أكد الدكتور علي فؤاد مخيمر، رئيس جمعية الإعجاز العلمى المتجدد، أن الأمة الإسلامية تعيش حالة مرضية عارضة، لكنها سرعان ما تقوى، ومن ثم تأتى مرحلة التمكين بإذن الله، وبصفته رئيس أول جمعية مصرية للإعجاز العلمى فى مصر، أكد أن الإعجاز مجال خصب لإقناع المنصفين من العلماء والباحثين عن حقيقة ربانية القرآن الكريم، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وربط الدكتور «مخيمر» بين قضايا الإعجاز العلمى فى القرآن والسنة وتجديد الخطاب الدينى، وأكد أن العلاقة وثيقة بينهما، لذا فالأمة الاسلامية فى حاجة ماسة لقضايا الإعجاز العلمى الآن، فهى اللغة الهادئة ولغة الحوار التى يجتمع عليها كل الفئات والمذاهب، وأشار الى أن ذلك لا يتعارض مع العلماء الذين يقولون إن القرآن كتاب عبادة ومنهج هداية، فالله عز وجل فى علمه الأزلى يعلم أن بعد عدة قرون من نزول القرآن سيأتى عدد من الناس، ويقولون انتهى عصر الإيمان، وبدأ عصر العلم، ولذلك وضع فى قرآن ما يعجز هؤلاء، ويثبت أن عصر العلم الذى يتحدثون عنه قد بينه القرآن فى صور إعجاز مختلفة منذ ما يزيد على الأربعة عشر قرناً، ولم يكتشف العقل البشرى معناه إلا فى السنوات الماضية مع التقدم التقنى، فعطاء القرآن الكريم متجدد فى كل عصر بما يناسبه، وأنه يواكب كل عصر وزمان. «الوفد» التقت رئيس جمعية الإعجاز العلمى المتجدد، فكان معه هذا الحوار: بداية.. ما تقييمكم لوضع الأمة الإسلامية الآن على الخريطة العالمية؟ - الأمة الإسلامية فى حالة امتحان وتعيش مرحلة محنة حالياً، لأن المحن متعددة فى كل المجالات، لكن المسلم الحق رب العباد يربط على قلبه ويثبت على دينه، فالفتن كثرت، وربما ضعفت المبادئ والقيم للإنسان المسلم أو ضاعت، فلننتظر أى شىء إلا من رحم ربى فى الآونة الأخيرة، لكن الأمل فى الله كبير، فدائماً بعد المحنة تكون هناك منحة، لكننى أرى أنها مرحلة عارضة، ثم تأتى مرحلة التمكين بإذن الله، فالأمة الإسلامية ستظل بخير، فمن الممكن أن تمر بحالة مرض وضعف، ولكنها تقوى من جديد. بصفتكم رئيس أول جمعية للإعجاز العلمى فى مصر.. ما الهدف من إنشائها؟ - الحقيقة أن إنشاء جمعية الإعجاز العلمى المتجدد جاء ليكون رافداً من روافد العلم ومخاطبة العقل، لأن لغة العلم والعصر الآن هى لغة العقل، فعندما نخاطب أى إنسان خاصة فى أوروبا نجد أنه يستخدم عقله أكثر من منطق العقيدة الخاصة به، فجمعية الإعجاز عندما أنشئت جاءت لتواكب العصر فى تجديد الخطاب الدينى الذى نتشدق به الآن، فالقرآن والسنة هما ثوابت لا يتغيران، لكن لمواكبة العصر والتطور والتقنية الحديثة. كل ذلك يجعلنا نقول إن لغة الإعجاز العلمى هى خير لغة تخاطب العقل، ولذلك فأهم ما نهدف إليه هو بيان أوجه الإعجاز العلمى فى القرآن الكريم وصحيح السنة لا يتعارضان مع الحقائق العلمية الثابتة. إذن، الأمة الإسلامية فى حاجة لقضايا الإعجاز العلمى الآن؟ - نعم، بكل تأكيد.. فهى اللغة الهادئة، لغة الحوار التى يجتمع عليها كل الفئات والمذاهب، لأنها لا تتعصب فهى لغة علم، ودائما نقول الإعجاز العلمى هو سبق أو إخبار القرآن الكريم أو السنة الصحيحة بحقيقة علمية كانت موجودة وكامنة فى القرآن الكريم والسنة لم يستطع العلم فى زمن النبى، صلى الله عليه وسلم، إظهارها ولكن جاءت التقنية العلمية والعلم والتقدم العلمى، فظهرت بعض الأمور الكامنة داخل القرآن الكريم، فبدأت تظهر وتبين حقيقة القرآن وحقيقة أن النبى «وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحى يوحى». وهل القرآن الكريم نزل ليكون مرجعاً علمياً؟ - قيل ويقال إن القرآن ليس كتاب طب ولا هندسة، والنبى، صلى الله عليه وسلم، ليس طبيباً، فالقرآن يعالج كل القضايا البشرية، فعندما أنزل الله القرآن على نبيه، كان هداية للبشر، لكل العلوم ولكل ما سيكتشف الى قيام الساعة، وهذا هو الجمال، فالجمال دائماً فى التجدد «المعجزة»، فالقرآن دائما متجدد، فالمعجزة حسية تنتهى بانتهاء زمن النبى، صلى الله عليه وسلم، مثل إحياء الموتى، وحنين الجذع ونطق الشاة. إذن، هناك فرق بين الإعجاز والمعجزة؟ - طبعاً، فالمعجزة هى أمر خارق للعادة، ومن الممكن أن تكون حسية، فهى شىء ملموس ومادى حدثت لنبى معين تنتهى بانتهاء زمن النبى، أما الإعجاز العلمى، فهو سبق وإخبار القرآن الكريم لأمور موجودة كامنة فى القرآن، وستظل إلى قيام الساعة، لأن القرآن إن جاء وتحدى العرب بإعجاز، فإنه يتحدى المستقبل بالتحديد ومواكبة كل عصر، لتجد فيه حقائق ولابد من التأكيد على حقائق، ولا نقول نظريات لأن التفسير العلمى هنا اختلف فيه العلماء، أما الإعجاز العلمى فلا يختلف عليه العلماء إطلاقاً، لأن التفسير العلمى هو الكشف عن معانى الآية فى ضوء ما ترجمت به نظريات العلوم الكونية، واختلف فيه العلماء فمنهم من أجازوا ومنهم من لم يجيزوا ومنهم من قال إنه يضر النص بلى الحقائق به، أما الإعجاز العلمى، فهو حقيقة كرؤية الجنين بالتقنية العلمية ومراحل تكوين الجنين، فقد ورد فى سورة نوح قوله تعالى: «مالكم لا ترجون لله وقاراً وقد خلقكم أطواراً» هنا الأمر على اجماله، أما فى سورة المؤمنون فقد فصل هذه الأطوار التى تحدى بها فى المؤتمرات العالمية، مثل المؤتمر الدولى للتشريح والأجنة عندما أفردوا المصطلحات الطبية الدينية مثل «نطفة وعلقة»، لأنها دقيقة على التعبير عن مراحل الجنين. ما ردكم على من ينكرون قضايا الإعجاز العلمى؟ - هداهم الله، لأن استخدام العقل يختلف من انسان لآخر وهذه سنة الله فى خلقه، فهناك المسلم الحق الواعى وهناك المسلم العاصى، والمضلل، وهناك من يدعى العلم والذين يدعون العلم والمعرفة وهم جهلاء، تحت مسميات الاعلام الكبرى، وبالطبع هناك هجوم كبير من قلة على الاعجاز العلمى، لكننا نحاول تأصيل الأمر، دون «تشنج» أو عصبية والذى يريد أن يحاور بالعقلانية أهلاً به، فهناك مثلاً بعض الأقوال تقول إن الصيام يضر الجسد، فأى