ربما لم يسمع الكثير من الناس عن سوق نسيبة أو سوق الصاغة القديم، ذلك لأن هذا السوق يعتبر من التاريخ والتراث المقدسي الإسلامي، لكن هذا السوق كغيره من أسواق البلدة القديمة مهدد من قبل الجماعات الاستيطانية المتطرفة بالاستيلاء والتملك غير المشروع. ويأتي هذا الاعتداء الجديد في إطار الاعتداءات الاستيطانية المسعورة على أسواق ومنازل البلدة القديمة خاصة والقدس عامة. وقد أحتج تجار البلدة القديمة في مدينة القدس أمس على الحفريات وإزالة الأتربة التي يقوم بها متطرفون إسرائيليون تابعون لمدرسة غاليتسيا الاستيطانية في سوق نسيبة "الصاغة القديم " أسفل الصبرة بهدف الاستيلاء عليه وتوسيع المدرسة. شهادات تجار سوق الصاغة...الحفريات جديدة أسفله وإغراءات لبيع المحلات ومناشدة لجميع أصحاب الشأن. وقال تجار البلدة القديمة صلاح الحلحولي " لاحظنا قبل عدة أيام المستوطنون التابعون لمدرسة غاليتسيا يقومون بإزالة الأتربة من داخل سوق نسيبة من خلال حفرة قاموا بفتحها في السوق، ويستخدمون عمال عرب يقومون بالعمل معهم ليل نهار بالخفاء على إزالة الأتربة ونقلها باستخدام آليات النقل البسيطة، وعندما لاحظ المستوطنون انتباه التجار لهذا الاعتداء قاموا بتغطية مكان الحفرة بأكياس من النايلون. وأشار الحلحولي أن سوق نسيبة مهدوم منذ نحو 800 عام وتعود ملكيته لآل نسيبة، وهو عبارة عن تراث وآثار إسلامية قديمة وقفية. وأضاف " إن المستوطنين يهدفون من هذه الحفريات الاستيلاء على السوق وضمه إلى مدرسة غاليتسيا، وعندما علمنا بالأمر أبلغنا دائرة الأوقاف الإسلامية والجهات المعنية من أجل وقف عملية الحفريات وإزالة الأتربة، مع العلم أننا اتصلنا بالشرطة الإسرائيلية لإبلاغهم بعملية الاعتداء ولكنها لم تكترث للأمر، وأعتقد أنها متواطئة معهم. وحذر الحلحولي من هذا الاعتداء الخطير على سوق نسيبة، وقال " هذا الخطر لا يمس فقط هذا السوق وإنما بقية الأسواق والوجود الفلسطيني في المنطقة، وتعتبر سلسلة من الاعتداءات المتواصلة والاستيلاءات الهادفة إلى تهويد البلدة القديمة وتهجير السكان والتجار منها. وطالب دائرة الأوقاف الإسلامية الاهتمام بهذه الاعتداءات والاتصال بالمسؤولين للضغط على الجانب الصهيوني لإيقاف هذه الحفريات. وأوضح التاجر أبو محمد أن المتطرفين اليهود إدعوا بعد الاحتلال الإسرائيلي للمدينة عام 1967 أن لديهم كنيس في المكان وقاموا بطرد ثلاث عائلات فلسطينية من منازلهم واستولوا عليها، وأسموا هذا المكان " مدرسة غاليتسيا،" كانت مجموعة صغيرة ثم تمددت بإستيلاءات أخرى حتى أصبحت تضم العشرات من المتطرفين، وخلال فترة وجودهم في الصبرة قاموا ببناء جسر خشبي فوق سوقي العطارين واللحامين. وأشار إلى أن السوق الذين يزيلون منه الأتربة حاليا محاذي لحي القرمي وعقبة الخالدية المستهدفة من المتطرفين الإسرائيليين منذ سنوات طويلة. وأضاف " منذ استيلاء المستوطنين على المكان وبناء الجسر الخشبي فوق أسطحه الأسواق والتجار والمواطنون المتواجدون بالأسواق يعانون من اعتداءاتهم يوميا