ينتظر المقدسيون شهر رمضان كل عام كطوق نجاة لانعاش اقتصادهم الذي أصابه الركود بسبب ممارسات السلطات الصهيونية التي حاصرت المدينة وعزلتها عن محيطها العربي وبيئتها الفلسطينية، إلا أن رمضان هذا العام جاء خلافا للمتوقع حيث خلت شوارع القدسالشرقية من الرواد وجلس التجار وأصحاب المحلات يشكون ركود بضاعتهم. مع قدوم شهر الصيام هذا العام، بدت البلدة القديمة بمدينة القدس، دون أي حركة تذكر لعمليات البيع والشراء في الأيام الأولى من شهر رمضان، وجلس أصحاب المحلات التجارية إما يقرؤون القرآن أو نائمين أو يستعملون الحاسوب والهواتف الذكية، وقليل منهم من كان يبيع أو لديه زبائن. سوق خان الزيت كان أهم أسواق القدس وبلدتها القديمة والأكثر اكتظاظا وازدحاما على مر السنين، وخصوصا في شهر رمضان، لكنه في السنوات الأخيرة أصبح فارغا إلى حد كبير من المشترين. فخلال السنوات الماضية فرض حصار صهيوني مشدد حتى على سكان القدس الذين أصبحوا لا يستطيعون الوصول إلى البلدة القديمة أو المسجد الأقصى بفعل جدار الفصل الصهيوني والحواجز العسكرية التي تمنع سكان ضواحي القدس والمدن المجاورة من دخول المدينة المقدسة. وفي العقد الأخير، وتحديدا بعد انتفاضة الأقصى، انقطع الاتصال ومنعت زيارة القدس لأغلب سكان ضواحيها إلا في حالات المرض الشديد أو الإصابة بالسرطان أو غسيل الكلى أو حلول الأعياد الإسلامية وشهر رمضان، حيث يسمح في هذه الحالات بزيارة البلدة القديمة بتصاريح صهيونية لوقت محدد ومكان محدد. التاجر أبو صلاح الحلحولي في سوق العطارين، وهو من أشهر تجار البلدة القديمة، قال "الحركة قليلة بسبب قلة السيولة النقدية؛ فهي شحيحة بأيدي الناس، لكن العام الماضي كان الوضع والحركة التجارية أفضل من اليوم". أما التاجر محمد حمود، في سوق اللحامين، فكان يقرأ القرآن وسط محله المتواضع الذي يبيع فيه الخضار والفواكه. وقال: "حرارة الطقس العالية وقلة المال دفعت بالناس الى الاختصار وعدم شراء كامل حاجياتهم كالمعتاد فبعضهم يشتري نصف حاجته لشح المال في يده ومع ذلك كان الوضع العام الماضي أفضل". أما اللحام (الجزار) نادر معتقوق، فكان يجلس أمام محله بصحبة ابنه في انتظار من يشتري خروفا منه في سوق اللحامين. وقال معتوق: "الحرارة عالية والناس متعبة".