاء الولاياتالمتحدة في المنطقة. وما حققته إدارة اوباما بدلا من ذلك كان نهاية أسرع للتدخل العسكري الأميركي في العراق، لكنها نهاية قلصت من الأهداف السياسية التي ما يزال من مصلحة الولاياتالمتحدة الحصول عليها. وربما ينجز العراقيون هذه الأمور على الرغم من سياساتنا، لكنهم لن يحققوها بسبب سياساتنا. وعلى ذلك يتوجب تحميل اوباما المسؤولية. وقد ادعت الإدارة أنها ملتزمة "بانسحاب مسؤول" من العراق. لكن سياساتها المتمثلة في وضع مواعيد نهائية ليس لها ارتباط بتقدمنا في إنجاز أهداف الحرب، وعدم الحصول على تطورات سياسية داخل العراق، وعدم رغبتها في الاعتراف بسلبية حكومة المالكي قد أظهرت تأكيد الإدارة على الانسحاب، وليس المسؤولية. وتحت عين الرئيس اوباما شطبت حكومة المالكي أسماء المئات من المرشحين للبرلمان، وانتهكت مبادئ دستور العراق التي تنص على أن الحزب الذي يفوز بأكبر عدد من مقاعد البرلمان له الحق في تشكيل الحكومة، وابقت العراق في حالة من الجمود الحركي من دون حكومة لمدة سبعة شهور، ورفضت ائتلافا غير طائفي، واختارت بدلا من ذلك تحالفا مع مقتدى الصدر المعادي بشدة للولايات المتحدة، ولم تعين حتى الآن وزيرين للدفاع والداخلية، وفضل المالكي الاحتفاظ بالحقيبتين لنفسه، ورفض الانضمام للعقوبات التي فرضتها الجامعة العربية على سوريا، وتجاهل تصاعد ميليشيا للشيعة تماثل، حسب الجنرال أوستن القائد الأميركي في العراق، حزب الله في لبنان، وقد اعتقل الآن العشرات من "مدبري الانقلابات". وبدأ المالكي في الظهور كشخصية في روايات جابريييل غارسيا ماركيز، نموذجا عاديا في قسوته. بل إن المالكي ادعى ان اللوم يقع على الولاياتالمتحدة بخصوص النفوذ الإيراني في العراق، موضحا أن لإيران مبررا لتصرفاتها. "والعذر هو أن وجود القوات الأميركية على التراب العراقي...ينهي كل التقديرات والحسابات والاحتمالات المتعلقة بالتدخل في العراق تحت أي يافطة". وإذا كان المالكي يعتقد بذلك فعلا، فان اعتقده هذا مهين وخداع خطير للنفس في آن. ولم تشعر إدارة اوباما بالحاجة للرد على بيان المالكي، وكان الرد سيصبح خبراً في الواقع، أما الخبر الوحيد الذي تريده إدارة اوباما عن العراق فهو "القصة انتهت!". والتأكيد المستمر الذي يصر عليه اوباما في حديثه عن العراق هو أنه، اخيرا، سيعود الجنود الاميركيون إلى الوطن. وإذا كان خلو العراق من القوات الأميركية هو مقياس النجاح، فإن الرئيس أوباما قادنا "إلى النجاح في حرب العراق. ولكن إاذا كان استغلال المكاسب التي حققها جيشنا في تقوية عراق هو أكثر من استبدادية شيعية ميالة نحو إيران، فإن الرئيس اوباما قد يكون قد تخلى عن أهدافنا السياسية من أجل إخراج جنودنا من العراق.