لا تزال تيارات ليبرالية تعاملنا بمنطق: رمتني بدائها وانسلت.. لا يزال تضخم ازدواجية المعايير لديها مطردا إلى حد يصعب عنده السكوت. عبر قناة المحور، شاهدت كغيري مناظرة المرشحين البرلمانيين مصطفى النجار ومحمد يسري مع حفظ الألقاب. أذهلني إفلات الدكتور مصطفى النجار من توضيح مصطلح الليبرالية. تحدث الرجل عن خصوصية التجربة المصرية، وأضاف كلاما آخر يفيد بأن مصر يمكنها أن تصنع ليبرالية خاصة بها. ليبرالية تفصيل يعني. بدا كلام مرشح حزب العدل مطابقا تقريبا لتصريحات عمرو حمزاوي الذي استدرك بها قوله إن الليبرالية تعني ليبرالية أمريكا وأوروبا. ليس كل هذا هو المهم فشخصيا سأكون سعيدا جدا لو أخرج لنا ليبراليو مصر ليبرالية "حلوة" تحمينا من العري والتطاول على شعائر الإسلام. بيد أن ما يؤرقني الآن هو السؤال التالي: هل سيقتنع الليبراليون إذا قيل لهم إن الوهابية المصرية لن تكون كنظيرتها السعودية، وإن الإسلاميين سيصنعون وهابية تليق بالخصوصية المصرية؟ أشك. وبالطريقة نفسها، لماذا لا يقبل الليبراليون باتهامات التمويل من الخارج رغم اعتراف كثيرين منهم بالسفر على حساب منظمات مشبوهة لتلقي تدريبات على ما يسمى تكتيكات اللاعنف منهم مصطفى النجار وأسماء محفوظ؟ لماذا لا يقبلون تلك الاتهامات بينما يبيحون لأنفسهم كيل الاتهامات بالتمويل السعودي والقطري للإسلاميين وهو ما صدر على لسان حركة 6 أبريل والمهندس نجيب ساويرس في حديثه الأخير لقناة كندية؟ الأسئلة لا تنتهي وأبرزها: لماذا يهاجمون الإسلاميين ويتسائلون عن مواقفهم قبل الثورة بينما يحلِّون ضيوفا على برامج تتحدث باسم الثورة ويقدمها أشخاص كانوا أشهر المطبلين لمبارك وأبنائه أمثال محمود سعد وخيري رمضان؟ لماذا لا يعترضون على فضائية بكت لخطاب مبارك ليلة موقعة الجمل، واليوم تصدعنا القناة نفسها بعبارة: تحدثنا حين سكت الجميع؟ لماذا يصمتون ولدينا مطربون وممثلون يخرجون لنا بأعمال ويزعمون كذبا أنها كانت ممنوعة من العرض لسنوات طويلة لمعاداتها للنظام؟ ملاحظة أخرى حول أسئلة الدكتور النجار المعلبة حول السينما والسياحة فقد ذكرتنا بالأسئلة التي وجهها الصحفي مجدي الجلاد لمرشح الرئاسة حازم أبو إسماعيل عن البكيني والخمور وشارع الهرم، إلى حد تصور عنده المشاهد أن ضيف البرنامج مرشح لرئاسة جمهورية مارينا. عجيب جدا أن يتحدث الشيخ حازم عن منع الأفعال الخادشة للحياء فيرد الجلاد بكل عفوية: بس فيه مسيحيين. فهل كان يقصد رئيس تحرير المصري اليوم توريط الضيف أم اتهام المسيحيين بالانحلال الأخلاقي؟ وهل صارت كلمة "الفاحشة" عارا يجب علينا أن نتبرأ منها لأنها مستقاة من الشرع، بينما نسعد جدا إذا كان مسماها في قانون وضعي: "فعلا فاضحا في الطريق العام"؟ الازدواجية فاضحة وواضحة فالليبراليون ينبذون الديمقراطية إذا خالفت أهوائهم بدعوى أن الديمقراطية ليست صندوق الانتخاب فحسب ولابد أن تراعي حقوق الإنسان، وفي الوقت نفسه يلومون على الإسلاميين تقييد الديمقراطية بموافقة الشريعة. وأخيرا رسالة إلى الإسلاميين: فلنفخر بشريعتنا. لا ينبغي أن نعتذر منها بعبارات مائعة، فعلى شاشة كندية خرج من قال بملء فيه: أريد أن تتعرى زوجتي وأشرب الخمر مجاهرا بفحشه... لكنه لم يستحِ.