منطق، فالأوروبيون أنفسهم عملوا ما يسمى ب«المصحة» أو «التجويع الطبى» أى تجويع المريض لفترة معينة لينقى جسده من السموم وينشط بعض الأجهزة من الدهون المتراكمة عليه، وهو الذى يعادل ما يسمى بالصيام فى الإسلام، فقد قال الإمام الشافعى: «إن العبادات معللة بمصالح الخلق» أى أن العبادات عندما فرضت كانت من أجل مصلحة العباد أنفسهم، فالله غنى عن عباده، فالله عز وجل عندما فرض الصيام على البشر لم يكن يريد تعذيب البشر، ولكن لأنه يعلم أن هذا الكائن يحتاج لفترة فى السنة، لأن يتم تصويمه أو تجويعه لتنقية جسمه من الترسيبات الموجودة فى جسده، فكبد الانسان يئن من كثرة تراكم الدهون عليه، فيما يسمى ب«الكبد الدهنى» فالصيام علاج ربانى له، فعندما يصوم المسلم هذا الشهر، فهناك فوائد جمة تحدث له، فالإعجاز العلمى له أعداء لكن هناك منصفون، لكنهم قلة. بالتأكيد هناك معوقات تواجه الاعجاز العلمى؟ - الإعجاز العلمى هو فى الأصل بحث علمى، حتى نثبت حقيقة علمية نحتاج إلى أبحاث وأماكن للبحث والتجربة، فهذا يتكلف مبالغ طائلة، ولدينا البحث العلمى هو آخر ما نفكر به، حتى إننى عندما سُئلت فى فرنسا عن أنه كلما استجد أمر ما فى الغرب، فلماذا نقول إنه لدينا فى القرآن، فلماذا لا تعلنون ذلك، كانت إجابتى بسيطة جداً، وهى أن البحث العلمى لم ترصد له أموال أو ميزانيات، إنما الدول الأوروبية نجحت، لأن ميزانيات دول ترصد للبحث العلمى، وبالتالى فإن الحقائق الكونية لديهم هى موجودة لدينا فى القرآن، وعندما يقرأها المسلم يدرك أنها موجودة بالفعل فى القرآن. هناك مؤتمرات كثيرة عقدت فى دول عدة عن الإعجاز العلمى، فهل تراها أتت ثمارها المرجوة؟ - نعم، فعقد مثل هذه المؤتمرات تابع من أهميتها فى التواصل العلمى على مستوى العالم كى تثبت لغير المسلمين أن الدين الاسلامى دين علم ومعرفة وتقدم وعمل وابتكار من أجل خدمة الانسانية، وكذلك فإن المسلمين فى دول العالم فى حاجة للتعرض لقضايا الإعجاز العلمى ليزدادوا يقنياً على يقينهم وإيماناً بعد إيمانهم، بالإضافة إلى تعريف غير المسلمين، خاصة العلماء منهم بما جاء به الإسلام من حقائق كونية. تؤكد عظمة الخالق سبحانه وتعالى، وهناك علماء بحق مثل «كيث مور»، وهو عالم الأجنة والتشريح الشهير، ترجمت له كتب كثيرة، عندما وقف فى مؤتمر موسكو للإعجاز العلمى، وأعلن قائلاً: إن التعبيرات القرآنية التى تعبر عن مراحل تكوين الجنين، لتبلغ من الدقة والشمول ما لم يبلغه العلم الحديث، وهذه شهادة حق على لسان باطل، انطقه الله بالحق، فعندما وفق مراحل تكوين الجنين السبع الموجودة فى آية سورة «المؤمنون»، فوقفت مع العلم الحديث، ليثبت العلم الحديث أن قرآننا والسنة النبوية المشرفة هذه ثوابت راسخة، فالمؤتمرات العالمية تضيف كثيراً فقد رأينا إسلام مجموعة كبيرة من الأخوات فى المؤتمر، فالعالم الأوروبى أو الغربى يستخدم عقله، ولهذا فالمؤتمرات تؤدى دورها وتبين حقائق وجوهر الإسلام.