ومن شمال افريقيا الى جنوب شرق آسيا، كما يشير استطلاع عالمي للرأي اجرته مؤسسة جالوب، أكدت أغلبيات ساحقة (91 - 95%) أنها لا تصدق أن الولاياتالمتحدة جديرة بالثقة أو صديقة، أو تعامل الدول الأخرى بإحترام، أو أنها تهتم بحقوق الانسان في الدول الأخرى (80%). وخارج العراق، يوجد اتفاق تفوق نسبته 90% وسط المسلمين على ان غزو العراق ألحق ضرراً يفوق أي نتيجة ايجابية، فكيف كان رد الإدارة؟ في عالم اصبحت الحرب على الارهاب العالمي مرادفاً في عقول كثير من المسلمين (والآخرين) لحرب ضد الاسلام والعالم الاسلامي، أعادت الإدارة الأمريكية تأكيد أهمية الدبلوماسية الشعبية وعينت مسؤولة رفيعة موهوبة وصديقة حميمة لبوش، هي كارين هيوز، وتحدثت عن حرب الأفكار. \r\n \r\n ولكن ردود فعل إدارة بوش على أزمتي غزة ولبنان أثرت سلباً في صدقية الرئيس الأمريكي وحربه على الإرهاب. وقد غضت الولاياتالمتحدة الطرف عن شن "إسرائيل" حربين ضحاياهما الأساسيون من المدنيين الأبرياء. واخفقت واشنطن في دعم وساطة الأممالمتحدة في وجه انتهاكات صريحة للقانون الدولي واستخدام "إسرائيل" للعقاب الجماعي، ولسياسات في غزة وصفتها منظمة العفو الدولية بأنها جرائم حرب. ورفضت إدارة بوش الالتفات الى نداءات بوقف اطلاق النار وتدخل الأممالمتحدة واستمرت في تقديم المساعدات العسكرية ل "إسرائيل". \r\n \r\n وقد اصبحت الولاياتالمتحدة بدعمها غير المشروط ل "إسرائيل" شريكاً ليس فقط في عمل عسكري ضد ناشطي حماس ومقاتلي حزب الله فقط بل في حرب ضد حكومتين منتخبتين ديمقراطياً في غرة ولبنان، وهو حليف قديم للولايات المتحدة، وقد أدى "الرد غير المتناسب" على اسر حزب الله جنديين "إسرائيليين" وقتل ثمانية آخرين في 12 يوليو/ تموز الجاري إلى مصرع أكثر من 400 مدني وتشريد أكثر من 700،000 نسمة وتدمير بنية لبنان التحتية، وان ضحايا قصف لبنان هم مئات الآلاف من المدنيين الأبرياء وليس الارهابيين. \r\n \r\n وعندما وجه السكرتير العام للأمم المتحدة كوفي أنان انتقاداً للقصف "الإسرائيلي" للبنان بوصفه "استخداماً مفرطاً للقوة" صدرت صحيفة "نيويورك تايمز" في اليوم التالي، وهي تحمل عنواناً رئيسياً يقول ان الولاياتالمتحدة تسرّع تسليم القنابل ل "الإسرائيليين": فهل يعجب المرء من تحدث مراسلي الأخبار في العالم العربي عن الحرب "الإسرائيلية" الأمريكية؟ ويتحدث زعيم ديني مسيحي غربي مقيم منذ مدة طويلة في لبنان عن "اغتصاب لبنان"، ويتحدث آخر في جنوب شرق آسيا، كما قال احد المراقبين، ويقول "ان الماليزيين يقولون لبوش: إنس الحرب على الارهاب، فهو يؤجج الإرهاب". \r\n \r\n وليست هناك إجابات سهلة، ولكن، وكما قال جون فول، ان غزو "إسرائيل" للبنان قبل 24 عاماً أثبت أن الرد العسكري الساحق ليس هو الحل. وتحتاج الإدارة الى الرد بالتنسيق مع المجتمع الدولي والمنظمات الدولية كالأممالمتحدة. ويجب على امريكا ان تكون في مقدمة الداعين لوقف اطلاق نار فوري وغير مشروط والى تسوية عن طريق المفاوضات، ويجب ان تكون متبرعاً رئيسياً لإعادة إعمار البنيات التحتية في غزة ولبنان. وفي الوقت الذي يتعين فيه ان لا يتأثر التزام امريكا بحماية وجود "إسرائيل" وضمان أمنها، فإن مصالح أمريكا القومية وصدقيتها، ليس فقط في العالم العربي/الإسلامي وإنما في العالم اجمع، تعتمد على قدرتنا على تحقيق التوازن المطلوب. وينبغي ألا تكون هناك استثناءات في السياسة الأمريكية للعرب أو "الإسرائيليين" عندما يتعلق الأمر بالإستخدام غير المتناسب للقوة والحرب العشوائية التي يمثل المدنيون الأبرياء ضحاياها الأساسيين، وبالعقاب الجماعي والانتهاك الواسع النطاق لحقوق الانسان. \r\n \r\n \r\n \r\n * استاذ الدين والشؤون الدولية في جامعة جورجتاون ومؤلف كتاب "الحرب غير المقدسة: إرهاب باسم الإسلام". \r\n