\r\n لكن قبل الوصول إلى الطريق المسدود، قال \"كريستوفر هيل\"، المبعوث الأميركي إلى كوريا الشمالية، إنه عقد اجتماعاً \"طويلاً وصريحاً\" مع نظيره الكوري الشمالي \"كيم كي جون\" يوم الأحد الماضي. هذا الاجتماع الذي ولد انطباعاً متشائماً لدى الدبلوماسي الأميركي من أنه لن يتم التوصل إلى أي اتفاق في القريب العاجل. وفي هذا الإطار يعتزم المفاوضون إنهاء المحادثات، في ظل التشاؤم السائد بين باقي المبعوثين الدوليين بشأن إمكانية تحقيق اختراق ما في اليوم الأخير للاجتماع. وفي غضون ذلك كشف موجز للاتفاق المقترح يتداوله صناع القرار في واشنطن أنه حتى في حالة موافقة كوريا الشمالية على تنفيذ الخطوات الأولية المتمثلة في إغلاق مفاعلها النووي الرئيسي والسماح للمفتشين الدوليين بالعودة إلى البلاد، فإنه لا يوجد هناك موعد زمني محدد تلتزم بموجبه \"بيونج يانج\" بتسليم أسلحتها النووية بالإضافة إلى الوقود النووي الذي نجحت في إنتاجه طيلة السنوات الأخيرة. وكما يوضح الموجز ذلك لن تقوم كوريا الشمالية بتسليم ما لديها إلا بعد التوقيع على اتفاق ثانٍ. \r\n \r\n والواقع أن الاتفاق الذي فاوض بشأنه \"كريستوفر هيل\"، مساعد وزيرة الخارجية الأميركية، قادر فعلاً على منع كوريا الشمالية من إنتاج المزيد من الأسلحة النووية، لكنه يؤجل المناقشات حول الأسلحة والوقود المخزن لديها إلى أجل غير مسمى. وقد ألمح \"كريستوفر هيل\" أنه في حال عدم التوصل إلى اتفاق يمكن أن تجرى مباحثات للمتابعة في شهري مارس وأبريل. إلى ذلك يدعو موجز الاتفاق المقترح الدول الست المشاركة في المباحثات إلى \"إنشاء مجموعات عمل للتنفيذ الكامل والسريع\" لاتفاق آخر تم التوصل إليه في سبتمبر 2005 يطالب كوريا الشمالية بالالتزام بمبدأ التخلي عن سلاحها النووي. غير أن المشكلة التي تلاحق مثل هذه الدعوة هي افتقار مبعوثي كوريا الشمالية، كما في السابق، لأية سلطات حقيقية تخولهم اتخاذ القرارات، فضلاً عن أن الاتفاق المقترح لا يضع تواريخ معينة حول الأنشطة النووية بمعزل عن إغلاق المحطة النووية في \"يونجبيون\"، والسماح بعودة المفتشين الدوليين خلال ستين يوماً؛ والاتفاق لا يجيب أيضاً عما ستحصل عليه كوريا الشمالية في المقابل. ويلقي هذا الفشل في التوصل إلى اتفاق، ولو مبدئي، مع كوريا الشمالية بعد شهرين من الاستعدادات التي أوجدت نوعاً من التفاؤل الإيجابي لدى إدارة الرئيس بوش بظلال من الشك حول إمكانية نزع سلاح بيونج يانج خلال فترة السنتين المتبقية للإدارة الأميركية الحالية. ويخشى العديد من الدبلوماسيين الآسيويين من أن تكون كوريا الشمالية قد استشعرت انشغال أميركا في العراق لتنخرط في عملية ربح الوقت في انتظار انتخاب رئيس أميركي جديد. \r\n \r\n لكنها في الوقت ذاته تعاني كوريا الشمالية من الضغوط الدولية بفضل فعالية العقوبات المالية، لاسيما تلك الموجهة للرئيس \"كيم يونج إيل\"، وباقي القادة في كوريا الشمالية. لذا فقد تسعى كوريا الشمالية إلى انتزاع بعض التنازلات من جارتها الجنوبية التي مازالت تتمسك بالعلاقات الاقتصادية