تبلغ مساحة «صنافير» ما يقارب 3 كيلو مترات، ويصل عدد سكانها إلى أكثر من 30 ألف نسمة، وتربطها علاقات دولية بعدد من الدول العربية وصلات وثيقة بالاتحاد الأوروبى والمملكة العربية السعودية وعدد من البلدان الأخرى. الطريق إلى «صنافير» حالك وموحش يغطى السواد ربوع المكان بمجرد غروب الشمس عنها، وفى غياب أمنى تام تجاوزنا كل المخاطر والصعاب حتى وصلنا إلى «صنافير»، وكان رفيقنا فى تلك الرحلة الشاقة نباح الكلاب الضالة والقمامة التى تحولت إلى تلال متصلة على طول الطريق وكأنها تشريفة استقبال الوافدين إليها، والرائحة الكريهة التى غطت على نسيم الليل الحزين، وألسنة اللهب نتيجة حرقها والتى تمثل مأساة حقيقية لسكانها البؤساء. من قلب «صنافير الحائرة»، «الوفد» رصدت معاناة آلاف المواطنين واليأس الذى سيطر عليهم نتيجة الإهمال الشديد وغياب كل مفردات الحياة الآدمية داخل «صنافير». ووفقاً لتأكيدات عدد كبير من الأهالى فتعود أصول سكانها إلى شبه جزيرة العرب، حيث كان أول من استوطنوها وافدين من شبه الجزيرة العربية وبخاصة منطقة نجد والحجاز منذ عقود مضت. وسيطرت علامات الخوف الممزوجة بمشاعر الترقب والقلق على سكانها بمجرد إعلان مؤسسة الرئاسة والحكومة عن تسليمها للمملكة العربية السعودية ظناً منهم أن المقصودة هى قريتهم رغم بؤسها فإنهم أكدوا على تضحيتهم بالغالى والنفيس من أجل «صنافير». وكانت أول كلماتهم الموجعة عندما سألنا عدداً من أهالى المنطقة الذين تربوا لسنوات فيها عن رد فعلهم عندما علموا بأن «صنافير» ستكون تابعة إلى المملكة العربية السعودية أجابوا بكلمات قاطعة ليس فيها تأويل «لا نعرف لنا مكاناً أو وطناً سوى صنافير»، نحن مصريين وكل بقعة فى هذا المكان تحمل ذكريات السنين بآلامها وأفراحها، وباتوا يشعرون بالخوف على المكان الذى تربوا فيه، ومصر بالنسبة لهم هى الأم والدفء ولا يمكن بجرة قلم تصبح «صنافير» خارج حدود الوطن مصر. وعلى ما يبدو أن سوء الفهم لدى العديد من أبناء «صنافير» دفع فئة المثقفين من أبنائها إلى بعث رسالة طمأنة إلى أبناء المكان أن العلاقة بين «صنافير» الحدودية و«صنافير» القليوبية مجرد تشابه أسماء. ف«صنافير» التى تمثل إحدى قرى مركز قليوب بمحافظة القليوبية والتى ترتبط بعلاقات دولية رغم إقليميتها تعيش التهميش من قبل الحكومة، منذ عقود سقطت خلالها من خريطة الاهتمامات الحكومية وانهارت فيها كل الخدمات. ف«صنافير» التى تربطها علاقات تجارية بدول الاتحاد الأوروبى والخليج العربى لشهرتها فى إنتاج وتجفيف وتصدير البصل والثوم للخارج ما زالت تعانى الأمرين من انهيار الخدمات والإهمال، على الرغم أنها لا تبعد سوى كيلومترات معدودة عن القاهرة عاصمة مصر، وأخرى مماثلة عن بنها عاصمة المحافظة، إلا أن تبعيتها لقليوب جعلت 6 كيلومترات تمثل معاناة حقيقية لسكان تلك القرية الذين يئنون من عزلة عن العالم الخارجى، فالطريق الرابط بين صنافير وقليوب طريق ترابى وغير ممهد ومظلم، ويقطع الأهالى بتلك القرية المنكوبة نصفه سيراً على الأقدام للحصول على وسيلة مواصلات، وتبددت أحلامهم فى رصف الطريق الرئيسى وإنارته والموافقة على توفير أتوبيس يزيل المعاناة عن أهلها البسطاء الذين ينقطعون عن باقى قرى قليوب بمجرد الاستماع إلى أذان العشاء إلا فى حالات الطوارئ بات مستحيلاً. يقول المهندس نور فرج إن الوحدة المحلية بصنافير تعد من أسوأ الوحدات المحلية بقليوب وتمثل أكبر عنوان لانهيار الخدمات بالقرية، فضلاً عن الجمعية الزراعية والتى لا تقدم أى خدمات لمزارعى القرية الذين يعتمدون على زراعة البصل أحد مصادر الدخل، والذى يتم تصديره للخارج. أما عن الوحدة الصحية فحدث ولا حرج والتى تعانى الانهيار وعدم وجود أجهزة وغياب الأطباء والتمريض، وأقرب مستشفى بمدينة قليوب يبعد 6 كيلومترات بما يعرَّض حياة المرضى للخطر فى ظل طرق ترابية غير ممهدة وحالكة الظلام. ويضيف أحمد سلامة قائلاً: تعانى القرية من المواصلات الآدمية والسيارات المتهالكة التى تعزلها عن العالم الخارجى بعد صلاة العشاء، وتعانى القرية من حالة البطء الشديد فى تنفيذ مشروع الصرف ومياه الشرب السيئة، حيث تعتمد القرية فى مياه الشرب على الآبار الارتوازية السيئة والتى تهدد صحة سكانها.