خاصة يوم السبت، والمتمثلة بإلقائهم الحجارة والقاذورات والمياه الوسخة من فتحات أسطحه الأسواق والفتحات الجانبية، الهادفة إلى إيذائنا والتضييق علينا لترحيلنا من أماكن تواجدنا، ويتصل التجار بالشرطة ويوجهون لها الشكاوى حول هذه الاعتداءات ولكن دون اكتراث " فحاميها حراميها. ونوه إلى أن أحد المتطرفين في هذه المدرسة قام قبل نحو 13 عاما بإلقاء قنبلة من فتحة سطح سوق اللحامين نحو التجار والمواطنين تسببت باستشهاد أحد التجار وفقدان أحدهم بصره في إحدى عينيه وآخر أصيب إصابة بالغة في جسده وساقه ورغم علاجه لسنوات طويلة منها إلا أنه ما زال يعاني من أثر الإصابة. وقال أحد التجار " يتعرض العديد من التجار منذ سنوات لمحاولة إغراء من قبل المستوطنين الذين يعرضون عليهم آلاف وملايين الشواقل من أجل شراء محالهم التجارية، ولكنهم رفضوا هذه الإغراءات وتمسكوا بمحلاتهم التجارية ووجودهم فيها، رغم كل التضييقات التي يواجهونها من قبل الضرائب المفروضة عليهم، التي أدت إلى قيام بعضهم بإغلاقها لعدم قدرته على سداد هذه الضرائب الباهظة الثمن مقابل شلل الحركة التجارية وكساد بضائعهم، وسببها أيضا الحصار والحواجز العسكرية والجدار الذي تفرضه الحكومة الصهيونية على مدينة القدس. فيما أوضح أحد تجار سوق الخواجات المحاذي لسوق نسيبة ومدرسة غاليتسيا بقوله " أن المتطرفين يسعون لاستخدام أي وسيلة من أجل تمددهم وتثبيت وجودهم بالمنطقة، حيث قامت مجموعة منهم قبل نحو خمس سنوات بإزالة بضاعتي التي يوجد خلفها صندوق للكهرباء وأشار على الجدار وهو يقول " هذا الحائط لنا " فاتصلت بالشرطة التي حضرت للمكان وطردته من المكان، مع العلم أنهم بعد ذلك كلما مر أحدهم بالقرب من المكان يشيرون له بأصابعهم. وأضاف " إنهم يهدفون من ذلك فتح هذا الحائط لبناء مدخل لمدرستهم من السوق، وبالتالي يصبح لهم تواجد بهذا السوق. مشيرا إلى أنهم عرضوا على أحد تجار السوق مبلغ قدره مليوني شيكل من أجل بيعهم محله فرفض. وأكد التجار أن تواجد المتطرفين في هذه المنطقة يشكل تهديدا حقيقيا على تواجدهم وحياتهم، حيث يعتبرون المتصدين لهم ولممارساتهم وأستيلاءاتهم، فهم القلعة الصامدة في وجه الاستيطان والتهويد. وناشدوا السلطة الوطنية الفلسطينية وكافة الجهات المعنية العمل على دعم صمودهم وفتح المحلات التي أغلقت بفعل الضرائب لإشغالها، كذلك تشجيع السكان على التوافد إلى هذه الأسواق لإعمارها و الشراء من محلاتها، ومنعهم من التوجه إلى الأسواق الصهيونية منها تل بيوت والكينيون ورامي ليفي وبغ شوب وغيرها. وطالبوا دائرة الأوقاف الإسلامية ودار الفتوى وقاضي القضاة الحديث عبر خطب يوم الجمعة عن الهجمة التي تتعرض لها المدينة والأسواق من قبل الحكومة الصهيونية والمتطرفين اليهود. وتساءلوا عن دور إتحاد الغرف التجارية وغرفة تجارة القدس حيال ما يجري لهم دون تحريك ساكن.......!! ملاك السوق يستنكرون ويؤكدون أنهم سيكلفون محاميا لإيقاف الحفريات وفي اتصال هاتفي مع أحد مالكي سوق نسيبة قال المهندس محمد نسيبة " إن هذا