"انشقاقات متتالية وضربات في العمق".. هكذا بات الحال داخل جماعة الإخوان وتنظيمها الدولي، الذي لا يكاد يخرج من أزمة حتى يدخل في أخرى أشد وطأة وقوة، حتي أصبح التدهور والانهيار عنوان للمصير الذي تنتظره. ففي ظل الأزمة القائمة بين أعضاء الجماعة في مصر، والانقسامات الحادة بين تيار الشباب ومجموعة محمود عزت، القائم بأعمال التنظيم، علي القيادة، وتحويل إخوان تونس حركة النهضة إلي حزب مدني، ومع إلغاء إخوان الأردن تبعيتهم للتنظيم الدولي قبل عدة شهور، يأتي انشقاق جديد داخل الجماعة في السودان. ونشبت أزمة جماعة الإخوان في السودان، بعد أن أصدر مراقبها العام، علي جاويش، بيانا عطل وحل كل مؤسسات الجماعة بما فيها مجلس الشورى والمكتب التنفيذى واللجان وعطل المؤتمر العام للجماعة وألغى اجتماعه المقرر يوليو المقبل، ومن ثم الإطاحه به هو وعدد من قيادات الجماعة في السودان. ويشار إلي أن فرع جماعة الإخوان بالسودان قد تشكل في الأربعينيات من القرن الماضي، وهذه ليست المرة الأولي التي تشهد فيها الجماعة هناك انشقاقًا، ولكن سبق وأن شهدت لانشقاقين، أولهم في 1969 بعد خروج القيادي الإخواني هناك حسن الترابي، واتجاهه لتأسيس جبهة الميثاق الإسلامي، والأخري في 1991 بخروج مجموعة سليمان أبونارو، وتأسيسه لجماعة الاعتصام بالكتاب والسنة. ورأي الخبراء في الشأن الإسلامي، أن الانشقاق داخل جماعة الإخوان في السودان يعكس حالة الضعف والانهيار التي وصلت لها جماعة الإخوان مؤخرًا، كما أنه يأتي في ظل الانقسامات المتعددة التي يشهدها التنظيم الدولي، ومن المتوقع أن تتوالي الانشقاقات وأن تعلن المزيد من الفروع استقلاليتها عن التنظيم الدولي. وصف سامح عيد، المتخصص في شئون الجماعات الإسلامية، الانشقاق في إخوان السودان، بأنه بمثابة الصدمة الأكبر والأكثر صخبًا في التنظيم الدولي للجماعة، لأنه ترتب عليه حل مؤسسات الجماعة هناك، وهو ما يعني الوصول إلي حدود السيطرة والتأسيس إلي تنظيم جديد. وتابع، أن حالات الضعف والتردي التي تشهدها جماعة الإخوان تأتي في إطار تراجع التنظيم في مصر، علي خلفية الإطاحة بهم من سدة الحكم في ثورة 30 يونيو 2013، مشيرًا إلي أن حلقات الانهيار للجماعة ستستمر في ظل عدم وجود قيادة قوية قادرة علي فرض شخصيتها، خاصة مع اختفاء محمود محمود عزت، القائم بأعمال التنظيم. ورأي هشام النجار، الباحث في شئون الحركات الإسلامية، إن الإنشقاق داخل الجماعة في السودان يأتي علي خلفية الانقسام الشديد الذي يشهده التنظيم الدولي، موضحًا أن هناك تيارين داخل السودان. وأضاف، أن التيار الأول في جماعة الإخوان بالسودان يسعي إلي أن يسلك مسلك الإخوان في تونسوالأردن، من خلال الانفصال عن التنظيم الدولي، وتدشين كيان تحت مظلة وطنية بعيدًا عن التبعية الإقليمية، بينما التيار الأخر يتبني فكرة استمرار الامتداد الخارجي للجماعة . وأوضح النجار، أنه من المتوقع أن تتوالي الانشقاقات داخل التنظيم الدولي في فروعه المختلفة بشتي الدول، وهو ما سيكون له تأثيراته وانعكاساته السلبية علي التنظيم، حيث ستستقل فروع كثيرة بذاتها. وأكد اسلام الكتاتني، القيادي الإخواني المنشق، علي أن ما يشهده تنظيم الاخوان شيء متوقع، ويأتي في سياق طبيعي، نظرًا لما تمر به الجماعة علي المستويين المحلي في مصر والدولي للتنظيم. وأشار إلي أن فكرة فصل العمل الحزبي والسياسي عن العمل الدعوى بدأت تطفو علي العديد من فروع التنظيم في تونس والمغرب والأردن، مؤكدًا ضرورة لجوء الإخوان إلي عمل المراجعات الفكرية، لأن تجاهلها يعني تهديد بقاء فكرة التنظيم لدولي.