\r\n ومع احتمال زيادة العائدات النفطية لتصل إلى 100 مليار دولار خلال السنوات العشر القادمة، فإن أذربيجان رأت أن تجري لنفسها عملية ترميم كاملة تشمل إنشاء 9 جسور جديدة، وطريق دائري حول العاصمة باكو، وكذلك شبكة أنابيب مياه تبلغ تكلفة إنشائها عشرات الملايين من الدولارات. \r\n ولكن آثار الثروة النفطية لم تقتصر على ذلك فقط حيث منحت أذربيجان أيضاً استقلالية غير مسبوقة في تقرير شؤونها بنفسها، وجعلتها تأتي في مقدمة الدول التي تتولي إقامة مشروعات ربط بين الجمهوريات السوفييتية السابقة والغرب. \r\n يعلق \"ستيفن بلانك\" أستاذ دراسات الأمن القومي في معهد الدراسات الاستراتيجية التابع للكلية الحربية الأميركية على ذلك بقوله: \"لقد تمكنت أذربيجان من لعب دور أكثر استقلالية، وفي الحقيقة أن ذلك يرجع بالإضافة إلى الثروة النفطية إلى القدرات العالية لقيادتها السياسية\". \r\n بيد أن هناك آخرين يخشون من أن يؤدي تدفق عوائد النفط على أذربيجان إلى مفاقمة سجلها المعروف في الفساد وانتهاك حقوق الإنسان. يعلق \"فوكار جوجاييف\" المحلل في مجموعة الأزمات الدولية في باكو على ذلك بقوله: \"إن الكثيرين يخشون من أن يغض المجتمع الدولي الطرف عن انتهاكات حقوق الإنسان، وعن الممارسات المنافية للديمقراطية في تلك الدولة، بسبب حرصه على مصالحه التجارية معها، وبسبب الأهمية الاستراتيجية التي أصبحت تتمتع بها\". يذكر أن رئيسا أذربيجان وجورجيا ورئيس الوزراء التركي قد اجتمعوا في السابع من شهر فبراير الماضي في \"تبليسي\" لافتتاح مشروع طموح عبارة عن خط للسكك الحديدية، يصل طوله إلى 160 ميلاً، وتبلغ تكلفة إنشائه 420 مليون دولار، ويربط بين الدول الثلاث، ويتوقع أن يتم الانتهاء منه في نهاية عام 2008. \r\n وتعتبر أذربيجان من أكثر الدول التي ستستفيد من ذلك الخط لأنه سيمكنها من نقل 20 مليون طن من البضائع عبر تركيا إلى هدفها المأمول وهو أوروبا. \r\n يعلق \"خاذار إبراهيم\" المتحدث باسم وزارة الخارجية الآذرية على ذلك بقوله: \"إن أذربيجان تريد أن تصبح قريبة إلى أوروبا بقدر الإمكان وأعتقد أن خط السكة الحديدية هذا يمثل خطوة مهمة على هذا الطريق\". \r\n وأوروبا من جانبها تريد تعزيز علاقاتها التجارية مع أذربيجان أيضاً، أو على الأقل هذا هو ما يمكن فهمه من تصريح المستشارة الألمانية \"أنجيلا ميركل\" التي تتولى بلادها رئاسة الاتحاد الأوروبي. فعقب اجتماع ضمها مع الرئيس الأذري \"إلهام علييف\" في ألمانيا أدلت المستشارة بتصريح قالت فيه إن ألمانيا \"لها اهتمام جدي بتوسيع نطاق العلاقات الاقتصادية المشتركة مع أذربيجان\". وليس هناك من دليل على تزايد نفوذ أذربيجان مما حدث في شهر ديسمبر الماضي، عندما قررت روسيا زيادة أسعار الغاز المصدر إلى جورجيا بمقدار الضعف، كوسيلة للضغط على تلك الدولة التي وصلت علاقة روسيا بها إلى درجة من السوء لم يسبق أن وصلت إليها من قبل. \r\n وعلى إثر ذلك تدخلت أذربيجان، وقالت إنها ستقوم بتوريد الغاز إلى جورجيا بالأسعار المخفضة، وهو قرار اعتبره \"فارس إسماعيل زاده\" المحلل السياسي الذي يتخذ من باكو مقراً له \"قراراً استراتيجياً كان الهدف منه مساعدة جورجيا على الخروج من أزمتها على الرغم من الضغوط التي تعرضت لها من قبل روسيا\"، وعلى إثر ذلك قررت موسكو مضاعفة أسعار غازها المُصدّر لأذربيجان على رغم اتفاقية كان قد تم توقيعها بين الدولتين، تعهدت فيها روسيا بأن تظل الأسعار ثابتة حتى عام 2009، وهو ما اعتبرته أذربيجان محاولة من جانب روسيا للضغط عليها وإجبارها على إيقاف تصدير النفط الذي تحصل عليه بأسعار مخفضة منها، وهو ما رد عليه الرئيس \"إلهام علييف\" بتصريح قال فيه إن بلاده \"لن تخضع للابتزاز التجاري\". \r\n \r\n مراسل \"كريستيان ساينس مونيتور\" في تبليسي - جورجيا \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"كريستيان ساينس مونيتور\" \r\n