الحياة وسط العشوائيات تمثل كارثة إنسانية لمواطنى تلك المناطق المحرومة من كل شيء حتى أبسط حقوقهم فى الحياة الكريمة، كما أنها أصبحت مستنقعا وفريسة للجريمة والإرهاب. فى القليوبية يعيش 2 مليون و133 ألف و775 مواطنا فى 67 منطقة عشوائية بنسبة 43% من سكان المحافظة والذى يبلغ عددهم 5 مليون و158 ألف و344 نسمة تم تطوير 15 منها فقط على مدى 20 عاماً، وبقيت المناطق الأخرى لتجسد مأساة إنسانية مؤلمة وواقعا مرا يحياه سكان تلك المناطق. يقول محمد طلعت إبراهيم، المدير التنفيذى لوحدة تطوير المناطق العشوائية بالقليوبية، أن القليوبية بها 67 منطقة عشوائية مصنفة منذ عام 1994 حتى عام 2008 وتم إدماج هذه المناطق العشوائية منذ عام 2008 ضمن الحيز العمرانى للكتل السكنية بالمدن، حيث إنه يتم الإنفاق على تطويرها من خلال الموازنة العامة للدولة وتعتمد اعتماداً كلياً على شبكة المرافق والبنية الأساسية الخاصة بالمدينة لأنها امتداد طبيعى للمدن، لكن نشأتها فى ظل غياب قوانين البناء الحديث والفساد السابق والتعدى على الأراضى الزراعية بطريقة عشوائية وعدم وجود مخططات استراتيجية وتفصيلية للمدن فى عهد النظام السابق. وأضاف إبراهيم أنه يتم إعداد مخططات حالية للمدن بالمحافظة البالغ عددها 11 مدينة مع تدبير الاحتياجات المستقبلية لنمو المدن، مشيرا الى أن المناطق العشوائية تتركز فى الخصوص بمساحة 5 كيلومترات مربعة، مؤكداً أن الخصوص زلزال مصر المقبل لأن المدينة بنيت بالكامل بشكل عشوائى ولم يراع فيها خطوط التنظيم أو المسافات والارتفاعات بما يؤدى إلى صعوبة تطوير البنية الأساسية بها فى ظل عدم توافر الاشتراطات الهندسية للبناء مع قانون البناء المتعارف عليها، وحتى الآن مازالت مناطق الخصوص تسمى بأسماء الأحواض الزراعية مثل حوض سعادة ونصار ونوار والأمايل. وقال إبراهيم إن جميع مدن القليوبية التى تضم عشوائيات تم توصيل المرافق لها من مياه شرب وصرف صحى وكهرباء وجميع العشوائيات تم بناؤها ضمن خطوط تنظيم المدينة ولكن لا يوجد بها مخطط استراتيجى أو تفصيلى. واضاف أنه توجد 13 منطقة فى حى شرق شبرا الخيمة أسفل أبراج الضغط العالى التابعة لمحطة كهرباء شبرا بما يمثل خطورة على حياة السكان والبناء يتم بشكل عشوائى. وفى بنها، توجد عدد من المناطق مدرجة ضمن العشوائيات ومنها منشية النور والحرس الوطنى وعزبة البرنس ووسط البلد القديم الذى يعد من المناطق العتيقة، مشيرا الى إن منطقة الفيلات ببنها هى الوحيدة التى لا تندرج ضمن العشوائيات، والتى تتمثل مشاكلها فى النواحى البيئية والاجتماعية والاقتصادية والصحية وارتفاع كثافات الفصول وارتفاع نسب الجريمة. وأضاف أن المحافظة عقدت اجتماعا مع عدد من أعضاء الوكالة الألمانية بالقاهرة ومسئولي إدارة العشوائيات بالمحافظة لبحث تطوير 3 مناطق عشوائية بالمحافظة بمنحة 13 مليون يورو من الاتحاد الأوروبي، وإنه تم اختيار منطقة عبد المنعم رياض بشبرا الخيمة بكثافة سكانية حوالي 350 ألف نسمة ومنطقة منشية علام بالخصوص بكثافة 150 ألف نسمة ومنطقة بحري السكة الحديد بقليوب بكثافة 40 ألف نسمة لعدة