\r\n الشيء الأكثر إثارة للقلق كما يقول هؤلاء المسؤولون هو إن الأمر سيحتاج إلى عدة سنوات حتى يستطيع الجيش وقوات \"المارينز\" التعافي مما يطلق عليه بعض المسؤولين \"دوامة الموت\"، التي يقصد بها أن الوتيرة المتسارعة على الدوام لعملية تدوير القوات في مناطق القتال قد أدت إلى استهلاك ما نسبته 40 في المئة من إجمالي معدات تلك القوات، كما أدت كذلك إلى إرهاقها، ولم تترك أمامها وقتاً للتدرب على خوض أي نوع من أنواع الحرب سوى ذلك النوع الذي تقوم فيه بمواجهة المتمردين كما يحدث الآن في كل من العراق وأفغانستان. \r\n \r\n ويحذر كبار المسؤولين من أن الخطر الذي يمثله ذلك على أميركا شديد، لأنها تفتقر في الوقت الراهن إلى وجود احتياطي استراتيجي كبير من القوات البرية المستعدة للاستجابة بسرعة وحسم للأزمات الخارجية المحتملة كحدوث انهيار في باكستان، أو اندلاع نيران صراع مع إيران، أو نشوب حرب في شبه الجزيرة الكورية. \r\n \r\n والقلق المباشر الآن هو أن تتعرض الاحتياطيات الحرجة من المعدات المخزونة في الخارج إلى المزيد من الاستنزاف بسبب الزيادة الأخيرة في أعداد القوات في العراق. \r\n \r\n وقد أدلى الجنرال \"بيتر جيه. شوماخر\" رئيس أركان حرب الجيش الأميركي بشهادة أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ مؤخراً قال فيها:\"المشكلة الآن هي أنه يوجد لدينا استراتيجية دون أن تتوافر الإمكانيات الكافية لتنفيذها\". \r\n \r\n ليس هذا فحسب، بل إن الجنرال \"ريتشارد كودي\" نائب رئيس أركان حرب الجيش قد وصف مستوى جاهزية وحدات الجيش التي سيتم استدعاؤها في حالة اندلاع حرب أخرى بأنه \"دون المطلوب\" بل ومستمر في التناقص وخصوصاً بالنسبة للقوات التي سيحل عليها الدور لاحقاً للنشر في الميدان\". ولم يتوقف \"كودي\" عند ذلك بل لفت أنظار لجنة الجاهزية القتالية التابعة للجنة القوات المسلحة الأسبوع الماضي إلى أن \"تلك القوات- بالمناسبة- تمثل احتياطنا الاستراتيجي\". \r\n \r\n أما الجنرال \"بيتر بيس\" رئيس هيئة الأركان المشتركة، فقد أجاب على سؤال من قبل لجنة مجلس النواب عما إذا كان يشعر بالارتياح تجاه مستوى الجاهزية في وحدات الجيش بالقول بكل وضوح بأنه\"ليس مرتاحاً\". \r\n \r\n وأضاف \"بيس\" في معرض إشارته إلى التحديات ومناطق الصراع الحالية والمحتملة بالنسبة للولايات المتحدة:\"ما عليكم سوى أن تأخذوا جولة حول الكرة الأرضية يمكنكم البدء فيها من أي مكان: أفغانستان، إيران، العراق، سوريا، لبنان، الصومال، السودان، فنزويلا، كولومبيا، الفلبين، ماليزيا، إندونيسيا، كوريا الشمالية ثم العودة مرة ثانية إلى باكستان- وربما أكون قد نسيت بعض الدول هنا- فماذا ستجدون؟.. ستجدون أنه لا تعوزنا التحديات التي يمكن أن تجد قواتنا المسلحة نفسها منخرطة فيها في أي وقت\". ولم ينس \"بيرس\" أن ينبه في شهادته إلى أن الأمة تواجه أخطاراً متزايدة بسبب النواقص في القوات والمعدات والتدريب. \r\n \r\n وكان \"بيس\" قد قال في شهادة سابقة له أمام مجلس النواب إنه يمكن استخدام الجيش والقوات الجوية وقوات الاحتياط للتعامل مع ثلاثة أنواع من الصراعات الرئيسية التي يمكن أن تواجهها الولاياتالمتحدة (كوريا الشمالية أو إيران أو الصين) على الرغم من أنه لم يذكر تلك الدول صراحة، غير أنه قال معلقاً على ذلك: \r\n \r\n \"إن استخدام تلك القوات وأداءها لن يكون بمستوى الدقة التي نريدها، كما لن يكون وفقاً للجداول الزمنية التي نفضلها، لأننا سنكون مضطرين في تلك الحالة ونحن منخرطين في القتال إلى إعادة