أوكرانيا لا يمكن لها أن تنضم لحلف شمال الأطلسي طالما بقت القاعدة البحرية الروسية في ميناء سيفاستوبول، وذلك حسب قوانين حلف الناتو الذي لا يقبل وجود أية قوات أجنبية عن الحلف على أراضي أية دولة عضوة في الحلف. ولكي تحقق السلطة الحاكمة في أوكرانيا حلمها بالانضمام لحلف الناتو، عليها أن تطرد الأسطول الروسي من شبه جزيرة القرم التي كانت في السابق ملكا لروسيا وأهداها الاتحاد السوفييتي لأوكرانيا. \r\n \r\n \r\n وأمام الرفض القاطع من روسيا والصيحات المتعالية من موسكو تطالب باستعادة شبه جزيرة القرم لروسيا إذا أصرت أوكرانيا على طرد الأسطول الروسي، يتصاعد الموقف بحدة وينذر بصدام قد يصل إلى حد النزاع المسلح، ولكن من سيجرؤ على الدخول في صدام مسلح مع روسيا؟ \r\n \r\n \r\n بالطبع أوكرانيا من المستحيل أن تصطدم مع روسيا، ليس لأن روسيا الأقوى، ولكن لأن الشعب الأوكراني لن يقبل أبدا أن يدخل في صدام مع جارته روسيا التي يرتبط بها ارتباطا تاريخيا ودينيا واقتصاديا وثقافيا واجتماعيا. \r\n \r\n \r\n يرى خبراء مؤسسة «راند كوربوريشن»، التي هي واحدة من أكثر المؤسسات السياسية البحثية نفوذا في الولاياتالمتحدة الأميركية، احتمال استفحال النزاع بين روسيا وأوكرانيا حول قاعدة الأسطول الحربي السوفييتي سابقا في شبه جزيرة القرم، إلى درجة قد تندلع معها الحرب الحقيقية. \r\n \r\n \r\n والآن تستأجر روسيا قاعدة «سيفاستوبول» بموجب اتفاقية تنتهي في عام 2017. وفيما تأمل روسيا في تمديد هذه الاتفاقية، يتطلع البرلمان الأوكراني إلى وضع قانون يحظر وجود أي قوات مسلحة وحتى القوات الأوكرانية، عدا حرس الحدود، في القرم التي ضمها الزعيم السوفييتي خروتشوف إلى إدارة جمهورية أوكرانيا السوفيتية في عام 1954، بعدما كانت جزءا من جمهورية روسيا. \r\n \r\n \r\n وإذ تصر القيادة الأوكرانية الحالية على إخلاء قاعدة سيفاستوبول من القوات الروسية قبل عام 2017 وضم بلادها إلى حلف شمال الأطلسي، يرى بعض سياسيي روسيا مبررا للمطالبة بإعادة ضم مدينة سيفاستوبول إلى روسيا. \r\n \r\n \r\n وفي تصور الخبراء الأميركيين فإن روسيا ستحقق مرادها إذا قررت أن تنتزع شبه جزيرة القرم من أوكرانيا، خاصة أن غالبية السكان المحليين في شبه الجزيرة من أصول روسية. وفي هذه الحالة لا يستبعد أن تطلب أوكرانيا المساعدة من الغرب، إلا أن ألمانيا التي لن تقبل الحرب ستدعو الدول الغربية إلى الإقرار بحق روسيا في القرم، ولا بد أن توافقها الرأي غالبية بلدان الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، باستثناء الولاياتالمتحدة وربما بريطانيا وتركيا وعدد من البلدان الأخرى. وعندها يطرح هذا السؤال نفسه: هل تريد الولاياتالمتحدة أن ترسل جنودها ليساعدوا أوكرانيا ويضعوا بلادهم بالتالي في مواجهة مسلحة مع روسيا التي تمتلك الأسلحة النووية؟ \r\n \r\n \r\n بالقطع أن آخر شيء ممكن تصوره على الساحة الدولية، هو وقوع صدام مسلح بين روسياوالولاياتالمتحدة أو حلف الناتو، ولكن روسيا تعلم أن هناك لدى الغرب طرقا وأساليب أخرى يلجأ إليها وقت الحاجة، مثل الضغوط الخارجية واستخدام الأقليات والدول المجاورة، وخلق نزاعات إقليمية لا يكون الغرب طرفا مباشرا فيها. \r\n \r\n \r\n كل هذا متوقع، ولكن المؤكد أن روسيا ستواجه مثل هذه الأساليب بحزم شديد، يخشى أن يعاني منه الشعب الأوكراني. \r\n \r\n \r\n كاتب ومحلل سياسي أوكراني \r\n \r\n \r\n