\r\n لقد وضع الجيش الاميركي في موقف حرج من ناحية اعداد القوات ومن ناحية عتادها من قبل البنتاغون في الوقت الذي تم التركيز على تكديس الاسلحة المتطورة للحروب المستقبلية بدل الاستعداد لخوض حروب اليوم. الجميع يدرك الآن الورطة التي اوقع فيها البنتاغون الجيش الأميركي. وذكر كبار القادة العسكريين انه ربما سيتوجب على ادارة بوش ان تلحس كلامها وتعود مرة اخرى لاستخدام الحرس الوطني لتعويض النقص في اعداد الجنود المتوافرين. الغريب ان هناك مشكلة حقيقية والاغرب ان احدا في واشنطن لا يبدي الاهتمام الكافي بالموضوع. ظهر ذلك واضحا عندا قرر البنتاغون بطيش ضخ المزيد من الاموال لسلاح الجو من اجل العمل على تطوير المقاتلة الشبح «اف-22». \r\n \r\n في أوائل خريف 2003 حذر المكتب المسؤول عن الميزانية في الكونغرس من ان الابقاء على مستويات عالية من القوات في العراق لأكثر من ستة أشهر سيعني اللجوء الى اساليب التمويل القصيرة ذات التكلفة الباهظة. \r\n \r\n في تلك الاثناء كان لدى البنتاغون في العراق حوالي 150 الف جندي. لأن وبعد ثلاث سنوات فإن عدد تلك القوات لم يتراجع كثيرا. \r\n \r\n خلال هذه الفترة عمل البنتاغون على التغلب على النقص في اعداد القوات من خلال تمديد فترات الخدمة للجنود واعادة من رجع الى الوطن بسرعة الى ارض الميدان من جديد وتحويل جزء من قوات الحرس الوطني المناط بها اساسا مهمة الحفاظ على الأمن الداخلي الى الخدمة العسكرية الميدانية واساءة استخدام قوات المارينز كقوة احتلال على المدى البعيد وهي قوات اعدت في الأساس لتكون رأس حربة في العمليات الحربية الهجومية. \r\n \r\n هذه الاجراءات الطارئة كان لها تأثير سلبي على الجاهزية القتالية والتدريب وعلى نوعية المجندين الجدد. \r\n \r\n الآن نشهد حدوث تراجع دراماتيكي في الوضع الأمني في العراق وافغانستان اضطر البنتاغون للاقرار بأنه لن يكون هناك سحب للجنود من هذين البلدين في المستقبل المنظور. نتيجة لذلك سيضطر البنتاغون لاتخاذ اجراءات دراماتيكية ومكلفة قريبا. أول تلك الاجراءات سيكون احداث زيادة كبيرة في عدد الألوية المقاتلة في الجيش مما سيتطلب تجنيد المزيد من الافراد وتدريبهم وتزويدهم بالمعدات الاضافية التي تكفي لعشرات الآلاف من الجنود الاضافيين. \r\n \r\n حتى الآن ينكر البنتاغون والكونغرس فداحة الوضع الحالي. ميزانية الدفاع في ارتفاع مستمر والتمويل المقترح تخصيصه لميزانية العام القادم أقل بكثير مما هو مطلوب وقد حذر قائد الأركان للجيش الأميركي من أنه لن يعود بوسع الجيش القيام بالمهام المطلوبة منه دون إحداث زيادة كبيرة في الانفاق. \r\n \r\n إن وجود جيش أكبر لا يليق مع مبدأ رامسفيلد الداعي للاعتماد بصورة أكبر على التطور التكنولوجي ان الكونغرس يرغب في اغراق المليارات على شركة لوكهيد مارتن لبناء مقاتلات الشبح التي يمكن ان تتصدى لطائرات ميج الروسية أو طائرات اف- 8 الصينية وليس ضمان الأمن في شوارع بغداد. \r\n \r\n إننا نعيش الآن في زمن أصبح فيه مقاتلة الارهابيين وعزلهم هوالمهمة العاجلة للبنتاغون وليس الاستعداد لمقاتلة دول أخرى، ان مصداقية الولاياتالمتحدة في القتال تعتمد على النوعية والكمية وجاهزية قواتها البرية وتجاهل الولاياتالمتحدة لهذه الحقيقة سيكلفها الكثير. \r\n \r\n إن أفضل ما ورد في كتاب «وود ود وورد» الذي صدر مؤخرا تحت عنوان «دولة الإنكار» هو ان المأساة التي تعيشها أميركا منذ ثلاث سنوات ونصف السنة في العراق ما هي إلا نتيجة حتمية لخليط السذاجة والرعونة التي أخذ بها بوش أو كبار المسؤولين في ادارته. \r\n \r\n أعتقد بوش