الدم كالتراب بلا قيمة فى بلادنا التى تبحث عن لحظة فرح نادرة فى شلالات من الحزن الاسود . وكأن النهايات لم تكتمل بعد لتسقط لنا أجهزة الامن شهيدا جديدا يضاف لضحايا وشهداء حادث الاسكندرية . مات المواطن سيد بلال تحت التعذيب فى تحقيقات كان جهاز امن الدولة يجريها بالاسكندرية على خلفية مذبحة القديسيين . فى الصباح استدعوه الى قسم اللبان ، وفى المساء ذهب طائعا ، وفى الليل أبلغت اسرته بوفاته . قال بيان لمنظمة حقوق الانسان العربية أن جثة الرجل كانت مشوهه نتيجة التعذيب . ويبدو ان الرجل سئل عن أشياء لم تبد له فأنكر فخضع لاجهزة كشف الكذب المصرية التى تعتصر الجسد ولا تتركه الا بعد ان تهرب منه الروح . لم يكن سيد بلال سوى شاب ملتح يعمل فى شركة بتروجيت ، وليس له نشاط سياسى ، ولا علاقة له بحادث الاسكندرية من قريب أو بعيد . لكنه استدعى فى اطار جمع المعلومات عن المشتبه بهم . دم على دم ، وقلوب كالحجارة ، وفشل فى معرفة الجناة . تعتمد أجهزة الأمن فى الدول الرشيدة على وسائل تكنولوجية وطرق حديثة لجمع المعلومات وكشف غموض جرائم الارهاب ، ولا زلنا نصمم على عصر الضحايا والشهود لاستخراج معلومات وغالبا لا يحدث ذلك اذ تصعد أرواحهم الى بارئها قبل أن تظهر تلك المعلومات المزعومة . لقد أنستنا جريمة كنيسة القديسين كثير من ذكرياتنا السوداء مع جهاز الشرطة ، وانتفضنا جميعا لمساندة ومؤازرة والدعاء للداخلية لمواجهة الارهاب الاعمى . كنا على استعداد ان نغفر ونسامح وننسى من أجل الوطن .. كنا سنشطب مأساة خالد سعيد ، وفضيحة عماد الكبير ، وجرائم الالم والقهر من ذاكرتنا ، لكن يبدو ان بعض قوى الشر داخل جهاز الشرطة تأبى ذلك وتعمل ليل نهار على التفرقة بين الناس ورجال الأمن ، وتسعى دائما الى تنفير المواطنين البسطاء من اصحاب الملابس السوداء . آخرون ، لا نعرفهم ولم تصلنا حكاياتهم .ربما لاقوا نفس المصير وأبشع . منهم من هتكوا عرضه ، ومنهم من نفخوا بطنه بالهواء ، ومنهم من ضربوه حتى فقد عقله ، ومنهم من احضروا بناته أمامه ليراهم عاريات . كلهم ضحايا ظلم الاجهزة الامنية من اسلاميين وشيوعيين وبهائيين وشيعة وقرآنيين وقيادات عمالية ونشطاء حقوق انسان . فى الظلم تتوحد المذاهب ويلتقى المختلفون ويتفق المتفرقون . ومع القهر والتعذيب تتفرق دماء الوطن ويكسب الارهاب مساحات أوسع ، ويسود القبح ويحكمنا الظلام . [email protected]