\r\n إن الصحافيين الدوليين، الذين يهدفون إلى وضع تصور شامل لما وصلت إليه الصين حتى يومنا هذا، مصرون على اختبار حدود انفتاح وصبر الصين. وفيما يتولد الصراع بين الدولة المضيفة وضيوفها، فإن النتائج المحتملة لهذا الصراع قد تضر بشكل أكبر بالعلاقات التجارية الهشة بالفعل بين الصين وأميركا وبين الصين وعدد كبير من الدول الأوروبية. \r\n \r\n \r\n عندما فازت بكين بحق استضافة الألعاب منذ سبعة أعوام، أملت القيادة الصينية أن يظهر الحدث الدولة الصينية بأنها قوة اقتصادية ديناميكية حديثة. وبالتأكيد ستفعل القيادة الصينية كل ما في وسعها لضمان تحقيق هذا الأمر.غير أن الحدث في الوقت نفسه سيلقي الضوء على الثمن البيئي الباهظ الذي ستدفعه الصين بسبب هذا النمو وبسبب عدم استعداد الحكومة على تحمل الاختلاف معها في الرأي. \r\n \r\n \r\n كثيرون حول العالم على دراية بمعدلات النمو الرهيبة التي تحققها الصين، غير أن قليلين فقط هم الذين يعرفون الآثار السلبية لهذا النمو الرهيب والمتمثلة في التلوث الذي يطال القنوات المائية والهواء. فنحو 70% من بحيرات الصين وأنهارها ملوثة بشدة. ونصف مليار صيني لا يتمتعون بمياه شرب نظيفة. \r\n \r\n \r\n وقد حذرت اللجنة الأولمبية الدولية من أن سوء نوعية الهواء قد يتسبب في تأجيل بعض الفعاليات التي ستقام في الهواء الطلق. فوجود صور تلفزيونية تظهر اللاعبين وهم يعانون من سوء نوعية الهواء هو أخر ما تود الصين أن يعلمه العالم عنها. كما أن القلق العالمي من ظاهرة التغير المناخي والأخطار البيئية الأخرى سيتسبب في أن تتصدر أي أحداث لها علاقة بالتلوث في بكين عناوين الصحف والمجالات العالمية. \r\n \r\n \r\n بالإضافة إلى ذلك، هناك عدد وفير من الناشطين السياسيين والأجانب والصينيين الذين سيستغلون الأولمبياد لإظهار تأييد الصين لبعض الأنظمة الحاكمة القمعية في العالم مثل تلك الموجودة في بورما وكوريا الشمالية وكذلك انتهاكات حقوق الإنسان في الصين نفسها. كما يود الكثيرون في أميركا إلقاء الضوء على التهم الموجهة إلى الصين على مستوى الممارسات التجارية وخطورة المنتجات الصينية التي تدخل السوق الأميركية وكذلك الشكوك التي تدور حول إخفاء الصين للحجم الحقيقي لإنفاقها العسكري. \r\n \r\n \r\n وجاء تعامل الصين العنيف مع المعارضة في هضبة التبت ليزيد من حدة الانتقادات الموجهة إليها. فقد دعت رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي و15 آخرون من مجلس النواب الرئيس الأميركي جورج بوش لمقاطعة الحفل الافتتاحي للأولمبياد. \r\n \r\n \r\n المخاطرة بالفعل موجودة في أن تتحول الأولمبياد إلى سيرك سياسي. النشطاء السياسيون يودون إفساد ما تخطط القيادة الصينية لعمله منذ سنوات. كما أن الأولمبياد تتيح فرصا لا تقاوم لاندلاع مظاهرات سياسية لا حصر لها. \r\n \r\n \r\n وقوات الأمن الصيني لديها خبرة عريضة في التعامل مع المتظاهرين. فالبلاد