ان الحرب ستكون مجرد «مشوار» و«نزهة» مما دفعه ليصم أذنيه ويرفض سماع الأصوات الكثيرة التي ارتفعت لتحذره من مغبة سياساته الاعتباطية. \r\n \r\n أظهرت ادارة بوش عدم كفاءة ظاهرة ودفنت ذلك رأسها في الرمال في الوقت الذي بدأت المقاومة العراقية تزداد زخما مع مرور الوقت ويورد كتاب «دولة الانكار» عددا كبيرا من الاخطاء التي ارتكبتها إدارة بوش خاصة رامسفيلد عندما قررت شن الحرب على العراق، ومن اهم هذه الاخطاء مايلي: \r\n \r\n - اعداد وتنفيذ خطط غيرواقعية: نفذ رامسفيلد خطة الحرب التي اعدها للحملة العسكرية ولكنه لم يهتم كثيرا لفترة ما بعد الحرب والاستعداد لها. \r\n \r\n لقد رفض التوصيات الكثيرة التي قدمت له ومنها انه سيحتاج إلى 450 ألف جندي لتأمين العراق وبدل ذلك ارسل فقط ثلث القوة المطلوبة وتجاهل رامسفيلد الخطوط العريضة التي وضعتها وزارة الخارجية من اجل منع حدوث عمليات نهب وسلب وخاصة لمخازن الاسلحة، وهو ما جرى بالفعل. \r\n \r\n عمل رامسفيلد على ابعاد باقي مراكز القرار الاميركية عن شأن العراق فيما يتعلق بالقرارات والتخطيط ولكن يرفض باستمرار تلقي اي مكالمات هاتفية من كوندوليزا رايس التي كانت تشغل منصب مستشارة الأمن القومي. \r\n \r\n - رفض تغيير الطريق: كان بالامكان تجنب الكثير من الكوارث لو تم تغيير الطريق في الوقت المناسب وقد ابلغ جي غارنر الحاكم الاميركي الأول للعراق رامسفيلد بوجود ثلاثة اخطاء يمكن معالجتها وهي حظر توظيف الاعضاء السابقين في حزب البعث في الإدارات الحكومية وحل الجيش العراقي ووضع قيادة عراقية في الواجهة للحكومة الجديدة والابقاء على القيادات الاجنبية لتعمل خلف الستار لم يتم الاخذ بأي من هذه التوصيات مما حرم الآلاف من المقاتلين العراقيين جيدي التدريب من وجود اي خيارات امامهم سوى الانضمام للتمرد ومحاربة الغزو. \r\n \r\n ويقال ان وزير الخارجية الاميركي الاسبق هنري كيسينجر انتقد بصورة نادرة في احد مجالسه الخاصة الرئيس بوش على عدم اخذه بالبدائل المتاحة لتغيير الطريق في العراق. \r\n \r\n - تضليل الرأي العام: كان هناك فرق كبير بين الصورة الحقيقية التي لدى الإدارة الاميركية عن الاوضاع في العراق وتلك الصورة الواعدة التي كانت تقدمها للرأي العام. في مايو 2005. \r\n \r\n على سبيل المثال ذكر نائب الرئيس ديك تشيني في احدى محطات التلفزة العالمية ان المقاومة العراقية تشهد آخر نبضات الحياة فيها في الوقت الذي كان يدرك الرئيس بوش ان وضع المقاومة يزداد قوة وزخماً. \r\n \r\n ويلمح وود وورد إلى دور نفسية الاب - الابن ويقول ان بوش الابن اختار دونالد رامسفيلد ليكون وزير الدفاع من اجل ان يثبت ان موقف والده كان خاطئاً تجاه رامسفيلد الذي كان ينظر إلى رامسفيلد كشخص ارعن ذي صفات ميكافيلية. وذكر الرئيس الحالي بوش في احدى المرات ان احد الاسباب التي دفعته للاطاحة بصدام هو سعي صدام قتل والده. وأدرك بوش الاب المطبات الكثيرة المحتملة في العراق وقرر بالتالي عدم غزو العراق وكتب يقول عام 1998 في كتاب شارك في تأليفه «ان الاطاحة بصدام ستتسبب بتكاليف انسانية وسياسية لا تحصى» وخلص بوش الاب للقول: «لو احتللنا العراق فان هذا يعني اننا سنحكمه.. لن يكون هناك عندها استراتيجية خروج قابلة للتطبيق». \r\n \r\n عندما انتخب الاميركيون بوش الابن ظنوا انه سيكون لديه حكمة والده في مجال السياسة الخارجية وبدل ذلك تحالف مع المحافظين الجدد الذين سارعوا إلى محاولة اعادة ترتيب الاوضاع في الشرق الاوسط. كان بوش الوالد يعرف أكثر من ابنه وعرف الابن ما كان يعرفه الوالد ولكن متأخراً جداً. \r\n