تخصيص الموارد وإعادة حشد قوات الحرس الوطني والاحتياط\". \r\n \r\n وأضاف \"بيس\" إن الطلب غير المتوقع على المزيد من القوات في العراق- من عشرة ألوية إلى عشرين لواء من المقرر أن يكونوا هناك بحلول شهر يونيو- هو الذي دفعه لأن يطلب إضافة 92 ألف جندي بصفة دائماً إلى قوات الجيش وقوات \"المارينز\" قائلاً إن إضافة هذا العدد من الجنود \"سوف يؤدي إلى إحداث فارق كبير في قدرتنا على الاستعداد لمواجهة الطوارئ غير المتوقعة\". \r\n \r\n وفي الواقع فإن إضافة ما يزيد عن 32 ألف جندي إلى القوات الموجودة في العراق وأفغانستان، قد أدى إلى دفع مشكلات الجاهزية إلى ما يصفه بعض المشرعين ب\"نقطة الأزمة\". \r\n \r\n علاوة على ذلك، فإنه من المتوقع أن تؤدي هذه الزيادة إلى حدوث نقص حاد في كميات المعدات العسكرية المخزونة في الخارج والتي يطلق عليها\"المخزون المموضع سابقاً\"، والتي ستكون في غاية الأهمية لتزويد القوات المقاتلة الأميركية في الخارج بسرعة في حالة اندلاع أي صراع جديد- كما يقول المسؤولون الأميركيون. \r\n \r\n ويجب أن يكون للجيش مخزون من تلك المعدات يكفي لتجهيز خمسة ألوية، على أن يتم وضع مخزون يكفي لتجهيز لواءين في الكويت، وما يكفي لتجهيز لواء واحد في كوريا الجنوبية وما يكفي لتجهيز لواءين آخرين على ظهر سفن تتواجد في \"جوام\" وقاعدة\" دييجو جارسيا\" في المحيط الهندي. ولكن المشكلة هي أن الجيش سيجد نفسه مضطراً لتفريغ كميات المخزون الموضوع على ظهر السفن لإسناد عملية زيادة القوات في العراق، وكذلك استخدام المخزون الموجود في الكويت من أجل إعادة تدوير القوات الداخلة والخارجة من البلاد. ومعنى ذلك أنه لن يبقى بعد ذلك سوى مخزون لواء واحد شبه مكتمل وهو ذلك الموجود في كوريا الجنوبية. \r\n \r\n وحول هذه النقطة يعلق \"شوماخر\" قائلاً:\"من دون تلك المخزونات المموضعة سابقاً لما تمكنا من الوفاء بالمتطلبات الناتجة عن زيادة أعداد القوات في العراق... وبعد استخدامها سيستلزم منا الأمر عامين حتى نعيد استكمال تلك المخزونات والعودة بها إلى مستوياتها السابقة وهو تحديداً ما يشكل مصدر قلق لي من الناحية الاستراتيجية\". \r\n \r\n ومما يفاقم من تلك المشكلة أن الوحدات العسكرية الموجودة في الولاياتالمتحدة ذاتها، تعاني من نقص في المعدات وأن الغالبية العظمى من تلك الوحدات مصنفة على أنها \"غير مستعدة\" للقتال وذلك بناء على المعايير الموضوعة للجاهزية القتالية سواء من ناحية المعدات أو التدريب أوالأفراد. \r\n \r\n ويقول الخبراء العسكريون إن وحدات الجيش و\"المارينز\" ستحتاج إلى فترة زمنية تتراوح ما بين عامين وثلاثة أعوام بعد انتهاء حرب العراق، وكذلك إلى17 مليار دولار سنوياً لاستعادة مستويات جاهزيتها المعداتية إلى المستويات التي كانت سائدة قبل الحرب. كما أن الجيش سيحتاج إلى 75 مليار دولار على مدى خمس سنوات لزيادة عدد الجنود الموجودين في الخدمة العاملة إلى 547 ألف جندي من509 ألف حاليا، وزيادة عدد أفراد قوات المارينز إلى 202 ألف جندي من 180 ألف جندي حالياً. \r\n \r\n ويعلق ضابط جيش يحمل رتبة كبيرة على ذلك بقوله: \"ليس هناك شك في أن وجود قوات على الأرض يعد أمراً في غاية الأهمية وإذا لم تكن هذه القوات موجودة أو كانت حركتها مقيدة لسبب أو لآخر فإن معنى ذلك هو أن قدرتنا على التحكم في مجريات الصراع وفقا لشروطنا لن تكون قائمة\". \r\n آن سكوت تايسون \r\n \r\n محرر الشؤون الخارجية في صحيفة \"الواشنطن بوست\" \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست\" \r\n