تشهد عشرات الألوف من المتظاهرين سنويا، ولا شك في أن بكين ستفعل كل ما في وسعها للمحافظة على النظام أثناء دورة الألعاب الأولمبية. غير أن الحجم الفريد للأولمبياد هذا العام يمثل تحديا غير مسبوق سيتطلب أن تستمر جهود قمع الاحتجاجات طول انعقاد الأولمبياد. \r\n \r\n \r\n هل الصين مستعدة أن تأتي حركة السلام الأخضر ومنظمة العفو الدولية وغيرها من منظمات العالم إلى أراضيها وتنظم مظاهرات على شوارعها في ظل وجود صحافيين أجانب يسجلون ما يجري على الأرض؟ \r\n \r\n \r\n لا يستطيع أحد الإجابة على هذا السؤال حتى يحدث الأمر بالفعل. الصحافيون الأجانب سيسألون مئات من الأسئلة التي ليس لدى المسؤولون الصينيون الاستعداد للإجابة عليها. إن الصين ستواجه ردة فعل دولية قوية في حال أن تحنث بوعودها بالسماح للصحافيين بتغطية الألعاب الأولمبية بشكل نزيه وحر. \r\n \r\n \r\n هناك سببان وراء إمكانية أن تتسبب المواجهات بين الصين والصحافيين في بكين في ضرر غير معتاد. أولا، عندما يتعلق الأمر بأحداث هضبة التبت أو أحداث الشغب في شوارع بكين، فإنه ليس لدى الحكومة الصينية أي نية لتهدئة منتقديها في هذا الشأن. وفيما يتعلق بالوضع في دارفور فإن الإجابة الصينية ستكون كالتالي: « نحن سنعمل مع المجتمع الدولي لضمان الاستقرار والسلام». فيما يتعلق بالتبت، فإن الإجابة ستكون: «ليس هذا من شأنكم». \r\n \r\n \r\n ثانيا، فإن الاقتصاد الأميركي الهش وضغوط الحماية في واشنطن وعام الانتخابات هي كلها عوامل ستجعل الأميركيين غير مهتمين بالاحتفالات الجارية في بكين حول الأولمبياد. \r\n \r\n \r\n فالصين قد أصبحت كبش فداء سياسيا مناسبا (سواء بشكل عادل أو غير عادل) لتبرير الكثير من الأزمات التي تلم باقتصاد الولاياتالمتحدة. وأي محاولات قمع ستحدث من جانب الشرطة ضد المتظاهرين ستؤدي إلى ردود فعل عنيفة في أميركا ستحتم ردا عليها من جانب المرشحين للرئاسة الأميركية. إن العلاقات التجارية بين الصين وأميركا تعاني من مشكلات بالفعل؛ وأي ملاسنات حول الأولمبياد ستزيد الوضع سوءً. \r\n \r\n \r\n وأثناء انعقاد الأولمبياد لن تتراجع الصين ولا منتقدوها حيال أي من القضايا الخلافية. والقادة الصينيون لن يفعلوا أي شيء من شانه أن يبدو مكافأة لمن يتحدى سلطتها السياسية. كما سيجد المحللون من الحزبين السياسيين الرئيسيين في الولاياتالمتحدة في الألعاب الأولمبية فرصة لا تقاوم لإظهار برامجهم السياسية. \r\n \r\n \r\n الرئيس بوش الذي يبدو مصرا على حضور الاحتفال الافتتاحي سيجد نفسه في موقف غير مريح في حال أراد إهانة مستضيفيه وإرضاء طلبات حزبه بانتقاد سجل الصين في حقوق الإنسان. من المنطقي الاعتقاد أن هناك عددا كبيرا من المسؤولين الصينيين، بصرف النظر عما يقولونه في العلن، ينتظرون اليوم الذي سينتهي فيه الحفل ويغادر فيه الضيوف إلى بلادهم. \r\n \r\n \r\n خدمة لوس أنجلوس تايمز خاص ل«البيان» \r\n \r\n