استعاد أهالى قرية البقلية التابعة لمركز المنصورة بمحافظة الدقهلية فرحتهم التى غابت مع الخبر المشئوم، باختطاف 6 من العاملين المصريين بليبيا فى أثناء رحلة عودتهم بالطريق البرى «معبر السلوم» إلى مصر. ووسط حالة من الانتظار لوصول أبناء قرية البقلية الخمسة، الذين تأكد نبأ استعادتهم فجر اليوم الأول من رجال المخابرات الحربية المصرية، جاء أهالى القرية وأسر العائدين من الاختطاف ليبدأوا الاحتفال على طريقة أبناء الريف بتعليق الزينة وتجهيز المواكب من الدراجات النارية، والسيارات المحملة بالأنوار ومكبرات الصوت «الدى جى» لتنطلق إلى مدخل القرية لتستقبل أبناء قريتهم فى فرحة عارمة بالطبل والغناء، ومحمولين على الأعناق حتى منازلهم داخل القرية لتستقبلهم الأحضان الدافئة من أصدقاء وجيران وأقارب، وأمهات وزوجات وأبناء ظلوا عشرة أيام فى حيرة ويأس من عودتهم، ليعيد رئيس الدولة «السيسى» أبناءهم، وليؤكد كما قال لشعبه: أنتم فى عيوننا. ووسط حالة العناق ودموع الفرح والبهجة التى بدأت مع عودة الغائب إلى دياره جاءت «الوفد» ليستقبلها أهالى العائدين الخمسة بالترحاب لدورها فى توصيل الرسالة إلى الرئيس «عبدالفتاح السيسى»، وليشاركهم الفرحةن حيث روى العائدون قصة الاختطاف التى اتفق الجميع عليها ليبدأ الشقيقان السيد، وأحمد عبدالحميد عوض ما حدث لهما فى تلك الرحلة الصعبة، مرددين عزمنا على العودة نحن الخمسة، وكلنا جيران وأقارب، وقمنا بحجز السيارة من مكتب بمدينة طرابلس، وأعطيناهم الجوازات وقيمة السفر، واستعد الجميع بربط أغراضنا المعروفة «بالدبش»، وتأخر السائق عن الموعد المحدد فى الثانية صباح السبت، واعتقدنا أن هناك تأجيلًا، إلا أننا فوجئنا بأن السفر فى الرابعة صباحًا، ولم نشك فى هذا، إلا أننا فى الطريق بدأ الشك يساورنا عندما خرج السائق عن مساره إلى طريق خاطئ، لنجد أنفسنا فى طريق صحراوى، يؤكد أننا اتجهنا للدواعش، فقد خرج اثنان من الملثمين ذوي الرداء الأسود علينا يحملان السلاح الآلى، وحال رؤيتنا صفعا السائق على وجهه وقالا: جايب لنا مصريين، «وكأن فيه تار بينهم وبيننا»، وتم بيعنا أكثر من مرة، الأولى أنزلوا أغراضنا ووضعوها فى سيارة أخرى، ثم أركبونا سيارة ب«كابينة»، وعند مكان به خندق وأماكن سكن لهم مهجورة أنزلونا بالضرب وإطلاق النار، ثم سلمونا لآخرين وحملونا فى سيارة أخرى ووضعونا فيها «خلف خلاف» وربطونا وغطونا ببطانية، ثم وضعوا علينا بعض الماكينات والآلات للتمويه، وظلوا يلفون بنا فى الصحراء بسرعة السيارة التى تتراوح بين 180 و200 كيلو، ثم باعونا لآخرين للمرة الثالثة ووضعونا فى «حوش» وبيوت غير مسكونة، لقبيلة متخصصة فى هذا النوع من التجارة، وهو اختطاف وتفاوض على فدية، وكنا فى حراسة ثلاثة من بينهم مصرى ملتح وآخر سوداني، ودخلنا لنجد 3 سودانيين قالوا إنهم محتجزون منذ شهر، وأتوا لنا بمياه مالحة، وكل 3 أيام يعطوننا ربع كيس مكرونة. ويضيف «صالح جابر» أحد العائدين: فور وصولنا إلى غرفة الاحتجاز، وهى أشبه بغرفة الإعدام، فرائحة الدم تفوح منها، وعلمنا أن هناك شقيًا من تلك القبيلة لا يتحدث إلا بالسلاح والقتل، وقال لنا المحتجزون معنا من السودانيين إنه قتل 27 مصريًا، وهو حاليًا موجود فى تونس، وهذا من حظنا، وكنا نعيش فى كابوس يوميًا ولمدة 8 أيام، وتم الضغط علينا ليعرفوا أرقام تليفوناتنا فى مصر حتى يتفاوضوا مع أهالينا، وأخطرناهم بأننا من أسر فلاحين