سألتني ابنتي الصغيرة بدهشة حقيقية وهي تطالع صور المرشح بالإكراه المعلقة على جانب الطريق، وقالت: لماذا ينظر هذا الرجل إلينا بقرف يا ماما؟. فرددت لها السؤال: كيف؟ قالت: انظري إليه. إنه ينظر لي بقرف، أليس مرشحا للرئاسة، ووضع هذه الصور حتى يحبه الناس ويختاروه؟ فلماذا ينظر إلي بقرف .. وينظر إليكِ بقرف، وإلى بابا بقرف، وإلى كل هؤلاء الناس.. ينظر بقرف إلينا جميعا؟! سكتت قليلا ثم قالت بضحك: انتخبوا الرئيس القرفان. أجبرتني كلماتها البسيطة على مطالعة الصور التي كنت أتحاشاها كظما للغيظ .. وتساءلت أي مصور هذا الذي التقط صور مفعمة بالنقمة على الناظرين، بشعار تهديدي: الأمر ما سترى لا ما تسمع؟! لكنني لم أجد الأمر مستغربا، وأن العيب بالتأكيد ليس في المصور، إن المرشح الإجباري لا يريد بالصور أن يحبه الناس وينتخبوه كسائر المرشحين في العالم، بل إنه يبادر بالانتقام عبر الصورة، ويبثنا قرفه وضيقه، ونقمته ووعيده. ترى أيكون هذا القرف نقمة على ما أصاب صديق عمره، من زعزعة للملك، ومساءلة في المحكمة وحكم خلف القضبان؟ أم هي حالة قرف تنتاب كبار السن الذين يشعرون بالوحدة وتبدل الأحوال التي ألفوها، وخاصة عندما يضطرون لمواجهة أجيال شابة ثائرة فائرة .. واثقة في نفسها متماهية مع أوطانها؟ وأيّا ما كان سبب القرف الذي انتقل للأطفال قبل الكبار.. فقد وجدت نفسي أناشد المحكمة الدستورية: اعزلي يرحمك الله، اعزلي "كنا نعزل والقرآن ينزل".. اعزلي فالعزل أهون من الإجهاض.