\r\n فخلال الآونة الأخيرة، ساهم \"إيرا نيوبل\"، زميل \"جيمس\" في الفريق في تحرير رسالة مفتوحة إلى الحكومة الصينية، ندد فيها بدورها في \"الإبادة الجماعية\" المتواصلة في دارفور. جميع أعضاء الفريق وقعوا الرسالة باستثناء \"ليبرون جيمس\" و\"ديمون جونز\". وقد علل \"جيمس\" قراره بالإحجام عن توقيع الرسالة بكونه لا يملك معلومات كافية حول الموضوع حتى يتخذ موقفاً منه. أما \"جونز\"، فقد رفض التعليق على الموضوع جملة وتفصيلاً. بطبيعة الحال يمكننا أن نصدق كلماتهما، مثلما يمكننا أن نبحث عن دور للمال في ذلك. ذلك أن ل\"جونز\" عقداً مقبلاً مع شركة صينية للأحذية والملابس الرياضية؛ في حين أن ل\"جيمس\" اتفاقاً بقيمة 90 مليون دولار يجمعه مع شركة \"نايكي\"، التي لديها مصالح تجارية كبيرة في الصين. \r\n والحال أن للصين أيضاً مصالح في السودان، حيث قُتل 200000 شخص على الأقل -ونزح 2.5 مليون آخرون عن ديارهم- منذ 2003. ذلك أن الصينيين، الذين يبحثون عن مصادر جديدة للطاقة، يستثمرون مليار دولار سنوياً في السودان، ويشترون تلثي صادراتها النفطية. غير أن عائدات هذه المبيعات النفطية تساهم في تمويل المليشيا العربية المعروفة باسم \"الجنجويد\"، التي تواصل ارتكاب جرائم القتل في حق السكان غير العرب داخل إقليم دارفور. \r\n والحال أن الصينيين أبدوا مؤشرات، في وقت تستعد فيه بكين لاستضافة الألعاب الأولمبية لعام 2008، تفيد باستعدادهم لتليين موقفهم. فعلى خلفية الانتقادات التي تعرض لها من قبل أحد مشاهير هوليود بسبب قبوله العمل كمستشار فني للألعاب الأولمبية، بعث المخرج السينمائي \"ستيفن سبيلبورغ\" برسالة في أبريل المنصرم إلى الصين، يناشدها فيها المساعدة على إنهاء \"المعاناة الإنسانية\" في السودان. وبُعيد ذلك بأيام، أرسلت الصين مبعوثاً إلى الخرطوم لحث الحكومة السودانية على قبول قوات حفظ السلام التابعة للأمم لمتحدة في دارفور. \r\n والأكيد أن الصين مازالت تعرقل عقوبات لمجلس الأمن الدولي على السودان؛ غير أن ما فعله \"سبيلبورغ\" يفيد بأن الصينيين قد يستجيبون للمزيد من الضغوط الدولية. ومما لاشك فيه أن \"نيوبل\" مدرك لهذا الأمر؛ ولذلك ربط في رسالته بين دارفور والألعاب الأولمبية؛ حيث كتب يقول: \"لا تستطيع الصين أن تكون مستضيفة شرعية للألعاب بسبب تواطئها بخصوص المعاناة الكبيرة والتخريب المتواصلين إلى اليوم\". \r\n والواقع أن \"نيوبل\" ليس أول رياضي محترف يبدي اهتماماً بموضوع سياسي. فقد سبقه إلى ذلك لاعب التنس المعروف \"آرثر آشي\"، الذي ندد بنظام التمييز العنصري \"الأبارتايد\" في جنوب أفريقيا. كما قاوم الملاكم محمد علي كلاي التجنيد خلال حرب أميركا في فيتنام. بالمقابل، يرفض \"يبرون جيمس\"، الذي يعد واحداً من أفضل لاعبي كرة السلة في العالم، تحريك إصبع واحدة إزاء ما يجري في دارفور. \r\n وهنا يبدو أن \"جيمس\" يقلد نجم كرة السلة السابق \"مايكل جوردان\"، الذي لديه تجربة طويلة في إعلاء الأرباح على المبادئ. فقد رفض \"جوردان\" دعم \"الديمقراطي\" الأميركي من أصل أفريقي \"هارفي غانت\" في تنافسه مع \"الجمهوري\" (والمؤيد السابق للتمييز العرقي) جيسي هيلمز ضمن انتخابات مجلس الشيوخ عام 1990، في سباق اكتسى طابعاً عرقياً بولاية \"نورث كارولاينا\"، التي ينحدر منها \"جوردان\"، الذي قال قولته الشهيرة: \"إن الجمهوريين يشترون الأحذية الرياضية أيضاً\". \r\n بطبيعة الحال، كان التنافس بين \"هيلمز\" و\"غانت\" تنافساً سياسياً؛ بيد أن ما يحدث في دارفور جريمة كبرى في حق الإنسانية. فقد أكدت جميع منظمات حقوق الإنسان التي تتمتع بالمصداقية تواطؤ الحكومة السودانية في مذبحة دارفور؛ وحتى الصينيون يعترفون بدعمهم وتأييدهم للحكومة السودانية. ونظراً لاقتراب موعد الألعاب الأولمبية، فالسؤال الوحيد الذي يطرح نفسه هو: ماذا عسانا نفعل إزاء هذا الأمر؟ \r\n قد يقول قائل إن الألعاب الأولمبية ينبغي أن تظل محصورة في الرياضة، وبعيدة عن السياسة. والواقع أن هذا بالضبط ما يقوله الصينيون؛ حيث ندد وزير الخارجية الصيني الأسبوع الماضي بالنشطاء الغربيين واتهمهم ب\"محاولة تسييس الألعاب الأولمبية\". والحال أن الألعاب الأولمبية كانت دائماً سياسية. فقد كانت سياسية في 1936 عندما استغل أدولف هتلر الألعاب الأولمبية ببرلين لتلميع صورة الرايخ الثالث؛ وفي 1972 عندما اختطف إرهابيون 11 رياضياً إسرائيلياً وقتلوهم. كما كانت سياسية في 1976 عندما انسحبت تايوان من الألعاب الأولمبية في مونتريال احتجاجاً على اعتراف كندا بجمهورية الصين الشعبية؛ وفي 1980، عندما قاطعت الولاياتالمتحدة وعشرات البلدان الأخرى (ومن بينها الصين!) الألعاب الأولمبية بموسكو تنديداً بالغزو السوفييتي لأفغانستان. \r\n وبالتالي، فإن أولمبياد 2008 في بكين سيكون سياسياً أيضاً. والواقع أنه لا أحد يدرك هذا الأمر أكثر من الحكومة الصينية التي تأمل أن تُظهر هذه الألعاب الصين في مظهر مجتمع حديث وتقدمي. \r\n اللافت أن \"ليبرون\" لم يقرر بعد ما إن كان سيشارك في أولمبياد بكين أم لا. أما بخصوص المعركة الحقيقية، حول دارفور، فقد اختار \"جيمس\" البقاء على الهامش، وذلك من حقه بطبيعة الحال؛ على أنه من حقنا نحن أيضاً أن نصف سلوكه بالوصف الذي يستحقه. \r\n \r\n أستاذ التاريخ والتربية بجامعة \"نيويورك\" \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"كريستيان ساينس مونيتور\" \r\n