اعتبارات أهمها الكثافة السكانية وشدة إحتياجها للخدمات وضعف أساس البنية التحتية بها. وأكد أنه سيتم استغلال المنحة في تطوير تلك المناطق عن طريق دراسة المكان من كل جوانبه وتطبيق منهج التنمية بالمشاركة والارتقاء بمستوى الخدمات والبنية الأساسية بهذه المناطق من تعليم ونظافة وصحة فضلا عن المياه والصرف الصحي. "الوفد" رصدت الواقع المر فى المحافظة ففى منطقة الجبل الأصفر يعيش أكثر من 20 ألف نسمة يستقبلون الصرف الصحى للقاهرة الكبرى يومياً عبر محطة الجبل الأصفر العملاقة وليس لديهم مشروع للصرف الصحى ويعانون الأمرين من التلوث الذى يحاصرهم من كل مكان، أما منطقة الخصوص وبعض القرى والعزب بمنطقة شبرا الخيمة والخانكة والجبل الأصفر، فهى أكثر المناطق عشوائية بمحافظة القليوبية، والمواطنون بهذه المناطق يعانون التجاهل والإهمال بحجة أنهم أبناء العشوائيات، حيث تتفاقم مشكلاتهم من المياه والكهرباء والصرف الصحى والقمامة. وفى منطقة الجبل الأصفر يؤكد السيد مهدى، من سكان المنطقة، أن "المنطقة تعانى نقص مياه الشرب ونشرب من فناطيس ولا يوجد إلا مخبز واحد رغم أن الجبل الأصفر يتبعه عدد من العزب، وهذا المخبز لا يكفى حاجة الأهالى والمسافة بين عزبة الدونك والصعايدة والمخبز تزيد على كيلو متر وهذا يمثل مشقة فى الحصول على رغيف الخبز". ويقول محمد نبيل – موظف - إن البعوض يهددنا فى الجبل الأصفر صيفاً وشتاء والكهرباء تقطع بصفة مستمرة والشوارع مظلمة ليلاً حتى الأعمدة الموجودة لا يوجد بها كشافات. وأضاف حسام جوده أن المواصلات معدومة بشكل نهائى ولا تتوافر سوى لمدة 3 ساعات يومياً، وكذلك لا يوجد مجمع استهلاكى أو منفذ بيع لسد احتياجات المواطنين . ولا يختلف الأمر كثيراً فى شبرا الخيمة، خاصة فى مجموعة العزب التى تعيش تحت خط الفقر وأهمها عزبة أم بيومى والقطاوى وابن الحكم وغيرها من المناطق التى تفتقر لأبسط مقومات الحياة فى هذه المنطقة، حيث لا مياه ولا صحة ولا صرف صحى حتى أسلاك الضغط العالى تهدد بقتل عدد كبير من سكان هذه المنازل هناك. وأكد الأهالى بالمنطقة أنهم يعيشون حياة صعبة.. ويعتمدون على حنفية مياه عامة ينقلون منها المياه إلى منازلهم، كما لا يوجد حمامات بالمنطقة، فهم يقضون حاجتهم فى الشوارع. ومن المدن العشوائية التى تعانى أيضاً أشد المعاناة شبرا الخيمة فيقول تامر بسيونى نائب رئيس لجنة الوفد بشبرا الخيمة ، إنه يوجد 5 مناطق عشوائية بحى غرب شبرا الخيمة ، وهى منشية عبدالمنعم رياض وعزبة الجوهرى وأرض أبوالنجا وبيجام والتعاون والسعادة الجديدة والشرقاوية وسيدى خضر التى يبلغ عدد سكانهم مليوناً ونصف المليون نسمة وتعانى هذه المناطق من طرق غير مرصوفة وعدم وجود وحدات صحية وعدم إنارة الشوارع ما ينشئ "جيلاً جديداً من البلطجية"، بالإضافة إلى مشكلة القمامة وضعف مياه الشرب وعدم وجود وحدات أمن، وكذلك عدم وجود صرف صحى، بالإضافة إلى عدم وجود أى مستودعات غاز أو خدمة التليفونات. وفى مدينة الخصوص الواقعة بجوار الطريق الدائرى يعيش قرابة مليونى مواطن فى جحيم بسبب مشكلات المياه والقمامة وطفح المجارى المستمر.