السوق لنا ولا يحق للمتطرفين الاعتداء عليه أو القيام بأي أعمال حفريات، فهذا اعتداء صارخ والملكية واضحة وأصحاب الملك موجودين " آل نسيبة " والوقفيات الخاصة بملكيتنا لهذا السوق والحكر موجودة لدى دائرة الطابو التابعة لدائرة الأوقاف الإسلامية، كذلك الملكية موجودة وكواشين الطابو. وأوضح أن الاعتداءات على السوق بدأت منذ عام 67 وقامت عائلة نسيبة بإيقافها، وقد تكررت الاعتداءات وفي كل مرة تتدخل العائلة وتبلغ الشرطة الإسرائيلية وتثبت ملكيتها لهذا السوق، وينسحب المتطرفون، وقد استمرت الاعتداءات خلال فترة السبعينات. وأضاف " وفي الثمانينات بدأ المستوطنون يعتدون على سطح الصبرة"سوق نسيبة"، حيث قاموا ببناء ملاعب للأطفال اليهود المجاورين، ثم وضعوا جسرا خشبيا يربط بين بناء مدرسة غاليتسيا والصبرة، وقد توجهنا للمحكمة وأوقفناهم، وبعد عدة سنوات إدعى المستوطنون أنهم استأجروا من حارس الأملاك المتروكة، فذهبنا وأظهرنا أننا نحن أصحاب الملك، وان هناك كواشين طابو بأسماء أفراد العائلة بينهم المرحوم زكي نسيبة وعدد من أفراد العائلة تثبت ذلك، وذهب مدير الأملاك في دائرة الأوقاف الإسلامية، وشهد في المحكمة أن هذا العقار حكر إلى آل نسيبة وأن العائلة تدفع الحكر باستمرار، واستمرت المحكمة سنوات، حيث توجهنا للمحكمة المركزية ثم العليا وفي النهاية تم إصدار حكم ضدنا بدعوى أن عدد المتقدمين من أصحاب الملك للاعتراض لا يتجاوز النسبة اللازمة للاعتراض، وبالتالي بقيت القضية على وضعها، وكان ذلك في أواخر الثمانينات وأوائل التسعينات. ونوه إلى انه جرت في تلك الفترة مهزلة كبيرة لدى دائرة الطابو الصهيونية، وقال " فعند ذهاب محامي العائلة لدائرة الطابو لطلب كوشان زكي نسيبة، فبحثوا عنه ووجدوه، ولكنهم طلبوا منه الحضور في اليوم الثاني للحصول عليه، وقد فوجئ عند ذهابه لأخذه بإنكارهم وجود هذا الاسم والكوشان لديهم، علما أن الشخص المسؤول في الطابو توجه للمحكمة وشهد بذلك " أنه كان موجود وفقد في اليوم الثاني "، ولكن إذا غريمك القاضي لمن تشكي.....!!، وهذا التلاعب بأوراق رسمية في دائرة حكومية دليل على أنهم لا يسألون عن قانون أو حقوق الآخرين، وأن المحاكم الإسرائيلية غير عادلة وتضيع حقوق الناس، ومنذ ذلك الوقت حتى يومنا هذا لم يحرك ساكن. وأشار إلى أنه فوجئ قبل ثلاثة أيام بأحد المسؤولين يبلغه عن وجود اعتداء على السوق يتمثل بالحفريات وإزالة الأتربة. وأكد نسيبة أنه سيكلف محاميا لمتابعة القضية لإيقاف الحفريات والاعتداءات وإثبات أن " سوق نسيبة " يعود لعائلة نسيبة. سوق نسيبة... سوق الصاغة القديم يذكر أن سوق نسيبة المعروف باسم " سوق الصاغة القديم " يقع تحت الصبرة وسميت بهذا الاسم لوجود أشجار الصبار فيها، وتبلغ مساحة السوق ما بين ثلاث إلى أربع دونمات، وقد إنهار منذ نحو 800 عام، وأصبح مليء بالأتربة، ومن المعروف أن هذا السوق يقع جنوبي البلدة القديمة وهو محاذي لسوق الخواجات والعطارين واللحامين، وهو من الأملاك الوقفية الذرية وتعود ملكيته لعائلة نسيبة.