يحمل فيلم «كف القمر» لخالد يوسف رسالة قوية بضرورة الاتحاد وعدم التفرق لتحقيق مصلحة الجماعة، وأن عدم التوحد يؤدي إلى الخسارة التي لا تُدرك إلا بعد فوات الأوان، وتأتي هذه الرسالة رغم العديد من المآخذ الفنية على الفيلم مثل الخلل في بعض مواضع السيناريو أثناء الأحداث والشعور بأنه مفكك، وعدم منطقية تصرفات بعض الشخصيات في الفيلم، مثل عودة جميلة «غادة عبدالرازق» في نهاية الفيلم إلى زوجها زكري «خالد صالح»، رغم أنه تخلى عنها رغم حبه الشديد لها، وطالت فترة هجره لها إلى درجة أن ابنته الطفلة «قمر» لم تعرف أباها لأنه تركها جنينا في بطن أمها، وأوحى إلينا صانع الفيلم بأن عودة «جميلة» جاءت بعد وفاة «قمر» الجدة. ومن المآخذ الواضحة أن «الفلاش باك» الأول في النصف الثاني من الفيلم يحدث فجأة، بما يجعل المشاهد يشعر بالارتباك في فهم الأحداث، ولا يستوعب ما يراه على الشاشة إلا بعد دقائق عندما يدرك أن ما يشاهده هو استرجاع لأحداث سابقة. رسالة الفيلم تحملها البطلة قمر «وفاء عامر» التي تمثل محور الأحداث، وهي أم صعيدية لخمسة أطفال تركهم لها أبوهم بعد مقتله في صراع على البحث عن الآثار، وكانت أمنية الأب أن يحول بيته من البناء الريفي البسيط إلى بيت من الأسمنت المسلح، وظلت الأم تطعم أبناءها من زراعة قيراطين من الأرض استأجرهما الأب، ولما كبر الأبناء استرد المالك أرضه تحت رهبة قوة السلاح، فدفعت الأم أبناءها إلى الهجرة إلى العاصمة لكسب لقمة العيش والوصول إلى تحقيق وصية الأب بإعادة بناء البيت، واشترطت على الابن الأكبر «زكري» أن يحافظ على وحدة إخوته وألا يتخلى عنهم، وأن يعودوا إليها خمسة لا ينقصون فردا مثل كفها الذي يتكون من خمسة أصابع، لكن شمل الأبناء يتفرق، وفي الوقت الذي يشق فيه كل واحد منهم طريقه، ينسون وصية الأم، ويعمل «زكري» مقاولا يبني العمارات، وفي المقابل يتعرض منزل الأسرة في الصعيد لهدم جزء منه على أيدي مجموعات من الأشقياء الذين يسرقون كل شيء في البيت حتى الشبابيك، ويكبر عمر الأم وتزداد شراسة المرض فيقرر الطبيب بتر «كف قمر»، ويحاول «زكري» أن يجمع إخوته ليعودوا إلى أمهم قبل موتها، لكن محاولاته تبوء بالفشل، فيأتون فرادى ليحملوا نعش أمهم، ويعيدوا بناء البيت بعد دفنها. نعود إلى رسالة «قمر»، بعيدا عن عيوب الفيلم، فنجد أننا في أشد الحاجة إليها هذه الأيام، وهي أن نوحد جهودنا وألا نتفرق، فقد تجمع المصريون طوال أيام الثورة الثمانية عشر، لكنهم تفرقوا بعد ذلك وضاعت وحدة صفهم التي غلبوا بها الدكتاتور وأطاحوا به من فوق عرشه ليستقل طائرته الهليكوبتر هاربا إلى شرم الشيخ من غضب الثوار الذين لم يحملوا سلاحا، وإنما حملوا قلوبا قوية اجتمعت على هدف واحد، وعندما اختلفوا وتشتتوا توقفت الثورة عند إنجاز واحد هو إزالة الدكتاتور، ولم يتغير شيء في وجه الوطن، وعادت «الأنامالية» كأن ثورة لم تحدث في مصر، وانتشرت القمامة في جميع الأحياء، ولم يستكمل آلاف المصريين في الأحياء نظافة شوارعهم كما فعلوا عندما تركوا ميدان التحرير نظيفا خاليا من الشوائب، رغم أنهم كانوا بالملايين. ما أحوجنا إلى عودة روح الثورة إلى حياتنا، ولو اتحد المصريون وكانوا على قلب رجل واحد لهزموا المستفيدين من نظام «آل مبارك»، وهؤلاء المستفيدون قلة قليلة في مقابل باقي المصريين الذين يعدون بالملايين، ومن الخيبة والعار أن تسمح الملايين بعودة القلة القليلة إلى صدارة الساحة السياسية أو الاجتماعية، نرجو ألا يحدث ذلك.