\r\n في تلك المحاكمة صاح المدعى العسكري بها: \"ليس هناك أحد أساء إلى زيه العسكري وعرّض القوات المسلحة الأميركية للعار مثلما فعلت\". إذن الإساءة للزي العسكري- وليس الإخلال بمعايير السلوك الأخلاقي المتحضر لهذه الأمة- كان هو السبب في وقوف \"إنجلاند\" وراء القضبان والزج بها في غياهب السجن في النهاية. \r\n \r\n يعني هذا أن \"إنجلاند\" ومجموعة المحققين العسكريين الذين ارتكبوا تلك الانتهاكات المشينة في سجن \"أبوغريب\" لو كانوا من المدنيين، لما كانوا قد دخلوا السجن، ولكانوا قد اعتبروا ضمن تلك الفئة المميزة من المحققين الذين قرر الرئيس بوش وممثلي الحزبين \"الجمهوري\" و\"الديمقراطي\" في الكونجرس إبقاءهم في وظائفهم وحمايتهم من أي محاكمة مستقبلية. انتهاكات \"أبوغريب\" صارت رمزاً لذلك النوع من السلوك المنفر والمقيت الذي لم تجرؤ المناقشات الأخيرة التي دارت حول طرائق الاستجواب السماح بها، والتي لا يمكن لأحد إدراجها ضمن \"وسائل الاستجواب الخشنة\" وهو التعبير الذي يستخدمه بخفة وطيش كُتاب مثل \"ديفيد بروكس\" في \"النيويورك تايمز\"، لتبرير الوسائل المستخدمة في انتزاع المعلومات. \r\n \r\n وإليكم هذه النكتة المريرة: أن \"ليندي إنجلاند\" قد أدينت لأنها فعلت ما فعلته وعلى شفتيها ابتسامة استهزاء، ولأنه قامت بتخويف المساجين بافتعال حركة المسدس، ولأنها فعلت ذلك مع رجال عرايا لا حول لهم ولا قوة، وليس لأنها وضعت قيوداً وأغلالا على أيدي وأقدام هؤلاء الرجال في أوضاع صعبة، وليس لأنها نزعت عنهم ملابسهم، وحرمتهم من النوم، وأجبرتهم على الوقوف لساعات بل لأيام ورشت عليهم الماء المثلج في الليالي الباردة وحرمتهم من التدفئة والطعام أو أجبرتهم على الخضوع لضجة هائلة أو صراخ مستمر وهي بعض \"أساليب الاستجواب الخشنة\" التي يشير إليها البعض. \r\n \r\n على الرغم من التنازل الذي قدمه السيناتور \"جون ماكين\"، عضو مجلس الشيوخ الأميركي عن ولاية أريزونا، فإن أياً من تلك الفظاعات لم يتم تحريمها بشكل صريح في التشريع الذي قام الكونجرس بتمريره توا، والذي يوشك الرئيس بوش على التوقيع عليه. \r\n \r\n ووسائل الاستجواب لم تكن من ضمن الأشياء التي خضعت للمحاكمة في محاكمات \"أبوغريب\" لأن كل التركيز كان على تلك الأشياء التي قام بها الجنود على سبيل\" التسلية\" أو على سبيل \"المزاح\". أما باقي أساليب ترويع هؤلاء السجناء التي وصفها أحد الرقباء المشرفين على السجن بأنها\" أساليب عقابية لإخافة المساجين\" بغرض إجبارهم على الاعتراف فقد اعتبرت كاستكمال لعمليات الاستجواب وبالتالي مضت دون عقاب. \r\n \r\n وعندما سألت \"إنجلاند\" عما فعلت قالت:\"لقد قمنا بإذلالهم فقط وكان من الممكن أن يكون الأمر أسوأ\". كان الأمر كذلك بالفعل لشخص اسمه نضال جمادي مات في حمام في سجن \"أبوغريب\" بعد تحقيقات أجراها معه محققون مدنيون قيل إنهم من \"السي.آي.إيه\". وفيما بعد ظهر جنود أميركيون وهم يبتسمون بجوار جثته في حين اختفى المحققون ولم يتم توجيه الاتهام لأحد عن مقتله. \r\n \r\n هناك العديد من الحالات التي يمكن أن نستشهد بها للحديث عن الانتهاكات الرهيبة التي مرت دون عقاب، وهناك العديد من الحالات التي رفعت المعارضة صوتها تجاهها ولكنها تركت الأمر للرئيس بوش بعد ذلك كي يقوم بوضع \"مجموعة من القواعد البديلة\". \r\n \r\n هذا كل ما حدث. أين الغضب العارم؟ هل تعود الكثيرون على القسوة كما تعودت \"إنجلاند\" والآخرون، هل تعود المواطنون الأميركيون وتعود الإعلام والسياسيون على ذلك وأصبحوا لا يتأثرون بمشاهد الرعب. \r\n \r\n على ما يبدو أن سنوات من التعود على الإساءات وعلى الحروب كان لها تأثير مخدر على أمتنا ولذلك فإن تلك المجموعة من القوانين الجديدة المسماة، \"مجموعة بديلة من الإجراءات\"، حصلت على تصديق من الكونجرس، وتصديق من النواب \"الديمقراطيين\" ومن السيناتور \"ماكين\"، فما قيل إنه تنازل من جانبه للسماح بتمرير المشروع، لم يكن سوى موافقة ضمنية تتخفى تحت رداء المعارضة الشجاعة. لقد انقلبت الأمور مثلما حدث في \"أبوغريب\"، فأصبح الأعلى هو الأسفل وأصبح النهار ليلاً. \r\n \r\n \r\n \r\n جون وايبيجيوسكي \r\n \r\n مراسل مجلة \"هاربر\" في محاكمات \"أبوغريب\" بفوت هود- كاليفورنيا \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست\" \r\n \r\n