معها. من ناحيته أوضح \"كريستوفر هيل\"، المفاوض المخضرم الذي لعب دوراً حيوياً في التوصل إلى اتفاق \"دايتون\" وإنهاء نزاع البلقان عام 1995 بأن الولاياتالمتحدة لن توقع على اتفاق يوفر لكوريا الشمالية الطاقة التي تحتاجها، بينما يفشل في ضمان تخليها على المواد النووية. وفي هذا الصدد صرح في لقاء صحفي عقد يوم الأحد بالعاصمة الصينية بكين: \"نحن لن نوفر مساعدات في مجال الطاقة تمكنهم من تجنب اتخاذ خطوات أساسية نحو نزع السلاح النووي\"، مضيفاً \"نحن واعون بأنه لا يمكننا القفز إلى تلك النتيجة، بل علينا التدرج من خلال اتباع خطوات، ونحن مستعدون لاتباعها\". \r\n \r\n وفي الماضي دأبت كوريا الشمالية على المطالبة بالحصول أولاً على حوافز قبل التخلي عن قدراتها النووية التي يعتبرها النظام في \"بيونج يانج\" ورقة تفاوضه الأخيرة أمام المجتمع الدولي. وبتفصيل أكثر ذكرت وكالة الأنباء اليابانية \"كيودو\" أن كوريا الشمالية تريد الحصول على حزمة سنوية من الطاقة تبلغ مليوني طن من وقود النفط، ومليوني كيلوواط من الكهرباء مقابل بدئها في تنفيذ الخطوات الأولى من الاتفاق. وقد أوردت الوكالة أيضاً شهادات لدبلوماسيين رفضوا التعريف بأنفسهم أن كوريا الشمالية طالبت كذلك بتزويدها الفوري وعلى المدى القصير بمئات آلاف الأطنان من وقود النفط مقابل إقدامها على إغلاق محطة \"يونج بيون\". يذكر أن أي صفقة مع كوريا الشمالية ستتم مقارنتها باتفاق سابق تم التوصل إليه في عام 1994 بين إدارة الرئيس كلينتون وكوريا الشمالية. وهو الاتفاق الذي انتقده الرئيس بوش ووزيرة الخارجية كوندوليزا رايس لأنه اكتفى ب\"تجميد\" الأنشطة النووية لكوريا الشمالية، بحيث تستطيع الرجوع إليها في أي وقت، ولأنه أيضاً ترك صادرات البلاد من السلاح إلى الخارج دون مراقبة. وهكذا انهار الاتفاق الموقع مع إدارة كلينتون في عام 2002 وبدأت كوريا الشمالية وقتها في تحويل الوقود النووي المستنفد إلى سلاح نووي. ويجادل خبراء مطلعون بما جاء به مقترح الاتفاق بأن إدارة الرئيس بوش لن تقدم الكثير لكوريا الشمالية، كما أنها ستحصل على القليل منها في المقابل. \r\n \r\n وفي هذا الإطار يقول \"مايكل جرين\" الذي فاوض كوريا الشمالية كأحد أبرز المختصين في الشؤون الآسيوية بمجلس الأمن القومي حتى مغادرته قبل سنة \"إن تجميد الأنشطة في محطة \"يونجبيون\" خطوة مهمة، لكنها تظل متواضعة لأنها لا تراقب البلوتونيوم المتحصل عليه، فضلاً عن إغفاله للأسلحة الموجودة حالياً لدى كوريا الشمالية\". ويؤكد أنه لكي ينجح أي اتفاق مع كوريا الشمالية \"لابد من مواصلة الضغوط عليها\"، بحيث تمتنع كل من الصين وكوريا الجنوبية وروسيا على التعاون الاقتصادي مع بيونج يانج على نحو يقوض العقوبات التي فرضها مجلس الأمن على كوريا الشمالية. \r\n \r\n \r\n جيم ياردلي \r\n \r\n مراسل \"نيويورك تايمز\" في الصين \r\n \r\n ديفيد سنجر \r\n \r\n محرر الشؤون الخارجية في \"نيويرك تايمز\" \r\n \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"نيويورك تايمز\" \r\n \r\n