غلابة، فطلبوا التواصل مع زملائنا فى السكن، وبالفعل كانت هناك اتصالات يوميًا وتفاوض بدأ بطلب 6 آلاف دولار على الواحد، ثم 20 ألف دينار ليبى، وكنا نطالب أهالينا وزملاءنا بتدبير المبلغ بأى طريقة لما نراه من ضرب وإهانة وتعذيب يصل لحد استعمال الكهرباء وحرق الجسد. ويكمل شوقى محمد على قائلًا إننا خلال تلك الاتصالات كان للإعلام والصحافة دور فى تصعيد الأمر ليصل صوتنا إلى الرئيس، ويكلف المخابرات الحربية التى لعبت الدور الأساسى فى الوصول لتحديد موقعنا من خلال المكالمات مع زملائنا فى السكن بليبيا، وبالتنسيق مع المسئولين بليبيا والنقاط الأمنية تم تحديد موقعنا، وتم التفاوض بطريق الحل بالقوة، إما أن تفرجوا عن المصريين الستة، أو تعرضوا أنفسكم للهلاك «بدك مواقعكم»، وهى الخسارة الأكبر، حيث طالبهم رجال المخابرات المصرية بالإفراج عنا خلال ساعة، وإلا سيكون الأمر غاية فى الصعوبة، وبالفعل فوجئنا بتسليمنا إلى أقرب سرية شرطة «بها ثلاثة تابعون للجيش الليبي»، وكان برفقتنا ثلاثة من الخاطفين «من بينهم المصرى الملتحى»، وقاموا من غيظهم بضرب واحد منا بالقدم فى وجهه، وضرب الثانى بالدبشك «قاعدة السلاح» فى وجهه، ولم يتحرك أفراد الجيش الليبي، ليعلمونا أنهم لو تعرضوا لهم لكانت النهاية بقتلهم. ويختتم السيد رمضان آخر المواقف قائلًا: الحمد لله وصلت إلينا أيدى رجال الجيش المصرى لتحمينا من هؤلاء الإرهابيين، ومهما قلنا عن دورهم فلن نوفيهم حقهم، فلدينا رئيس يبحث عن أولاده ويسترجعهم، ولدينا جيش ومخابرات حربية تكلف فتقوم بواجبها. وعن أسر العائدين من الاختطاف، قالت زوجة صالح جابر، كنت عايشة فى نار، وكنت مثل المجنونة والحمد لله الفضل يرجع لسيادة الرئيس السيسى، والمخابرات المصرية، وربنا يخليهم لنا جيش وشرطة. أما «صديقة» زوجة شوقى محمد على فتقول: أشكر كل المسئولين وعلى رأسهم الرئيس عبدالفتاح السيسى، والجيش والمخابرات الحربية، والصحفيين، جميعهم استغثنا بهم فأغاثونا. مشيرة إلى أننا كنا بنتقطع من الداخل وقلوبنا بتدمي، بنتى الصغيرة بتقول لى بابا هيجى أمتي، والأخرى تقول لى بابا أتأخر ليه كده، وابنى الكبير أحمد «ثانوية عامة» وقع الخبر عليه وهو داخل امتحان الجيولوجيا وكان يبكى بدموع ومش عاوز يروح الامتحان، وجلست أبكى معه وقلت له إن شاء الله بابا راجع لنا بالسلامة. أما نصائح الرجال العائدين من رحلة العذاب والموت «بليبيا» فاتفق الجميع على أنهم أخطأوا، فلو أن هناك الجنة فهنا أرحم بكثير ونأكلها بملح. أما كلمات الختام فى رسالة لشوقى محمد على، العائد من جحيم ليبيا، قائلا: أولًا أقدم الشكر للرئيس السيسى، وتحية تقدير وإعزاز للقوات المسلحة، ورجال المخابرات الحربية الذين بذلوا الجهد ليخرجونا من وسط النار والجحيم بليبيا، وأقولها: «تراب مصر، أحسن من ذهب الخارج». يذكر أن قائمة المخطوفين تضم 6 من المصريين من بينهم خمسة من قرية البقلية وهم «أحمد عبدالحميد السيد عوض، 24 سنة، أعزب، وشقيقه السيد 26 سنة، متزوج ولديه طفل رضيع، والسيد رمضان محمود فرحات، 45 سنة، متزوج ولديه 3 أبناء، وشوقى محمد على 50 سنة، حاصل على بكالوريوس خدمة اجتماعية، ولديه 4 أبناء أكبرهم فى الثانوية العامة، وصالح جابر نوارة 39 سنة، حاصل على دبلوم تجارة، ولديه 3 أبناء، بالإضافة إلى زميل لهم يدعى «إبراهيم» من محافظة المنيا بالصعيد، وجميعهم يعملون فى أعمال البلاط والمعمار بليبيا.